الهدف الرئيسي للشركات اليوم هو بيع نفسها، بدلاً من بيع منتجاتها.

عندما ننظر إلى عالم الأعمال الحديث، نجد أن الشركات تتنافس بشكل مستمر لجذب انتباه الجمهور وبيع منتجاتها، ولكن ما يثير الدهشة في هذا السباق هو كيف أصبحت الشركات تتباهى بالقيم والمبادئ التي تدعمها، بدلاً من التركيز على جودة المنتج نفسه.


في السابق، كانت الشركات تسعى جاهدة لتحقيق التميز في صناعة منتجاتها وخدماتها، كانت المنافسة تقوم على أساس منافسة الجودة والابتكار، حيث كانت الشركات تعمل بجد لتطوير المنتجات وتقديمها بأعلى مستويات الجودة للعملاء.

ولكن اليوم، يبدو أن الأمور قد تغيرت تمامًا، في عالمنا الحديث، يتسابق رواد الأعمال لتصميم شعارات ملونة وحملات إعلانية مذهلة، مع التركيز على القيم والمبادئ التي يدعمونها، فمن الواضح أن الهدف الرئيسي للشركات اليوم هو بيع نفسها، بدلاً من بيع منتجاتها.


دعونا نلقي نظرة على بعض الأمثلة المثيرة للاهتمام:


١ - "شركة شامبو الطبيعة النظيفة": تعلن الشركة عن رؤيتها الثورية في إنتاج منتج يحمي البيئة وبمواد قابلة لإعادة التدوير، ولكن هل حقاً يهتم المشترون بذلك؟ أم أنهم يبحثون فقط عن شامبو ينظف شعرهم بشكل جيد؟ ربما يجب على الشركة أن تضع تأكيدًا على جودة المنتج، بدلاً من التركيز على الرسالة البيئية.


٢- "شركة الأحذية الراقية": تشتهر الشركة بترويج قيم العدالة والإنصاف والمساواة، لكن هل فكرت يومًا في دفع 1000 دولار أو بيع كليتك مقابل حذاء يتحطم بمجرد المشي على أرضية غير مستوية؟ لا شك أن قدمك ستكون على موعد مع تجربة مدهشة!


٣- "شركة لذة طبيعية للشوكولاتة العضوية": تتباهى الشركة بمبادئها البيئية ودعم المزارعين المحليين، لكن ما الفائدة إذا كانت شوكولاتتها باهتة المذاق وتشبه أوراق الشجرة المجففة؟ قد تدفع ثروة لتجربة حبة من "لذة طبيعية"، ولكنك ستحتاج إلى إرباك ذوقك ومشاعرك لتتمتع بها!


٤- "الشركة المتطورة للتكنولوجيا الحافية": تُعلن الشركة المتطورة للتكنولوجيا الحافية أنها تسعى لتطوير التكنولوجيا لصالح البشرية وتسهيل حياة الناس، بالإضافة لتأييدها للتعليم والتكنولوجيا في المدارس.

ومع ذلك، تصدر الشركة هواتف ذكية بأسعار خيالية، وتقوم بإضافة ميزات زائدة لا يحتاج إليها المستخدمون حقًا.

بالإضافة إلى ذلك، تحجب الشركة التحديثات البرمجية الهامة عن بعض الأجهزة القديمة لتحفز المستخدمين على شراء الأجهزة الجديدة.

وبالطبع، تتباهى الشركة بمفهوم التكنولوجيا المبتكرة والثورية بدلاً من التركيز على جودة الأداء الفعلية.


٥- "شركة المثلجات للجبناء": هي شركة الجبناء الذين يعتقدون أن تناول الآيس كريم هو السبيل لتحقيق التغيير الاجتماعي، هم جاهزون للقفز على أي قضية ساخنة لكسب النقاط من الشباب الناشط.


٦- "القهوة العدلية الاجتماعية المتطورة": هل ترغب في تناول فنجان من القهوة المميزة التي تحتوي على مزيج من النكهات والتحديات الاجتماعية؟ اذهب إلى "القهوة العدلية الاجتماعية المتطورة"، حيث يُزرع البن بواسطة مزارعين يرتدون قمصانًا قطنية ويستخدمون أدوات تقليدية.

استمتع بنكهة العدالة والاستدامة مع كل رشفة، بغض النظر عن طعم القهوة الفعلي.



ربما يرى بعض الناس أن هذه الانتقادات غير عادلة، وأن الشركات تحاول فقط أن تكون أكثر اهتمامًا بالمجتمع والبيئة، ولكن علينا أن نعترف بأن الهدف الرئيسي لأي شركة هو تحقيق الربح.

ومن الأفضل أن تكون الشركات صادقة مع الجمهور وتركز على تقديم منتجات عالية الجودة، بدلاً من الاعتماد بشكل كبير على التسويق الذكي واللعب على الجانب العاطفي للجمهور، لبيع منتجاتها بأسعار خيالية، فقد أصبح من الرائج اليوم تصميم علب منتجات ملفتة للنظر، تحمل شعارات قوية وتعبيرات فنية مذهلة، ولكن في النهاية تكون المنتجات نفسها ضعيفة الجودة.


وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية قد تنجح في جذب انتباه البعض، إلا أنها لا تتفوق على الجودة الفعلية للمنتج. إذا كانت الشركات ترغب في تحقيق النجاح المستدام، فعليها أن تعيد التفكير في استراتيجياتها وتضع الجودة في مقدمة أولوياتها مرة أخرى، فالجودة والقيمة الفعلية للمنتجات هي ما يبقى في ذهن المستهلكين على المدى الطويل.


أما بالنسبة لنا، عندما يتعلق الأمر بالقيم والمبادئ، فلنتأكد من أننا لا ندفع ثروتنا مقابل هواء ساخن، لنترك الشركات تتباهى بالقيم التي تدعمها، ولكن لنكن أذكياء ونتأكد من أننا نحصل على جودة منتجاتنا بأسعار معقولة.

تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة