كلنا نشتاق الى تلك الايام المعطرة برائحة المحبة والدفئ التي كانت تجمعنا تحت غطاء واحد فليت هذه الايام تعود


كم كانت أيام جميلة.... جميلة بعفويتها ،ببرائتها ،ببساطتها ...لازلت اتذكر تلك الأيام والليالي.. عندما كنا نجتمع مع ابي وأمي وجدي وجدتي. كانت حياتنا بسيطة جدآ لكنها بريئة مملؤة بلسعادة ليس فيها نوع من الحقد او التكبر او الكراهية..كانت هذه الجلسات اشبه بخطبة الجمعة وسببآ في قيمنا وأخلاقنا نتعلم منها الدروس والعبر، فعندما يتحدث كبير العائلة كلجد اوالجدة او الاباء نجتمع بشكل دائري متشوقين لنستمع لحديثهم

حيث كانا يبدأآن بحكاية في صلبها شيء عميق هكذا كان عنصر التشويق ...لازلت اذكرُ تلك الأيام عندما كنا في فصل الشتاء نجتمع تحت غطاء واحد وعلى ضوء الفانوس نستمع الى صوت الذكريات القديمة ....جدي يتكلم ونحن نستمع وأحدنا يرسم على الشباك تلك الذكريات... واخي الصغير يلعب بلعبته الصغيرة.. واختي الرضيعة ترقد الى النوم في حضن أمي ... نستمع ونعيش الذكريات باحداثها كانت مشوقة جدا ، فيزاداد جمال تلك الذكريات ويأتي ابي ليحضر معه ألبوم الصور القديم فنجتمع حوله كلنا فننظر اليها ونتسابق في تذكر الايام القديمة..... لاأستطيع أن انسى تلك اللحظات وكم كنا نستمتع فيها رغم بساطتها عندما ننام انا واخوتي متمددين بلقرب من التلفاز ونشاهد عدنان ولينا، وساندي بيل، ونتشوق لاكمال حكاية سندريلا وكيف اضاعت فردة حذائها التي كانت سببا في زواجها من الأمير ... كنا نعيدها مرارا وتكرارا ولانمل....


لازلت اتذكر تلك الجمعات بعد طعام الغداء في حديقتنا التي كان يعتني بها ابي نشرب الشاي ونقطف الورود والمشمش والتفاح والتين ونلعب في الماء ونركض ونمرح لازلت اشعر بطعم تلك الايام....



لذلك نرى ان الاسرة هي الحجر الأساس في بناء المجتمعات... فلأرتباط العائلي المتين يولد الشعور بلدفئ... فهنا يبدأ دور الام والأب في تقوية العلاقات الاسرية والاخوة ببعضها من خلال الاجتماعات اليومية التي لاتخلو من اجواء المرح والفائدة فهي غذاء للروح... ولاننسى ان اجتماع العائلة مع الأهل والاقارب يقوي الروابط الاسرية حيث تمد الفرد بلفخر والقوة والسند....و من الذكريات الجميلة والمسلية كنا عندما نجتمع مع اولاد خالاتي او عماتي ننتظر وقت النوم لكي نتزحلق على الفراش ونصعد الى السطح ثم نضع افرشتنا جنب بعض وننام تحت غطاء واحد فيبدأ بعضنا بعدِّ النجوم والبعض الاخر يلقي علينا نكتة لنضحك او نتحدث عن اشياء متشوقين لفعلها في اليوم التالي الى ان نتعب ويأخذنا النوم في احلام جميلة .. ليأتي الصباح فتوقظنا أمي فنرتب فراشنا ونقوم مسرعين لنأكل ونساعدهم بعمل البيت ثم نذهب للعب .....




وماذا عن رائحة خبزة التنور التي كانت تصنعها أمي كل صباح وهية ساخنة فهي لازالت عالقة في ذهني ..... كنا نعطي للشيء حقه واهميته فنغرق في اللعب مع اولاد الجيران الى ان نتعب ويحين وقت المغرب فتنادينا أمي .لازلت اذكر حلاوة ايأم العيد في تلك الايام حيث تجتمع العائلة والاقارب ويحضر ابي وعمامي الاضحية ونجتمع سويآ على مائدة الفطور بعد صلاة العيد ونعايد جدتي وجدتي فيقومون بتوزيع العيديات علينا فنشعر بلفرحة الكبيرة جدا

هكذا تلقينا دروسآ في شتى المجالات في الاخلاق في الحب في التسامح في الألفة .ولكن هيهات الآن فقد اختفى كل هذا فقط طغت علينا وسائل التواصل الأجتماعي والغربة التي ابعدتنا عن بعضنا حيث اصبحنا مبرمجين حتى التحدث في المنزل والمشاركة اصبح قليلا كل يجلس في زاويته مع جهازه. طغت الاجهزة وغابت الجلسات الجميلة ومشاركتنا للأحاديث الرائعة ...غابت قيمنا الصحيحة واصبحنا منغلقين عن انفسنا لدرجة أصبحنا نعاني من أزمات نفسية كتومين منعزلين كل منا يجلس في زاويته منشغلا بجهازه. فإلى اين سيؤول بنا الحال بعد حين؟!. فالجلسة مع العائلة كفيلة بخلق شعور المحبة والدفئ والألفة حتى ان لم تكن دينية او توعية فلعائلة هي الامان وملاذ الانسان الذي يلجأ اليه عند نهاية كل يوم هروبآ من مشاكل وتصدمات الواقع ...نتشارك الأحزان وحتى الأفراح لكن وسائل التواصل الاجتماعي فرقت وباعدت وجعلت كل فرد يعيش في عالمه الخاص والوهمي.

والآن فكر معي وراجع ذكرياتك الا نشتاق الى تلك الايام ! الا نشعر براحة عندما نجلس مع كبار السن ونستمع لحديثهم ونأخذ منهم العبر والنصائح! الا نفتقد الامان والبُعد اليوم! فلماذا لانعيد الحيوية والقوة لهذه الجلسات ولماذا لانعيد بناءهامن جديد !فلنشغل عقولنا في أستخدام الاجهزة ووسائل التواصل الاجتماعي بعقلانية ولنعيد لهذا الجلسات حيويتها ونعطيها وقت اكثر مما نعطيها لأجهزتنا فنحن في هذه الزمن في احتياج كبير لهذه القوة والتماسك والألفة. بحاجة لبناء جيل واعي ومثقف بحاجة لهذا القرب وتآلف القلوب وتواصلها.



كاتبة المقالة :سجى وجيه الراوي


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

واقع ممزوج بنكهة خيالية نحن جميعاً نرثوا ايام طفولتنا تلك التي أماتها عصر التكنولوجيا أماتتها بؤر التشتت والبعد بين بعضنا البعض لو كانت الدنوع تعيد ذكرى صغيرة بسيطة لَكان الآن نهر الدموع جارٍ بلا توقف
على شبابنا السلام
أياليتها تعود ونعود معها كما كنا ♥️ ربي يوفقج تعبيرج يجنن
#راقت

إقرأ المزيد من تدوينات الجلسات العائلية

تدوينات ذات صلة