تتناول التدوينة تأثير الحالة النفسية فى عملية الإدراك.

رؤية الحقيقة هى عملية إرادية.

إن إرادتك وتوجهاتك واهتماماتك تتحكم فى رؤيتك للحقيقة. إننا لا ندرك بعيوننا؛ إننا ندرك بتوجهاتنا ومشاعرنا وانطباعاتنا بل ورغباتنا التى نغلف بها ما نراه.

نفهم ما نريد فقط أن نفهمه. وبلا شك فإننا ندرك من خلال خبراتنا السابقة.

هذه الصورة مثلًا؛ قد يراها أحد أنها تمثل القوة فى محاسبة النفس (متقمصًا موقف الشخص بالمرآة)، وقد يراها آخر أنها تمثل الشعور بالذنب والانكسار (متقمصًا دور الشخص الناظر للمرآة). لكن هناك من يراها تمثل الاثنين معًا.

لنتخيل معًا: فتاة تتقابل مع رجل لأول مرة. دعنا ندخل عقل الرجل لنحلل كيف يدرك وجودها، ومن ثم كيف يتعامل معها؟

أولًا: قد تكون الفكرة المسيطرة عليه كونها جنس آخر، وبالتالى سيتعامل معها على هذا الأساس إما بالانجذاب الذى قد ينحرف إلى حد الشهوة أو أبعد، أو بالحرص الذى قد يصل إلى حد النفور أو أبعد حسب مقدار الخلل فى صحته النفسية. فى كلتا الحالتين فإنه يعمى عن إدراك جوانب أهم فيها.

ثانيًا: قد تكون فكرته السائدة عنها أنها كائن بشرى آخر، ومن ثم تأتى كل تعاملاته معها متزنة على أساس إنسانيتهما فلا يحصر كينونتها فى "الجنس الآخر". فى الحالة الأولى لن يدرك منها سوى شكلها وملابسها وصوتها الناعم. أما فى الحالة الثانية فإن إدراكه سيتسع لنواحٍ إنسانية أرقى وأعمق من مجرد المظهر.

باختصار فإن إرادتك وتوجهاتك واهتماماتك هى التى تحدد وتختار من بين العديد والعديد من المدخلات الحسية الواصلة للمخ أى مدخلات يتم تركيز الانتباه عليها، وأىّ يُستبعَد. وبالتالى فإن إرادتك وتوجهاتك واهتماماتك تتحكم فى رؤيتك للحقيقة.

بطريقة أخرى فكما أن الإنسان يتحمّل مسئولية رد فعله تجاه العالم المحيط فإنه يتحمّل قبلها مسئولية كيفية استقباله وإدراكه لهذا العالم.

من وحى رواية "مرايا خفية" (أول رواية تُنشَر لى)


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات جوانا منير شكرى

تدوينات ذات صلة