الذكريات حياة، نهرُ تتجدد مياهه بداخلك، فلا تتوقف عند مُرها، واحتفظ ببهاء الجميل منها فلا شيء يضيع منك حقاً طالما كنت تستطيع أن تتذكره.



يقول مارك لورانس "الذكريات شيء خطير، فالإنسان يقلب فيها مراراً وتكراراً حتى يعرف كل ركن فيها، ولكنه دائماً ما يجد فيها حافه تجرحه كل مرة."


فهل الذكريات بهذا السوء؟

هل ينبغي على الإنسان أن يتدرب على النسيان؟

أم علينا أن نترك علاقاتنا سطحية بلا أي عمق؟

"لا شيء يضيع منك حقاً طالما كنت تستطيع أن تتذكره" مونتجمري

إن البشر – لا الأماكن – هم من يصنعون الذكريات. الأماكن فقط تحتوي البشر الذين نحتوا فينا تلك الذكريات، فتصبح تلك الذكريات دليل يأخذك كل مرة الى الماضي، بعلاقاته وأناسه الذين تركوا الحاضر. بيد أنه ليست كل الرحلات مؤلمة، فعلى الأقل ستجد لكل إنسان رحلة واحدة سعيدة في الماضي. صحيح أن ارتباط الذكريات بالحرمان من مكونات الماضي يجعل منها ألماً متكرراً أشبه بلعق الجرح، ولكن تلك الذكريات نفسها ربما تكون دليلك في رحلة تتذكر فيها متع الماضي. فلماذا لا تتبنى منطق مونتجمري القائل بأن "لا شيء يضيع منك حقاً طالما كنت تستطيع أن تتذكره".

"إن لم تكن ذكرياتك جميلة بما يكفي فلتنحت في حاضرك ذكريات أجمل"

أظن أنه من الجريمة في حق ذاتك أن تمتنع عن بناء الذكريات أو أن تجعل كل علاقاتك سطحية حتى لا تؤلمك الذكريات في المستقبل. أنت لم تعش المستقبل بعد. كما أنك لا تستطيع أن تحدد على وجه الدقة ما هو مستوى العمق في العلاقات الذي ستلاحقك الذكريات عنده. وبالقطع ليس البديل هو أن تحيا بلا علاقات، لئلا تترك لك علاقاتك ذكريات تطاردك فيما تبقى من حياتك. وإذا كانت ستطاردك، فليكن إذن. تذكر كل ما أوتيت من تفاصيل، فإذا كانت تلك التفاصيل مبهجة، فهنيئا لك أن عشت يوماً تفاصيل بهذا الجمال. وإن لم تكن فلتنحت في حاضرك ذكريات أجمل.

"العقل البشري مبرمج على تذكيرك باللحظات الممتعة في العلاقات بعد انتهاءها."

المشكلة هنا هي أن البعض ذكرياته مؤلمة حقاً لكونها سيئة. هذا الوضع سيء .. أنا أعلم. لكن ذلك لا يحدث عادة، فالجانب الذي قد يطمئنا هنا هو أن العقل البشري مبرمج على تذكيرك باللحظات الممتعة في العلاقات بعد انتهاءها، وهو ما يؤلم. لكن النادر هو أن يُذكرك عقلك بلحظاتك السيئة في علاقة انتهت، ولو حدث ذلك لكنت ستبتهج بعد انتهاء العلاقة لأن عقلك يذكرك على الدوام بلحظاتها السيئة، مانحاً إياك مبرراً كافياً للانطلاق في علاقات أفضل.


نصيحتي أن تبتسم لذكرياتك، صحيح أنها قد لا تتكرر ولكنك على الأقل عشتها، وتذوقت حلاوتها، فاترك عينيك تلمع عندما تغزوك تلك الذكريات .. هي حياتك.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

رائع كالعاده ارجو من الله مزيد من النجاح والتوفيق

إقرأ المزيد من تدوينات كمال المصري .. في مملكة الأمل

تدوينات ذات صلة