ولد بطل قصتنا في صيدا جنوب لبنان وبدأ حياته العملية قاطفاً للحمضيات، حيث إنه نشأ في عائلة متواضعة تقتات من الزراعة

، ولأنه عصامي ويحب النجاح ابتكر كل الطرق ليخدم وطنه وليغير ليس حياته وحياة عائلته فقط، بل حياة وطن بأكمله. فقد استطاع أن يقطع مشواراً نموذجياً في العصامية والنجاح، محققاً قفزات قياسية فيها الكثير من الاجتهاد والعمل الدؤوب المضني. فقاده تفكيره الابتكاري وعمله إلى الدخول المبكر في العمل ثم إلى عالم المال والأعمال الذي سطع فيه نجمه بسرعة قياسية لينتقل بعدها إلى السياسة التي قدم بها العديد من الخدمات لوطنه ولكثير من المحتاجين فيه.

أصر بطل قصتنا بكفاحه ورغم الظروف المادية القاسية التي كانت تحيط به -سواء مادية او اسرية- أن يكمل تعليمة وأن يحصل على شهادة الثانوية العامة، وبعدها اختار المجال الذي يمكن منه أن يحقق فكره في خدمة اسرته ووطنه، فدرس المحاسبة في جامعة بيروت العربية، ولأنه لا يبحث فقط على المادة ولأن قلبه وعقله معلق بخدمة أٌمته التحق في نفس الفترة بحركة القوميين العرب التي كانت تتبع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . ونظرا لسوء الاحوال المادية ولنفقة الدراسة الكبيرة التي لم يستطيع تحملها لم يكمل دراسته الجامعية. بل اضطر إلى البحث عن عمل في كل مكان ليعيل نفسه واسرته ويحقق الربح المادي الذي يعينهُ على تحقيق حلمه في خدمة وطنه. فبحث وبحث ولم ييأس إلى أن وجد عمل في السعودية، عمل في البداية مدرسا للرياضيات في إحدى المدارس، ولكنه ظل يبحث عن عمل في مجال المحاسبة إلى أن وجد عمل كمحاسب في شركة هندسية (الاصرار على الهدف)، و لأنه يعرف كيف يخطط لمستقبله وفر بعض المال و استطاع أن يؤسس شركة خاصة به في مجال المقاولات، ولأنه مبتكر و يحب التحدي المدروس والمدعوم بالعمل، انطلق بقوة عبر قبول تحد فيه الكثير من المغامرة من خلال اشتراكه مع شركة “أوجيه” الفرنسية في إنشاء فندق في الطائف خلال فترة تسعة أشهر, بعدما اعتذرت شركات كبرى عن قبول هذا التحدي في حينه, لينجح في أول انجازاته الكبرى ويؤسس بعدها “سعودي أوجيه”.

بعد ذلك أصبحت شركته من أكبر شركات المقاولات في الوطن العربي، وتوسع نطاقها ليشمل إنشاء البنوك والشركات مثل شركات التأمين وشركات النشر وشركات الصناعات الخفيفة ، التي نفذت اكبر المشاريع العقارية والاستثمارات التي تتجاوز المنطقة العربية الى اوروبا، والامتداد تباعاً الى القطاع المصرفي العربي عبر الملكية التامة لمجموعة البحر المتوسط التي تضم "بنك البحر المتوسط" و"البنك اللبناني السعودي" وملكية بنسب متفاوتة لأسهم في بنوك عربية واوروبية منها "البنك العربي" و"اندوسويز" واستثمارات موازية في القطاع المالي والاوراق المالية المصدرة في البورصات العالمية والعائدة لمؤسسات تعمل في حقول مختلفة، واستثمارات سياحية على غرار فنادق "شيراتون" في السعودية، ثم الاستثمارات الاعلامية التي بدأت بتأسيس شبكة تلفزيون "المستقبل" وشراء "اذاعة الشرق" التي تبث من باريس، وامتلاك امتياز مجلة "المستقبل" وجريدة "صوت العروبة" واصدار جريدة "المستقبل" وامتلاك نسبة اسهم في دار "النهار" العريقة. وآخر الاستثمارات المعلنة الاسهام بتأسيس الشركة العربية القابضة في سورية برأس مال قدره 100 مليون دولار بالاشتراك مع ثلاث مجموعات سعودية كبرى. وفي بداية الثمانينات أصبح من اغنى رجال العالم وتم تصنيفه في المرتبة المئة ضمن أغنى رجال العالم أجمع!

وبسبب سمعته الطيبة وإنجازاته العظيمة في السعودية، تم منحه الجنسية السعودية في عام 1978م، وأصبح مبعوثا شخصيا للملك الراحل فهد بن عبد العزيز آل سعود في لبنان . وهنا بدأ يحقق حلمه الحقيقي في عودته إلى وطنه الذي طالما حلم بدعمه والعمل من أجل أبناءه، فأنشأ مؤسسة خيرية ساهمت في تعليم أكثر من 36 ألف طالب لبناني في الجامعات الرسمية والخاصة في لبنان وفي جامعات أوروبا واميركا، وقدمت المؤسسة ايضاً خدمات صحية واجتماعية وثقافية.

ومع تغليب شخصيته الوطنية على شخصية رجل الاعمال، بدأ التحول في شخصية بطلنا وبدأ يركز على الشأن اللبناني. وبدأ ظهوره "السياسي" على ساحة الاحداث عام 1982م لكن من الباب الاقتصادي والعمل الخيري، حيث يتذكره اللبنانيون جيداً "كفاعل خير" وضع امكاناته بتصرف الدولة اللبنانية وساهم في ازالة الآثار الناجمة عن الاجتياح الاسرائيلي للبنان. وكان له دور كبير في دعم المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي لأراضيها.

ونتيجة لحب الشعب اللبناني له تم تعيينه رئيسا للوزراء في الحكومة اللبنانية في الفترة من 1992م إلى 1998م، وقد استقبل غالبية الشعب اللبناني خبر تعيينه بحفاوة كبيرة مما أدى إلى انتعاش العملة اللبنانية بنسبة 15% على الأقل، وتحسن الاقتصاد اللبناني بشكل ملحوظ وذلك بعد أن أصدر بطلنا أمرا بتخفيض الضرائب على الدخل إلى 10%، وكانت تعرف خطته في إعادة إعمار لبنان باسم ” هورايزون 2000 ”، وفي تلك الفترة شهدت لبنان نموا مزدهرا، وانخفض التضخم من 131% إلى 29%، كما استقرت أسعار صرف الليرة اللبنانية .

وفي عام 2000م إلى 2004م، تولى للمرة الثانية رئاسة الوزارة وفي تلك الفترة شهدت لبنان الكثير من المشكلات الاقتصادية مما أدى إلى زيادة الضغط على الحكومة اللبنانية من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فعهد بطلنا بتفكيره الابتكاري إلى تخفيض البيروقراطية ، وخصخصة المؤسسات العامة .

أنه الفارس اللبناني رفيق الحريري، رحمه الله الذي كان محبا للخير ومعطاء بشكل كبير، فقد أفنى حياته لخدمة الشعب اللبناني، وكانت له مساعدات كثيرة للشعب اللبناني في مساعدتهم لتحسين الظروف المعيشية لهم، والذي قدم لجميع الشباب والسياسيين ورجال المال والاعمال النموذج العملي لكيف يكون رجل الدولة المحب لوطنه لا لمنصبه، فهو صنع النجاح بعلم وبمجهود مضني لأجل أمته لا من أجل نفسه وأسرته لذلك رغم رحيله بقي حي في قلوب الكثيرين!!



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

الادخار جميل ....ويفيد في صنع الثروة
محتوى مفيد

إقرأ المزيد من تدوينات غدقا - د. غادة عامر

تدوينات ذات صلة