إن الانسان دائما يتأثر بما يسمع ويقرأ ويرى، ومهما أقنع أي شخص نفسه إنه قوي ولا يتأثر، فلابد وأن يتأثر عقله الباطن، بما يدور حوله

بما يدور حوله. لذلك علينا جميعا ان نغير اسلوب حياتنا، وألا نسمح لعقلنا الظاهر ان يخزن في عقلنا الباطن الا قصص النجاح، وذلك عن طريق الابتعاد عن الاشخاص كثيري الشكوي أو ممن ينشرون الأخبار المحبطة، وأن نركز فقط على قصص النجاح، فنحن عندما نقرأ قصص أشخاص عانُوا وحاولوا وأصروا على تحقيق أحلامهم إلى أن نجحوا، فإننا لا نغير نظرتنا للحياة فقط، بل ممكن أن تكون قصة النجاح التي نقرأها نقطة انطلاق تعيننا على رفع مستوى تفكيرنا وحياتنا كلها، عن طريق توجيه العقل الباطن على أنه لا يوجد شيء اسمه مستحيل مع العمل والاصرار. قصة النجاح التي سوف نستعرضها في هذا المقال، هي قصة شخص ياباني، ولد في قلب الالم والفقر، وعانى من كل أنواع المشاكل والاحباطات، لكن اليأس لم يعرف إلى قلبه اي طريق، وخرج بأكبر قصة نجاح، لم تغير حياته فقط وانما ساهمة في تغير شكل إقتصاد وطنه. إنها شخصية "سيكيرو هوندا" مؤسس شركة هوندا اليابانية، الذي ولد عام 1906م لعائلة فقيرة جدا، حتى أن خمس من أفراد عائلته ماتوا نتيجة سوء التغذية، ترك الدراسة وهو في الصف الثامن لأنه كان يعمل في إصلاح الدراجات ليوفر طعامه، ففشل في الدراسة وتم فصله. كان دائما يحكي لمن حوله ان يحلم بأن يمتلك ويصنع سيارة، في أحد الايام أعلنت شركة تويوتا أنها تريد تصميم معين لصمام سيارة "بستون". فواصل هوندا الليل بالنهار من أجل أن يخترع بستون ليبيعه إلى شركة تويوتا، واستثمر كل ما يملك من مال لتصميم هذا الصمام وبعد أن صممها وقدمها إلى شركة تويوتا، رفضت تويوتا الصمام لأنه لم يكن مطابق للمواصفات. لم ييأس وظل يدرس المواصفات المطلوبة ويعمل عليها لمدة عامين (العمل على تطوير الذات وتكملة النقص بدون شكوى وتذمر) حتى وافقت تويوتا على الشراء منه، لكنه وقتها احتاج لبناء مصنع كبير ليلبي الطلبيات الكبيرة لشركة تويوتا، لكن السلطات اليابانية كانت تستعد لخوض الحرب العالمية الثانية، ولذا منعت بيع الأسمنت وقصرته على الأغراض العسكرية. (لم يكره بلده وحكومته ولم ييأس)، وظل يحاول ويحاول، إلى أن بنى المصنع وبدأت طلبيات تويوتا في الزيادة. حتى أنه حينما انضمت اليابان إلى الحرب العالمية الثانية، حصل هوندا على عقود لتصنيع المراوح المعدنية لموتورات الطائرات الحربية، والتي حلت محل المراوح الخشبية السابقة. ونتيجة لنجاحه استطاع أن يمتلك السيارة التي كان يحلم بها. كلفت هذه الحرب هوندا خسارة عمالته من الذكور، ولذا استعاض هوندا بالنساء للعمل في مصانعه (لم يقف وبحث عن البديل)، لكن القصف الجوي من طائرات الحلفاء، دمر مصانعه مرتين، وفي كل مرة كان هوندا يسرع إلى أعادة مصانعه (لا مكان لليأس والقنوط)، بل أنه من وايجابياته كان يطلق على فوارغ خزانات الوقود التي كانت الطائرات الامريكية تقوم بإلقائها على الارض، "هدايا الرئيس ترومان" (أيجابية بلا حود)، لانه كان يستخدمها كمواد خام في مصانعه.وفي عام 1945م ضرب اليابان زلزال قوي دمر مصنعه تماما، وساءت حالته فلم يكن حتى يجد البنزين لكي يحضر الطعام لأبنائه. لكن من وسط الظلام يسطع النور، فقد قام بعمل محركا صغيرا لدراجته الهوائية، واعجب الجيران بالفكرة، فحاول عمل ورشة، لكنه لم يكن لديه أي مال، فراسل كل محلات الدراجات الهوائية والذين كان عددهم 1800 محل لدعمه (طرق جميع الابواب)، فلم يدعمه إلا 500 محل فقط، وفعلا نجح المصنع وعمل أول دراجة وأسماها "الليث الممتاز"، والتي حصلت على جائزة امبراطور اليابان، ثم بدأ يصَّدر إلى أمريكا إلى أن وصل حجم مبيعاته إلى ثلاث ملايين دراجة، ولكنه ورغم نجاحه لم ينسى حلمه القديم، صناعة السيارات (الاصرار على الهدف)، فبحث عن نقاط الضعف في سيارات تويوتا ونيسان (دراسة الفرص)، فوجد أن محرك هذه الشركات ملوث للبيئة، ففكر في عمل سيارة صديقة للبيئة حتي يستطيع منافسة هذه الشركات العملاقة. وكانت أولى سياراته السيارة التي أطلق عليها "سيفيك" والتي تعني السيارة المدنية ، ونجحت السيارة جدا، وبعدها لم يتوقف (التجديد والتطوير والابتكار الدائم من أجل الاستمرار) وعمل السيارة "أكورد" التي كانت الاكثر مبيعا من عام 1989م إلى عام 1991م.

في عام1973م عندما أصبح عمره 63 عاما، تقاعد هوندا من رئاسة شركته -بعد مرور ربع قرن منذ أن أسس الشركة- وقد أعلن وقتها عن إصراره على أن تكون شركته مفعمة بالشباب. بعد التقاعد، كرس هوندا حياته للخدمات العامة، وحصل على وسام رفيع من إمبراطور اليابان، وعلى تقدير خاص من مصانع السيارات الأمريكية. في الخامس من أغسطس من عام 1991م، توفي هوندا عن عمر يناهز 85 عاما، متأثرا بفشل كبدي، حيث إنه كان مريض كبد منذ كان عمره 16 عاما ولكنه لم يخبر أحد ولم يستسلم للمرض، بل تغلب عليه بعمله وايجابياته .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات غدقا - د. غادة عامر

تدوينات ذات صلة