عرف الصندوق الدولي العولمة بأنها " التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتمه ازدياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود،

بالإضافة إلى إنتشار المتسارع لرؤوس الأموال الدولية، وللتقنية في أرجاء العالم كله".أما "روبنز ريكابيرو" الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والنمو ـ عرفها بأنها :"العملية التي تملي على المنتجين والمستثمرين التصرف وكأن الاقتصاد العالمي يتكون من سوق واحدة ومنطقة إنتاج واحدة مقسمة إلى مناطق اقتصادية وليس إلى اقتصاديات وطنية مرتبطة بعلاقات تجارية واستثمارية".فالعولمة نشأت مع العصر الحديث، وتكونت بما أحدثه العلم من تطور في مجال الاتصالات وخصوصاً بعد بروز الإنترنت، والتي أتاحت مجال واسع في التبادل المعرفي والمالي. واصرار البعض على ربط نشأة الدولة القومية بالعولمة في العصر الحاضر، فيه بعد عن مفهوم العولمة الحقيقية، والذي يدعو أساساً إلى نهاية سيادة الدولة، والقضاء على الحدود الجغرافية، وتعميم مفهوم النظام الرأسمالي. إن منظومة العولمة مبنية أساسا على فكرة تطبيق قوالب جاهزة التصنيع، تفرضها الدول الرأسمالية القوية على الدول الفقيرة الضعيفة من ناحية التسلح العسكري والعلمي والتكنولوجي. فهي انسلاخ عن قيم ومبادئ وتقاليد وعادات الأمة، وإلغاء شخصيتها وكيانها وذوبانها في الآخر. فالعولمة تقضي على الخصوصيات تدريجياً من غير صراع إيديولوجي . فهي " تقوم على تكريس إيديولوجيا " الفردية المستسلمة"، وتقوم بإلغاء كل ما هو جماعي، ليبقى الإطار " العولمي" هو وحده الموجود . فهي تقوم بتكريس النزعة الأنانية وطمس الروح الجماعية، وتعمل على تكريس الحياد -وهو التحلل من كل التزام أو ارتباط بأية قضية- وهي بهذا تقوم بوهم غياب الصراع الحضاري أي التطبيع والاستسلام لعملية الاستتباع الحضاري وهذا حدث مع الكثير من الدول في منطقتنا. وبالتالي يحدث فقدان الشعور بالانتماء لوطن أو أمة أو دولة، مما يفرغ الهوية الثقافية من كل محتوى. فالعولمة عالم بدون دولة، بدون أمة، بدون وطن إنه عالم المؤسسات والشبكات العالمية والتكنولوجية والاقتصادية والعسكرية القوية فقط.لذلك هناك دور مهم لوجود منظومة تدعم الابتكار الوطني، لأن الابتكار الوطني يتعامل مع خصوصيات المجتمعات، وأيضا يلبي احتياجات المجتمع، يأتي من المجتمع ومن أجل المجتمع، ويحافظ على الموروثات الثقافية والحضارية، بل ويجعل المجتمع -الذي يخلق فيه- له دور بين الامم المتقدمة بمخرجاته الابتكارية ذات العائد الاقتصادي او التقدم العسكري. كما إنه يساعد على إعادة النظر في تقييم الموارد، مثلا هناك موارد في مجتمعاتنا كان يتم التعامل معها على انها ذات قيمة صفرية (كان ينظر لهم على إنه حمل لا ثروة) مثل المسنين، والمعاقين والأميين وغيرهم. لكنهم مع وجود منظومة الابتكار الوطني سوف يصبحوا ثروة وقيمة مضافة، بل وعنصر أساسي لنمو وتقدم المجتمع. حيث إن الابتكار الوطني يقوم على إشراك المجتمع وجميع القطاعات والافراد، من أصغر رأس الي أكبر رأس في الدولة في عملية واضحة وممنهجة، لها مخرجات ملموسة وادوات قياس واضحة ومحدده. اي لا يوجد شيء في منظومة الابتكار الوطني اسمه هذا ليس دوري او هذا ليس من شأني، هذا دور القطاع الفلاني ، او ان يقول الفرد هذا ليس من شأني انه شأن الحكومة او العكس. أي انه يخرج المجتمع من عقلية التنافر الي عقلية التكامل والاحساس بالمسؤولية الواضحة للجميع تجاه الجميع، فهو منظمومه تكون صناعتها محلية، تنهي ثقافة الاستهلاك وتتبنى ثقافة التصنيع والبناء المحلي، منظومة قائمة على ثقافة وحضارة المجتمع، تساعد على بناء الفرد والمجتمع، بإعطاء الجميع الفرصة ليكون هو نفسه الحل والابداع والتقدم لكل المجتمع. هي منظومة تحارب الطبقية والفساد والواسطة، الذين هم الطاعون الذين يأكل جسد أي أمة لا تبتكر!


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات غدقا - د. غادة عامر

تدوينات ذات صلة