لقد أضحى الابتكار هم المسؤولين في جميع الحكومات العربية وكل مديري الشركات الحكومية والخاصة.
لان الكل يريد أن يكون «أبل» أو «جوجل» القادمة أو غيرها من أصحاب الأفكار الابتكارية الصاعدة. الكل لا يريد أن يكون مصيره مثل مصير «كوداك» أو «بلوكبستر» لتأجير الأفلام، أو أن يصارع الحياة مثل «بلاك بري» أو «نوكيا» لانهم لم يتجددوا و يطوروا و يبتكروا.فالان عندما تحضر مؤتمرات التكنولودجيا أو معارضها تجد الكلمة السادة «ابتكر أو اخرج من السوق». لان الكل أدرك أن المفتاح الوحيد للبقاء والمنافسة لاي حكومة أو شركة أو مؤسسة أو حتى علي مستوى الفرد هو الابتكار والتطوير المستمر. لقد استطاعت «جوجل» أن تكون مناسبة لكل الأذواق ونراها تتطور وتتغير لتناسب الجميع. فمثلا نراها تغير اللوجو الخاص بصفحة البحث حسب مناسبات الدول، وتبحث عما يعجب أو يحتاجه اي مجتمع لتربطه بها. بينما نحن نعتقد أننا سوف نعاني لو حاولنا تطوير أنفسنا وسلوكنا لنؤثر بالإيجاب فيمن حولنا، ولنخلق القيمة لحياتنا. فنحن نتعب ونحن نفكر في تغير وتطوير وابتكار اسلوب جديد لحياتنا، لأننا نعتقد أننا نجهد لو دفعنا ثمن محاضرة أو لقاء لكي نتعلم، وفي نفس الوقت تجدنا ندفع مائة ضعف ثمن المحاضرة في حذاء أو ملبس بحجة أنه ماركة. بل إن الكثير منا يتعب في ضبط ملابسه الشخصية لأننا لا نفكر في مظهرنا الخارجي ونظرة الناس لنا ولا نفكر في تنمية وتطوير عقلنا وأفكارنا كي نؤثر في الناس إيجابيا، وشتان بين الامرين. إننا للأسف تعودنا ان لا ندفع في العلم لأننا بشكل ما نرى أن التعليم لابد أن يكون مجاني أو أننا صور لنا بشكل متعمد أن العلم لا قيمة له، وأن امتلاك السلع الاستهلاكية سوف يعطي لنا المنزلة العالية وليس العلم. أو إنه زرع في عقولنا أن شراء سلعة للتباهي أفضل من حضور درس للتعلم. نحن تعودنا ألا نطور أنفسنا ولا نبدع بل نقلد بدون حتى أن نبذل مجهود بسيط لكي نطور ما نقلده!ما يحتاجه المجتمع هو أن يرسخ فيه أن الابتكار والتطوير هو أمرا أساسيا لبقاء الفرد لا لبقاء المجتمع او الدولة فقط. وأن يجرد الابتكار من كونه نظرية في عقول المخترعين أو الأكادميين أو أنه محصورا عل فئة أو درجة تعليم أو سن معين. لأن الصحيح هو ان الابتكار ممكن ان يصدر من أي شخص في أي عمر تحت أي ظروف ومهما كانت درجة تعليمه.وكما يقول المثل العربي “رب ضارة نافعة”، فقد كان للضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها وطننا العربي خلال الاعوام الاخيرة الماضية، بالإضافة لأزمة وباء الكورونا، أثرا كبيرا في توجه الحكومات نحو استحداث برامج ونظم لرعاية الموهوبين واستخراج الابتكار والابداع ورعاية البحث العلمي. إن هذه الجهود مشهود لها من خلال تزايد المؤسسات العامله في هذا المجال ومن خلال دعم الهيئات والمؤسسات التي يمكن ان تشارك نشر ودعم ثقافة الابتكار. إلا أن الوصول للمنظومة المتكاملة التي ترعى الابتكار وتوظفه في خدمة المجتمع والاقتصاد وخلق فرص عمل مازالت تحتاج لعناية خاصة وبسرعة لتربط انتاج المعرفة باستثمارها، كما إنها تحتاج لنوع موظفين ليسوا من المنظومات القديمة ممن هم عشاق البيروقراطية والمناصب ومهاجمة أي فكر جديد.إن وضع الافراد من ناحية الوظائف والمعيشة الكريمة والدول من حيث الاستقرار والنمو أصبح في نقطة حرجة خاصة بعد الثورة الصناعية الرابعة والتطبيق المستمر للابتكارات المستوردة مثل blockchain وتقنيات chatbot ، والذكاء الاصطناعي، والتسويق متعدد القنوات ، والمنصات الرقمية ، وتطبيقات الأجهزة المحمولة، والمصادر المفتوحة، والتي قلبت كل الموازين في كل شيء. وعندما نضيف ضغوط التغير المناخي الوشيك، والتحول التدريجي من اقتصاد قائم على المنتج إلى الاقتصاد الخدمي، وتوقعات الأجيال الجديدة المختلفة في مكان العمل وفي الخدمات التي تقدم لهم، نعرف لماذا إلى تحتاج الحكومات إلى تعزيز موهبة مواطنيها في مجال الابتكار بشكل أكبر وأسرع، فليس هناك إلا أن تبتكر أو أن تندثر.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات