أسرار الأنصاري، هي الشابة الكويتية التي حولت عزلة طفولتها إلى قوة في الميدان الصحفي والإعلامي.

وبحكم أنها ترعرت بين عائلة مُحبة للأدب واللغة العربية والشعر، تعلقت بالقراءة والثقافة والأدب العربي، ومواجهة الذات، والأحباء، والعالم لتخرج من عنان خجلها، إلى العالم لتضفي إليه معلومات، وثقافات، وحكايات.


طفولة بين الكتب والورق.


"كنت قليلة الكلام في الواقع كثيرة الكلام على الورق"


لم تكن طفلة كثيرة الكلام، بل كانت تخاطب الورق أكثر من مخاطبتها للناس، تفرغ عن ما بداخلها على الورق، تكتب مدوناتها، ويومياتها باستمرار، تعبر عن نفسها من خلال الكتابة.


سيطر القلم على أسرار، فأصبح جزءا لا يتجزأ من يومها، وكبرت مفرداتها مع كُبر عُمرها، فمن كتابة اليوميات إلى كتابة الشعر باللغة العربية الفصحى، لكتابة قصص وتجارب شخصية عن شخصيات متألقة في الميدان العملي.


"من حزني اكتسبت طاقة جياشة لأخرج من عزلتي"


كانت خجولة منذ طفولتها، ولا تُعبر عن نفسها؛ وكبرت على هذا الحال، إلى فقدت أعز ما تملك "والدتها" في عام ٢٠٠٨، فأسِرت أسرار في حزنها، ولكنها قررت أن تطلق العنان من داخلها وحولت حزنها إلى طاقة للمشاركة، للكتابة، فمن حزنها وضجرها أصبحت تشارك صوتها، وغيرت من شخصيتها الخجولة.


في تلك الفترة، زادت كتابات أسرار، ولم تحتكر كتاباتها لنفسها بل شاركتها مع الآخرين في جامعتها، وعَلِمت حينها بأن لديها ميولاً صحافية، فقررت أن تمضي قدماً في الميدان الصحفي.


بعد اتخاذها قرار خوض هذه التجربة، بدأت أسرار بمواجهة أولى التحديات؛ وهي إقناع والدها، فلم يكن يؤيدها الرأي بأن تدخل هذا المجال، بسبب خوفه عليها وعلى دراستها الجامعية، ولكنها؛ تحدت واختارت البدء بالمهنة من خلال التطوع، واختارت صحيفة كويتية للبدء، وغامرت لتخوض التجربة الصحفية، وبدأت بالكتابة في الشؤون الشبابية.


عندما رأى والدها شغفها وحبها واتقانها للكتابة، أصبح من أوائل الداعمين لها، ولكنه اشترط عليها أن تعمل عن بعد، وترسل مقالاتها للصحيفة، ولأن التنازلات جزء من الحياة قبلت أسرار، وتخلت عن الخبرة الميدانية، لتمارس ما تحب ولو من داخل منزلها.

"لا تستجب للناس، وآمن بنفسك بقوة"


في بداية مشوارها الصحفي كانت لا تزال خجولة، ولا تتقن مهارات التواصل مع الأشخاص كثيراً، هنا؛ بدأت بتطوير مهارتها للتواصل مع الشباب والكتابة عنهم، وكانت تستعين بصديقاتها للتحدث مع الأشخاص ذات الأهمية.


بعدها؛ شقت طريقاً لذاتها، وطورت من نفسها لتصبح مُحاضرة، ومُشاركة، وعلى تواصل جيد مع الآخرين.

"لا تحطم نفسك بنفسك، واجعل من كل انتقاد قوة"




ومن الجدير بالذكر انها استغلت مواقع التواصل الاجتماعي لتنشر على صفحتها الشخصية قصص لناس مُلهمة ومؤثرة، وفي عام ٢٠١٣ أصدرت أول كتاب لها باسم "أسراري" الذي ضمّت في صفحاته الحكايات التي ارسلت لها.


وبسبب حضورها الشيق والمُلهم اختيرت لتقديم برامج تلفزيونية، وتزينت بهم بما يناسب شخصيتها، وعلّقت أسرار على تجاربها الإعلامية: "لا أنظر للبرامج من ناحية إعلامية فقط، بقدر ما أتطلع أن تكون تجربة شخصية لأثرِي معلوماتي وثقافتي، وفكري"


"مكتبات وأسرار" زادني تواضعاً


كانت أسرار تقضي الكثير من وقتها بين الكتب، وتستمع عندما تجلس في مكان ثري بالثقافة والتاريخ، في عام ٢٠١٨، عُرض عليها برنامج تلفزيوني فكرته تقترب من شغفها، فقبلت به حتى تخوض أول تجاربها الإعلامية على التلفاز.


"مكتبات وأسرار" البرنامج الذي من خلاله تعرفت أسرار على أقدم وأكبر مكتبات العالم، وبالنسبة لأسرار المثقفة، برنامجها هذا زادها تواضعاً، وتوصلت إلى قناعة أن العالم أوسع من خيالها، ولا يوجد حدود للعلم والثقافة، وعلقت: "مهما تعلمنا، تثقفنا، وقرأنا، لا يزال هناك الكثير لنتعلمه، وأن العالم أكبر وأوسع من مخيلتنا"


"شعوب وأسرار" هزني إنسانياً


وبالنسبة لبرنامجها الثاني "شعوب وأسرار"، كانت تستلهم من ثقافة الشعوب، لتخرج إلى الشاشة وتقرب المشاهدين للبلدان التي زارتها؛ استلهمت ثقافاتهم في اللباس، وأفكارهم عن الحياة، حيث زارت أسرار بلداناً مختلفة حول العالم، وتعرفت على ثقافات، وعادات مختلفة؛ وأهم ما استنتجته: "لا نحتاج لإتقان لغة معينة للتواصل مع الشعوب، لغة الجسد والعينين أقوى من الكلمات لندرك ما نحتاج فهمه"


وذكرت حادثة حصلت معها وهي متجهة من بلد لأخر على متن القطار، بأنها تعاملت مع شخص "أصم"، وبالرغم من عدم قدرته على الكلام فقد أجرت حديثا كاملاً عبر إيماءات الجسد، وتواصلا معاً بشكل فعال.


من خلال "شعوب وأسرار" تمكنت أسرار من كسر الكثير من القيود التي بداخلها، وتحدت "الفوبيا" بالمرتفعات، حيث مارست الكثير من النشاطات التي كانت تهابها، وتبتعد عنها في حياتها اليومية.


"راحة قلبي في العمل"


من الجدير بالذكر، أن أسرار صورت برنامجها الثاني وهي في أسوأ حالتها النفسية، لأنها فقدت خالها العزيز عليها، والأقرب لقلبها، قبل عدة أيام من التصوير، ولكنها حولت حزنها مرة أخرى لقوة، لتتفجر مشاعرها بطاقة جديدة في العمل.

"فجر غضبك في العمل"

"لأنني أعشق التفاصيل سأقدم تفاصيل"


لم تعد أسرار تستعين بصديقاتها للتحدث مع الأشخاص، بل حررت نفسها من القيود، وأصبحت مُحاورة للنخب، ومن خلال برنامجها الجديد "تفاصيل" ستحاور الأشخاص ذات الأهمية عن مفاهيمهم للحياة.


"أسافر في بحر الكتب"


لا تتخلى أسرار عن هوايتها "القراءة" فتحاول الهروب من الواقع لتسافر مع كلمات الشعراء والروائيين، إلى التاريخ والثقافات.


وكونها إنسانة تبحث دائماً عن المعلومات، والتثقيف؛ تلجأ إلى الكتب للمعرفة، بالإضافة إلى الإثراء اللغوي الذي تعلمته أسرار من الكتب.

"حول الطاقة السلبية إلى طاقة ثقافية"

"الشباب العربي طموحه يتعدى عنان السماء"


لم تقتصر رحلتها في الإعلام فقط، بل كانت من مؤسسي وزارة الشباب في الكويت، وتشغل حالياً منصب مسؤولة التسويق والإعلام في الهيئة العامة للشباب في دولة الكويت.


قضت أسرار آخر ١٢ سنة من حياتها بين الإعلام، وخدمة الشباب الكويتي؛ وتعاملها مع الشباب أثر بها بشكل كبير، فدائماً ما تتجدد طاقتها من الاستماع لأفكارهم، والتحدث معهم، وعندما ترى المبادرات الإبداعية على أرض الواقع، تشعر بالفخر بأنها ساعدتهم على المضي قدماً بحكم عملها.


وعن قدرة الشباب العربي على المنافسة العالمية ضربت أسرار "فيلم ذيب" الأردني كمثال عن الإبداع والتميز العربي عالمياً.


كما أنها ركّزت على أهمية الدمج بين الطموح والشغف مع الحياة العملية؛ لأن من يُحب ما يمارس سينشر طاقة إيجابية في عمله.

"أحبّ روحك، أحبّ نفسك،ولا تقسى عليها"

"مُلهمتي هي الشيخة الزين الصباح"


"من كل بستان زهرة" هكذا عبرت أسرار عن فريق عملها والشباب المبدع، وبالنسبة لها فكل إنسان تتعامل معه تتعلم منه، وتُلهم من جميع الشباب المبدعين.


ذكرت أسرار بداية عملها في تأسيس وزارة الشباب الكويتية، وأنها تعرفت على مُلهمتها الشيخة الزين الصباح التي مدت يدها واختارت أسرار للعمل وتأسيس الوزارة.


بالإضافة إلى ذلك يأتيها الإلهام من الشيخة زين؛ لأنها قيادية، تقدر الفن، وتجذب اهتمام الجميع بحديثها المُلهم دائماً.


"رفقاً بروحك"


عن بدايتها، وتطويرها لذاتها قالت: "كُنت أكثر الأشخاص شكاً في نفسه، منعزلة، وأحب وحدتي كثيراً، ولكنني اتخذت قراراً بأن اتخلى عن منطقة راحتي، وانطلق للعالم؛ قررت أن أحب عيوبي وأن اتصالح مع نفسي، وهذه نصيحتي لكل من سيقرأ"


"انطلق، حتى وإن فشلت، حاول مرة أخرى"

بقلم هبة سكجها


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مِنْ الدَاخل

تدوينات ذات صلة