التسويق من خلال المؤثرين ليس جديداً، لكن وسائل التواصل الاجتماعي جعلته أقرب للجمهور وأقل كلفة بشكل خيالي، فكيف حصلت الفوضى؟
حالة تلوث بصري ومعلوماتي كبيرة يصاب بها متصفحوا مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا منهم: أثناء متابعتنا للمؤثرين على مختلف المنصات، وخاصة في بعض الدول العربية، وذلك بالكيفية والنوعية التي يتم التعامل بها مع أداة تسويقية مهمة وهي "التسويق من خلال المؤثرين".
هذه الفوضى في نظري، سببها أولا الاعتماد على أدوات خطأ في تقييم وتقدير الشركات وأصحاب رؤوس الأموال والعلامات التجارية وحتى أصحاب المشاريع الصغيرة والرياديون لمن هو المؤثر الذي سيحقق لهم الهدف من حملتهم التسويقية للمنتج حيث يعتمد أكثرهم على العدد لا التخصص، وثانيا من المؤثرين غير المهنيين أصحاب الأرقام العالية على مواقع التواصل الاجتماعي والذين يعتقدون أن عدد المتابعين هو بطاقتهم الرابحة للترويج لأي منتج، فعلى سبيل المثال، تفاجأت بأحد المؤثرين الذي يروج لنفسه على أنه "مؤثر في مجال التوظيف" ينشر قصة عن زيارة محل للشوكولاتة والقصة التي تليها تتحدث عن محل ملابس للمحجبات، وقصة بعدها عن افتتاح مقهى جديد في المدينة، فكيف اجتمعت كل تلك القصص معا في صفحته بشكل يومي مكرر؟ وكيف للباحث عن عمل أو الباحث عن موظف، وهم الأكثرية من الجمهور في هذه الحالة، التركيز على قصة أو منشور يتعلق بمراجعة هذا "المؤثر" لأحد المطاعم ذو قائمة الطعام المكلفة؟
وأعتقد بأن المحلات والشركات التي سعت للعمل مع هذا الشخص اعتمدت فقط على عدد المتابعين، دون النظر إلى التخصص والمصداقية في طرح المنتج أو العلامة التجارية (مهما كان حجمها)، والذي بالتالي يؤدي إلى نتائج عكسية، ما كان يريدها لا المؤثر ولا صاحب العلامة التجارية.
البداية
التسويق من خلال المؤثرين ليس شيئاً جديداً، فقد كان التسويق من خلال ممثلات وممثلين وشخصيات اجتماعية ومعروفة ورياضيين، إلخ، من أهم التحولات في عالم الإعلانات، وكانوا يقدمون أنفهسم على أنهم سفراء للعلامات التجارية التي يعملون معها، ولكن هذه الطريقة كانت ذات تكلفة عالية جدا في الإنتاج سواء في التصوير وتقنياته أو المبالغ الكبيرة التي يحصل عليها سفراء العلامة التجارية وانتهاءاً بعرضها على شاشات التلفزة أو المجلات المتخصصة أو اللوحات الإعلانية وغيرها.
ولكن، ومع بداية العقد الماضي من هذه الألفية، انتشرت مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة وصارت تتغلغل أكثر فأكثر بين الناس وعلى رأسها تويتر وفيس بوك وبعدها وصل إنستغرام، وصار من المهم حضور الشخصيات المختلفة عليها من ممثلين ومغنين وصناع ترفيه وسينمائيين وكتاب وسياسيين وحتى رؤساء دول وحكومات وموظفين عاديين في أماكن عملهم، وعليهم مهمة إثبات وجودهم والتحلي بعدد من الصفات أهمها وأولها المصداقية ونقل الخبر الصحيح للجمهور الكبير من المتابعين الواثقين فيهم، وأذكر أنه عام 2010 وأثناء عملي في جهة شبه حكومية في أبوظبي، كان لزاماً على جميع الموظفين المنتمين لهذه الجهة إنشاء حسابات خاصة بهم على منصة تويتر وذلك لدعم الرقمنة في الإمارة أولا وثانياً، وثالثاً للمساهمة في سرعة وسهولة وصول جمهور الشباب الذين نعمل من أجلهم إلينا.
إن شئت لا تصدق
حسب إحصائيات ونتائج استطلاع رأي قام به موقع BigCommerce ومعلومات منشورة على مجلة Forbes المتخصصين بالأعمال، فإن نحو 33% من الشباب تحت الأربعين يبحثون عن تدوينات عن المنتج الذي يريدون الحصول عليه قبل شرائه، في حين أن 40% أكدوا شراء المنتج بعد قراءة أو مشاهدة تدوينة عنه من خلال أحد المؤثرين، والذين يؤكد 71% منهم أن تدويناتهم المبنية على تجربتهم الشخصية للمنتج هي أساس التفاعل الذي يحصلون عليه من متابعيهم.ولهذا نرى أن أكثر من 59% من الشركات التي تم الحصول على رأيها، حسب الاستطلاع، تميل إلى زيادة الموازنات الموضوعة للتسويق عبر المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة بنسب تصل إلى 75% في بعض الحالات.
مربط الفرس؟
إذاً الرقم الأهم في معادلة التسويق من خلال المؤثرين هو "المصداقية"، فبدونه تسقط كل التفاصيل الأخرى وهذا السقوط قد لا يحمل معه فقط الحملة بل ربما المنتج والعلامة التجارية برمتها. ولهذا وجب التركيز على بعض المواضيع المهمة في بناء الحملة التسويقية من خلال المؤثرين، والمصداقية هنا هي مثلث مهم بين المنتج والمؤثر والجمهور، ولبنائها يجب أن يتم العناية بعدد من التفاصيل وعلى رأسها تحديد الجمهور المستهدف للمنتج/الحملة وتوزيعه الجغرافي وبالتالي تحديد المؤثرين المناسبين لهذه المهمة، وهو للأسف ما لانراه حقيقياً في المنطقة العربية وخاصة في بعض الدول الحديثة العهد بكل فكرة التواصل مع الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وعليه وحتى تتوقف هذه الفوضى، يتوجب على رأس المال العمل بعناية ودقة على حملاتهم التسويقية من خلال المؤثرين وليس الاعتماد فقط على الأعداد التي يشاهدونها على صفحاتهم وهو للأسف ما يحصل في منطقتنا، وخير مثال على ذلك هو ما تنتهجه شركات عالمية نجحت وبشكل مذهل في حملاتها سنة 2020 بالتسويق من خلال المؤثرين في منقطة الشرق الأوسط ويأتي كل من موقع شركة شي إن She in ويليها شركة مودانيسا Modanesa على رأس القائمة وذلك حسب إحصائيات موقع سوشال بيكرز Social Bakers المنشورة خلال شهر سبتمبر 2020.
وحتى نكون منصفين فإن هناك العديد من الشركات الكبرى العربية التي تبدع في حملاتها من خلال المؤثرين مثل شركة الاتصالات الإماراتية وشركة أورانج الأردنية وموقع مامز وورلد momsworld وموقع عرب جي تي المتخصص بالسيارات، وأعتقد بأن تجاربهم تستحق النظر فيها وفي النتائج التي حققوها من انتشار ووعي بالعلامة التجارية الخاصة بهم والتي شخصيا أتمنى أن أقرأ عنها لنستفيد ونتنور منها.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
فعليا لست مهتمة بـ"المؤثرين" ولا أتابعهم، كما أنني لا أثق بأي إعلان يروّج على حساب شخص على مواقع التواصل الاجتماعي لأنه بطبيعة الحال مدفوع وله خط سير محدد يجب أن يلتزم به صاحب الحساب. يكفينا أن الخوازميات تتبّع خط سيرنا على الإنترنت وتتنبأ بخطواتنا القادمة!
لكن فعليا، وحسبما أرى حولي من تفاعل أصدقاء وأقارب أجد أن لكل واحد منهم على الأقل اثنين أو ثلاثة من هؤلاء "المؤثرين" يحرص على متابعتهم دوما. وأطلع أنا خارج السرب و"دقّه قديمة". 😁
شكرا ضحى على التدوينة، خليتيني أسب ع المؤثرين والشركات العبيطه في سرّي أكتر من قبل 😂
من الجميل جداً في مقالتك صديقتي ضُحى هو كم المعلومات والاحصائيات والمصادر يلي ذكرتيها، وأيضاً الموضوعية بالطرح ما بين مؤيد ومعارض، ما بين تجارب فشل وتجارب نجاح.
بحب ضيف شغلة، انا ك شخص ما بفضل التسويق عبر المؤثرين ك ارقام وصول، وك تكلفة المؤثرين اغلى من الاعلانات الممولة، لكن لما يكون في محتوى صحيح ومدروس ويتبع للأرقام هاد يؤدي للولاء وهاد النوع من التسويق بالمؤثرين بحب وبفضلوا.
أبدعتي كل التوفيق يا رب 👏👏
ابدعتي ضحى 👌🏻 استمري 💯👏🏻