هذا المقال يعتبر الجزء الثاني من تجربة تعلم فن إدارة الوقت وإكتشاف الذات، إذا لم تقرأ الجزء الأول فهذا الرابط (إضغط هنا) سيأخذك اليه ومنه ستعود إلى هذا المقال.


هل أنتِ مستعدة لإكتشاف ذاتكِ.

  • لنخوض التجربة معاً، أنتي الآن في مصعد مع الكثير من الأشخاص الغريبين عنكِ، ومع كل نفس عميق تستنشقيه، أنتِ ترين أن أحد الأشخاص يغادر المصعد والذي هو ينتقل من الطابق ال50 وإلى الأسفل.


  • أنتِ لا تشعرين بالراحة لأن مساحتك الشخصية يدخل بها الكثير من الأفراد حولك ومع كل شخص يغادر المصعد، أنتِ تستطيعين أن ترى نفسك في مرآة على أحد جدران المصعد.





  • لقد وصل المصعد إلى الطابق ال25 ويوجد الآن سبعة أشخاص في المصعد وتستطيعي أن تري إبتسامتك لأنك بدأتِ بأخذ نفس أعمق ومساحتك الشخصية تكبر وتكبر دون وجود أي شخص بها غيركِ.


  • وأنتِ تشاهدين أرقام المصعد تتناقص من 18إلى 17إلى 16إلى 15 إلى 14 إلى 12 إلى 11 وأخذت الأرقام تتسارع بالهبوط، ظهر في عقلكِ سؤال لماذا لا يوجد طابق 13.


  • تخيلِ أن أخر شخص غادر المصعد كان في الطابق العاشر ووقتها بدأتي أن تري نفسك تلبسي ملابس مريحة ( لتكون ملابس البيت الناعمة والمخملة)، نعم درجة الحرارة في المصعد كانت باردة وهذا ما يناسبك ويشعرك بالدفئ.


  • تخيلِ أن صورتك بدأت تتحدث معك عن موضوع الطابق الثالث عشر، وبأن صورتك خرجت من المرآة وهي تحدثك بأن من بنى هذا المبنى يتشائم من الرقم 13 ولهذا رفض أن يسمي أي من الطوابق برقم 13.


  • تخيلِ انها مسكت بيدك وهي تخبرك بأنها تحب أن تسير معك في الحديقة إذا كان لديكِ الوقت لذالك.




  • أنتما الآن تسيرا في حديقة ولا يوجد بها أحد إلا أشجارها ووردها وعصافيرها.


  • بدأت صديقتك بسؤالك عن ما الذي تحبيه في ذاتك، ووقتها أخبرتِها بأنك في بعض الأوقات لا تفهيمي ذاتكِ تماماً لكن تحبِ في ذاتكِ إصرارك على النجاح رغم كل المعوقات في الحياة.


  • الآن هي تريد فهم ما الذي يعيقكِ بالحياة لتصلِ إلى النجاح المرغوب، وأول ما يخطر في ذهنكِ هو الحياة المتسارعة وكثرة الأمور المتطلبة منك خلال اليوم الواحد، وأنتِ تتحدثي عن كثرة الأمور وضيق الوقت، تنخز إصبعكِ شوكة وتجعلكِ تضمي يدكِ لحضنك.


  • تستمرا في السير بصمت، وكل ما تفكرِ به هو نخزة الشوكة وكأن كل مشاغلك وهمومك تبخرت وبقي هم ووجع واحد وهو ألم الشوكة.


  • أنتِ الآن تخبريها بأن العقل البشري يثير إهتمامك كيف يحول الإهتمام بالأشياء من حولنا بسرعة، وتسأليها هل يمكن أن نتحكم في العقل البشري الذي هو يتحكم في مشاعرنا وطريقة تفاعلنا مع المؤثرات من حولنا.


  • الآن طلبت منكِ رفيقتكِ الجلوس والتحدث أكثر في هذا السؤال.





  • إدارة الوقت هو نتيجة تعاون العقل معكِ في تحديد الأولويات، والعقل البشري لا يتحكم بإهتمامنا بالأشياء، إنما هو يستلم منا المعتقدات ويترجمها إلى إشارات عصبية تتحكم في أنفاسنا، و توترنا، وسريان الدم في عروقنا، وإنقباضات العضلات وإنبساطها مما ينتج عنه حركة الجسم، هذا ما قالته لك صديقتك ووجهت لكِ سؤال: ما هي معتقداتك بالنسبة لعملكِ، ودراستكِ، عائلتكِ، صديقاتكِ، وما هي معتقداتك عن إنجازكِ خلال السنوات القادمة؟


  • أخذتِ بالتفكير وأخذك التفكير بأن تصمتي وأنتِ تفكري في جميع جوانب السؤال، وعندها طلبت منكِ أن تعيدي تجربة الشوكة في جانب واحد، ومع أنكِ لم تفهمي تجربة الشوكة جيداً، طلبتِ منها أن تعطيكِ مثال من هذه الجوانب.


  • إبتسمت وقالت " مثلاً، أنتي الآن تعيشي مع والديكِ في منزلٍ واحد، وبأنهما يتضايقى عندما لا تجلسي معهما كثيراً بعد عودتكِ من عملك، وأن هذا الأمر كالشوكة التي آلمتكِ وتجعلكِ تشعرين بأنه من الصعب إرضائهم على حساب عملكِ وفي المقابل هما جوهر حياتكِ ومن الصعب تجاهل إحساسهما".


  • ولأن المثال أعجبكِ، سألتها لو كانت تمر بالتجربة نفسها ماذا كانت ستفعل، وهي الآن تبتسم وأخذت بيدكِ المتألمة وفتحتها لتستخدم أصابعكِ بالعد.


  • الإصبع الأول كان إصبع التواصل، حيث أنه من المهم التواصل مع الوالدين بشكل مستمر لأنهما سبب في السعادة والإستقرار الداخلي، ومن الخطأ الإستمرار في عدم التواصل، ولتسرحي في خيالكِ وتتأملي بمعنى التواصل، حيث أن التواصل يعني هل يفهم الوالدان طبيعة عملكِ، ودراستكِ، وطوحاتكِ، وأهدافكِ بالحياة، وعندما يتفهما كل هذه الأمور يكون التواصل معهما في الوقت الذي تجديه من الممكن أن يكون لهما فقط تجلسي معهما وتتحدثي عن كل شيء يهمهما إلا مشاغلكِ لأن هذا الوقت مخصص لهما فقط.



  • الإصبع الثاني يكون عن نقاط الإختلاف معهما، وهذا ينطبق على كل جوانب حياتنا حيث أننا بعد التواصل مع أركان حياتنا، يكون هناك نقاط إختلاف يجب الوصول إلى إتفاق يلبي حاجتكِ في النجاح ويكون مرضي لمن يهمه أمركِ.


  • الإصبع الثالث يكون في المرونة، وحيث أن كل قاعدة تكون لها شواذ، وبمعنى أن الإتفاق مع الوالدين أمر يساعدنا في تنظيم أوقاتنا لنكون معهم ويجعلنا نشعر بالسعادة بأنهما مصدر دعم لكِ، لكن يجب التحلي بالمرونة، بمعنى أن تحديد أولوياتنا خلال اليوم الواحد هو ما يستخدم في مصطلح ( To Do List) أو قائمة الأمور التي يجب عملها، وعند وضع وقت للوالدين ولا تتمكني من الجلوس إليهما خلال اليوم، قد يسبب لكِ هذا الأمر الشعور بالإحباط.




  • أكثر ما يسبب الإحباط هو تراكم الأمور التي يجب علينا عملها، ولكن يعود الخلل في ترتيب القائمة حيث إذا كانت قائمة الأمور التي يجب عملها تتكون من أمور تحتاج إلى الكثير من الوقت لإنجازها، وعندما لا ننجز هذه الأمور يجعلنا نشعر بالإحباط لضيق الوقت وعدم مقدرتنا على إعادة جدولة الأمور في اليوم التالي، بمعنى تخيلي أن عليكِ دراسة كتاب في الإقتصاد وكانت قائمة الأمور التي يجب عملها كالآتي:
  1. المشي لمدة نصف ساعة صباحاً
  2. دراسة كتاب الإقتصاد كاملاً ( 300 صفحة) ويحتاج إلى 8 ساعات
  3. إرسال السيرة الذاتية وتقديم طلب تدريب في الشركات
  4. تصليح الهاتف المكسور
  5. الجلوس مع الوالدين لمدة نصف ساعة
  6. وقت للعناية بالذات


  • في هذا المثال، لا يكون هناك مجال للمرونة في حال لم تستطيعي قرائة ودراسة كتاب الإقتصاد كاملاً حيث يتطلب هذا الأمر لأكثر من 8 ساعات، وعليه المرونة في التخطيط لعمل أمور لا تتطلب أكثر من نصف ساعة، عادةً ما تنجز خلال اليوم حتى لو تم تأجيلها لوقت أخر، أما الأمور التي تتطلب أكثر من ذالك يكون من الصعب تأجيلها وعندما نفشل في القيام بها نشعر بأنه لا يوجد وقت كافي لها.


  • ربما يخطر في ذهنك ماذا عن باقي الأصابع الخمس، لكن من المهم الإعتقاد بأنه لا يوجد هناك قاعدة من خمسة أصابع يجب الإلتزام بها ويفهم منه أنا يجب أن نكون متقبلين لفكرة إرتكاب الأخطاء و,أننا لسنا كاملين وهذا هو الإصبع الرابع في الموضوع.


  • أما الإصبع الأخير وهو الإلتزام عند التنفيذ، وبأن فكرة أننا غير كاملين لا يعني التساهل في الإلتزام بالخطة، ويعتبر الإلتزام هو أهم الأمور التي يجب الإنتباه إليها وأن العقل يتعلم كيف يوجه إهتمامنا بالأمور التي لا نتجاهلها مهما حدث معنا، وبأن العقل عندما يشعر بأننا نتساهل في مهمة معينة يفهم منا أن هذا الأمر ليس مهم لبقائنا على الحياة، نعم العقل ينظر إلى إهتمامنا على أنها قضية بقائنا ويستثنى من هذا الغرائز حيث أن العقل عندما يشعر بالراحة يدمن عليها ولا يحتاج منا إظهار الإهتمام براحتنا حتى يبقى يطالب بالراحة أو الأمور الغرائزية الأخرى.


  • هل ما زلتِ في الحديقة تنظري إلى صورة مرآتك، هل تردي إستخدام قاعدة الأصابع الخمسة في تحديد أولوياتك بالنسبة لدراستكِ، أو عملكِ، أو أهدافك في المستقبل، نعم يمكن دائمة العودة إلى هذه الحديقة الهادئة والتحدث مع الذات عن معتقداتنا وعليها نعلم عقلنا ما هي الأمور التي يجب مراقبتها في راداره وما هي الأمور التي يجب تجاهلها.



  • يجب الخروج من التجربة بنفس الطريقة التي تم الدخول فيها، ويجب العودة بخيالنا إلى المصعد بعد توديع صديقتكِ فيها، لكن خدي وقتك بالتخيل في ذاتك وسؤال نفسك عن أمور تهمك مع نفسك، حيث أن أصعب مرحلة هي التحدث مع الذات وسؤالها عن جميع ما يهمنا، ومن هنا يجب التذكير بأن الوقت ليس هو ما يتحكم بنا إنما طريقة تفكيرنا وترتيب الأمور بداخلنا والتي يمكن معالجتها عندما نفهم لماذا نعطي هذا الشيء الإهتمام ولماذا نعلم عقلنا أن هذا الأمر ليس بالمهم.


  • يوجد داخلنا مؤثرات داخلية تجلعنا نتصرف بطرق لا إرادية وهذه التجربة تساعدنا في إكتشاف ذاتنا أكثر في الأسئلة التالية:
  1. ما هي الأمور التي تشعرنا بالسعادة
  2. ما هي الأمور التي نخاف منها أو نخاف من خسارتها أو نخشى حدوثها
  3. ما هي المحفزات في حياتنا
  4. ما هي المثبطات في حياتنا
  5. كيف نتصرف في وقت التوتر، أو وقت الحزن، أو وقت السعادة




دمتم بود


د.مالك ولدعلي


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. مالك ولدعلي

تدوينات ذات صلة