هذا المقال يعتبر الجزء الثاني من تجربة تعلم فن إدارة الوقت وإكتشاف الذات، إذا لم تقرأ الجزء الأول فهذا الرابط (إضغط هنا) سيأخذك اليه ومنه ستعود إلى هذا المقال.


هل أنت مستعد لتكتشف أكثر عن فن إدارة الوقت عن طريق التخيل

لقد كانت تجربتنا السابقة في تشتيت تفكيرنا عن طريق تخيل تلك السيدة التي لحقت بالحافلة وكانت تعمل في قسم الأرشيف، لكن تذكر أنها تعاني من عدم القدرة في إدارة الوقت حيث أنها دائم التأخر، كما أن مديرها غير سعيد بأدئها في عملها، فقط طلب منها عدة مهمات وقد فشلت في تسليمهم في الوقت المحدد، هذه السيدة قد تعاني منما يعاني منه الكثير منا في إدارة الوقت.





إكتشاف الذات يساعد في إدارة الوقت

قبل البدء في إكتشاف ذاتك عليك تذكر أنك تستطيع أن تركز تفكيرك في أمر واحد لإنجاز مهمة ما، وهذا يجعلك مثل قبطان السفينة الذي يراقب ما يدور حوله من خلال منظاره، لكن في تجربتنا لن تتخيل نفسك تقود سفينة وإنما سوف تكون قائد رقعة شطرنج.


  • إنظر إلى الصورتين في الأسف، وتخيل نفسك مرةً مكان ذالك الحجر الذي يمثل الجندي الوحيد في المعركة والذي يحيط به الكثير من الأعداء.


  • وتخيل في المقابل بأنك الملك المسيطر على رقعة الشطرنج والكل يعرف مكانه حولك بإنتظام.


  • وعلم أن الفرق بين الحجرين (أي الجندي الأبيض والملك المتوج) يكمن في خيالنا فقط حيث أنك إذا فقدت السيطرة على تنظيم وقتك ستشعر وكأنك ذالك الجندي الوحيد العاجز عن الدفاع عن نفسه، مما يجلب لك الحزن أو الأفكار السلبية.


  • وعندما تشعر بالإنجاز اليومي ستشعر بالإنتصار، وكأنك ملك على رقعة شطرنج وهذا يجعلك تشعر بتاج النصر فوق رأسك، وتذكر أن الكثير من رواد الأعمال الناجحين هم مدمني هذا الشعور، ولا يستطيعون الحياة دون لذة الشعور بأنهم ملوك في عالمهم الخاص.




  • تخيل نفسك الآن في يوم جديد، وعليك فقط لعب الشطرنج ولكن مع شخص أنت أكثر من يعرفه، نعم هو أنت، حيث أنك سوف تواجه نفسك على رقعة الشطرنج حتى لو لم تعلم قواعد اللعبة، لأننا سوف نشاهدك تلعب حسب شروطك أنت.


  • في لعبة الشطرنج تكون الأحجار موزعةً في بداية اللعبة بطريقة منظمة، لكن في أرض الواقع أنت لا تبدأ يومك بطريقة منظمة لأنك تترك أموراً من اليوم الذي سبق، ولكن في هذه التجربة سوف تتخيل نفسك بأنك تبدأ تنظيم وقتك من ساعة الصفر وبدون أمور سابقة من يوم قد مضى.


  • في لعبة الشطرنج عليك أن تعرف قوة جنودك، وقدرتهم على تحقيق النصر لك، وعليك أن تدرس حركات من ينافسك على هذه اللعبة.



  • الفكرة من تخيل يومك على أنه رقعة شطرنج، لأن رقعة الشطرنج محدودة المربعات وعدد الحركات المتاحة بها محدودة كما هو يومك، لكن الأمر الذي ليس بالمحدود هو طريقة تفاعلك على هذه الأحجار وتحديد أولوياتك.


  • إذا تخيلت أنك بدأت يومك الآن، فأي حجر سوف تحرك من جنودك؟ وحتى لو لم تعلم كيف تلعب الشطرنج، سيكون جوابك بكل تأكيد تحريك الجندي الصغير، ويمكن تفسير هذا بأنا نفضل القيام بأمور خفيفة في بداية يومنا ولا تتطلب منا الكثير من التفكير، لأنه لا توجد خطورة كبيرة في تحريكها.


  • وكما هو الحال في كل يوم نرتب الأمور التي يجب إنجازها دون تحديد حجمها، وأهميتها، ودون تنسيق القيام بها مع الأمور الأخرى، لكن في تجربتنا هذه، يجب تخيل الجنود على أنهم مهمات ويجب عليك إنجاز 16 مهمة لتحقيق هدف واحد وهو النصر.


  • تخيل أنك تحرك أول جندي إلى الأمام، ولتكن هذه المهمة هي الرياضة في الصباح الباكر، وهذه المهمة سوف تساعدك على الشعور بالنشاط والحيوية، مما تساعدك في إجتماعك الصباحي مع مديرك المباشر والتي سوت تتمثل بحركة حجر الفيل في الشطرنج.


  • يمكن أن يخطر على بالك سؤال "هل كان تحريك الفيل كان مناسباً؟"، أو "أنه كان لا بد من تحريك حجر القلعة؟"، ولنفكر قليلاً في ترتيب الرتب العسكرية للجنود، يمكن تخيل بأن الملك هو الأمر الأهم خلال اليوم، والوزير هو الأقل أهمية، والفيل يتلوه الحصان تتلوه القلعة وأخيرا الجنود الثمانية في الصفوف الأمامية.


  • المهمة الآن، في كل يوم يجب أن تعين ملكأ على المهمات التي يجب القيام بها، وهذا الملك لا يمكن الإستغناء عنه مطلقاً، مثلاً، لا يمكن تأجيل التقرير الشهري الذي يجب أن ترسله لمديرك المباشر وعليه تصبح هذه المهمة بمثابة ملك جنودك، ويمكن تخيل أنه في وقت الإجازة قد تصبح مهمة ملاعبة أطفالك هي مهمة الملك الأولى التي تصر على عدم التخلي عنها مهما حدث.


  • الوزير والجنود الكبار هم مهمات أساسية وإذا ما وجب عليك التضحية بأحدها ضحيت بالجنود الصغار، وقد تقع في خطأ توزيع المهمات والأولويات بشكل خاطأ وعليه يجب مراعاة أهمية المهمات اليومية التي يجب عليك القيام بها، وعليك دائما تذكر بأن خصمك يحرك جنوده ليهزمك.



من هو خصمك في رقعة الشطرنج؟



  • خصمك الذي يحرك جنوده لتعطيل خطتك هو شخصية أخرى منك أنت، حيث أن هذه الشخصية تعرف تحركاتك جيداً لأنها تلعب معك لعبة إدارة الوقت في كل يوم، وفي كل يوم تضع فيه خطة لإنجاز المطلوب منك، ترى خصمك يحرك أحجاره ليجعلك تضحي بجنودك وأحجارك وحتى قد تضحي بالملك بحد ذاته، وهو لا يأبه بخسارتك في كل يوم حيث أنه يضع اللوم على كثرة مهمات حياتك ويجعلك ترى خصمك هو الوقت الضيق بدلاً من أن ترى نفسك هي نفسها خصمك.


  • خصمك يعتبر خصماً عنيد ولكنه تقليدي، خصمك هو ذاتك بأشكالها وطباعها، هي نتائج عاداتك اليومية والتي تشكلت مع مرور الزمن من أفعالك، وعليه تكون إستراتيجيتك في الإنتصار بتغير خطتك من حين إلى أخر وتغير عاداتك، وهنا تكمن أهمية معرفة ذاتك لأنه لا بد من التغير حتى تبقى منتصراً في رقعة الشطرنج، ولا بد من تعطيل خطة خصمك في إضاعة وقتك وقتل الأمور المهمة التي يجب عليك القيام بها.


  • إذا تخيلت أن ذهابك إلى النادي والسباحة لمدة نصف ساعة تعد جندياً عندك، وأنك رتبت أولوياتك بتحريك هذا الجندي أولاً، يقوم خصمك على تحريك جنود لمحاصرة هذا الجندي عن طريق عدم إلتزامك بالوقت الذي خصصته لالذهاب إلى النادي، مما يكشف جنديك أمام جنوده وتصبح المقايضة على حياة هذا الجندي أو على حياة الفيل والذي يمكن تخيل أنه توصيل أبنائك إلى مدارسهم، وبالطبع لن تضحي بمهمة توصيل أطفالك وستأجل الذهاب إلى النادي إلى ما بعد العمل، لكن بعد العمل كان لا بد عليك تحريك القلعة التي هي تمثل زيارة صديقك المريض، ويعود خصمك ليحاصر هذه المهمة بإما التضحية بالذهاب إلى النادي أو زيارة صديقك.


  • هل بدأت إدراك أنك في صراع دائم على عدم التضحية بجنودك الصغار حتى لا تضطر في يومٍ من الأيام بالتضحية بالجنود الأساسيين.




خلاصة القول:

الوقت كما ذكرنا سابقاً، لا يرحم من يتجاهله ولا يساعد أبداً من لا يتعلم فن التعامل معه، وإذا ما أردت تعلم فن التعامل معه، عليك تعلم ما يشجعك على الإلتزام بخطتك اليومية وتجاهل المشتتات، أو تحديد الأولويات بشكل أفضل حتى لا يتم التضحية بالأمور المهمة بدلاً من الأمور التي يمكن تعويضها في يوم لاحق.


دمتم بود


د.مالك ولدعلي



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. مالك ولدعلي

تدوينات ذات صلة