كل هذا يشعرني بالفخر والحب للجميع. لملمت بقايا الكلمات وعدت أدراجي وأنا أدعو الله بلغنا الله وإياكم حسن العبادة وهدانا لأفضل الذكر.

اسمع جعجعة ولا أرى……


أعيش في بيتٍ في أطراف مدينتي، حيث الهدوء والابتعاد عن مسببات الضجيج وأبواق السيارات وهدير المحركات.

في بعض الأحيان أسمع صوت احتكاك إطارات السيارات في آخر الليل لكن لم يسبب لنا القلق أبداً.

لكن في هذه الأيام كثر القيل والقال أن مدينتنا سيعُمّها الزحام الشديد وأنك لن تستطيع أن تُسيّر أمورك بسببه، وحصل الارتباك بين الناس منهم من حزم حقائبه وسافر نحو (ديرته)

ومنهم من هو مستمتع وسعيد بهذا الخبر.

أما أنا فإني لا أشعر بزحام ولا رائحة خُزام وكأني لست من سكانها، تفاجأنا بخبر تقديم الاختبارات أسبوعاً عن موعدها المتفق عليه وكلهم يقولون هذا بسبب الزحام الذي سيأتي مع مطلع الشهر القادم؛ سعدنا بهذا الخبر الذي ميزنا عن باقي المدن، و سمعت جعجعة ولم أرى……


اضطررت في آخر يوم من شهرنا الحالي أن أذهب للتسوق، ذُهلت من الذي رأيته حقاً، أأنا في مدينتي أم أنني انتقلت بالزمان والمكان؟

توقفت على علوٍ بجانبٍ الطريق أنزلت كرسي خاص بالرحلات وجلست أتأمل!

أدركت أنني لو سكنت في أقصى مدينتي فإن زحامها سيصيبني، وسيغمرني بفيض كرمه وعطاءه.

مكة ما أجملك وما أجمل زحامك، ما أبهاك وما أحلاك، أقبلت الوفود المتلهفة لطيب هواك وصفاء سماك، لتعانق أرواحهم سواد الكعبة الزاهي وتمتزج أجسادهم بروحانية حرمك الغالي.

هانحن في هذا الشهر الأخير من السنة الهجرية، الشهر الحرام في البلد الحرام يزدان بهاءً بحجيجه المقبلين بنقاء، تهفو نفوسهم وتشرئب أعناقهم للقيا أكبر أمانيهم ومنتهى أحلامهم.

هؤلاء أراهم متراصين في الحافلات التي في غدوها ورواحها دائماً خماصاً، تدور بكل راحة وفرتها لنا حكومتنا الرشيدة أعزها الله لراحة الحاج والمعتمر، بلغ عددها ٢٤ ألف حافلة تنقل ٧٢ ألف راكب في الساعة ولله الحمد.

أعداد مليونية استعدت لها مكة من جميع القطاعات حتى توفر لهم كل سبل الراحة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين ووجها لكل أبناء الوطن حتى تتكامل منظومة بُنيت على أساس خطط ودراسات أعطت وقتاً وجهداً في كل حين، وتواجد أكثر من ٣٢ألف ممارس صحي لخدمة ضيوف الرحمن.

تشهد الحجون وأجياد والمسفلة والجميزة والشبيكة والشامية وكل الأزقة والحواري على حبكم يا ضيوف الرحمن، وكأن بطون مكة اتسعت أكثر من ذي قبل ترحاباً وحباً بكم.

ارتفع صوت المذياع مخبراً أن توافد الحجيج من جميع المنافذ مستمراً وكانت من السهولة واليسر مالله به عليم.

ووصول ٢ مليون حاج من أكثر من ١٦٠ دولة

ووجود أكثر من ١٣٠ ألف شجرة في المشاعر المقدسة لتلطيف الأجواء.


كل هذا يشعرني بالفخر والحب للجميع.

لملمت بقايا الكلمات وعدت أدراجي وأنا أدعو الله بلغنا الله وإياكم حسن العبادة وهدانا لأفضل الذكر.



فأنا سمعت العجعجة ورأيت الزحام المبارك في هذه الأيام المباركة.


الكاتبة/ خديجة الزيلعي

مكة




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شغف الكلمة

تدوينات ذات صلة