مقال تحفيزي عن معجزة الإرادة البشرية هيلين كيلر التي لم تكن ترى ولا تسمع ولا تتكلم

لا أرى ، لا أسمع ، لا أتكلم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد/ لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم .. على الرغم من أنها كلماتٍ تُقال دومًا على سبيل الفرضية، إلا أنها هنا في هذا المقال صفاتٌ واقعية، كانت لامرأةٍ حقيقية، هي معجزةُ البشرية، وأُنموذج الإرادة الإنسانية .. هيلين كيلر.

لم تُولد كيلر فاقدةً للسمع والبصر، إلا أنها عانت من المرض في سن تسعة عشر شهرًا، وافترض أطباء الأطفال بأنها مصابة بالحمى القرمزية أو التهاب في الرأس (السحايا) ما أدى إلى فقدانها السمع والبصر تمامًا، والكلام كذلك مترتبٌ على السمع، فالطبيعي أن من لا يسمع لا يتكلم، وهذه حالةٌ من الحالات النادرة التي يجتمع فيها فقد الحاستين معًا، فهناك من يفقد البصر لكنه يسمع ويتكلم، وهناك من يفقد السمع والكلام لكنه يرى ويُبصِر، أما العجيب أن يكون الإنسان فاقدًا بالكاد لكل مداخل الإدراك، ثم يتغلَّب على ذلك ليتعلَّم القراءة وهو لا يرى ولا حتى يسمع، ويتعلم الكلام وهو لا يسمع ولا حتى يرى، وإنَّما بمجرد تحسُّس المواد والأشياءِ، وتلمُّس الحناجر والشفاه، فهذا دربٌ من دروب الخيال، وأمرٌ أشبه بالمُحال، والأعجب من ذلك أنها لم تَبِت شخصًا عاديًّا، بل لتصبح بعد ذلك أديبةً بارعة، ومُحاضِرةً لامعة، وناشطةً حقوقيةً وخيريةً جامعة، ونجمةً في سماءِ الإلهام ساطعة، والتي كان من أٌقوالها الرائعة: الحياة إما مغامرةٌ جريئة، وإما لا شيء!... طالع قصتها.

ثم يكون العجب العُجاب من إنسان عافاه الله من كل بلاء، وأسبغ عليه من كلِّ النعماء، مُتمتِّعًا بحواسه جمعاء، يرى ويسمع ويتكلم، ثم هو لا يُقدِّم ولا يؤخِّر!. فلتعلم أنَّك مسؤولٌ عن حواسك تفعيلًا وتعطيلًا، إن فعَّلتها ففيم؟! وإن عطَّلتها فلم؟! "إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)". يقول صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ". متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ: عن عُمرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن علمِهِ ماذا عمِلَ بهِ؟ وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ، وفيمَ أنفقَهُ؟ وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ؟". رواه الترمذي وصححه الألباني. وقوله: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ". رواه الحاكم وصححه الألباني.

وإذا كان هذا حال من عمل لأجل دنيا لا تساوي حفنةَ ترابٍ من الأرض، فما الذي يجب أن يكون عليه حال من يروم جنةً عرضها السماوات والأرض؟!. اللهم إنا نعوذ بك من جَلَدِ الفاجر وعَجزِ الثقة.

د. عبدالرحمن الوليلي

كاتب وداعية إسلامي


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات عبدالرحمن الوليلي

تدوينات ذات صلة