الحيرة الوجودية في عصرنا بسبب غياب الروحانيات الحقة من حياة الفرد.









لا يوجد كائن يندهش من وجوده الخاص باستثناء الانسان, فالوجود شيء طبيعي لدى جميع الكائنات الى درجة أنه لا يثير انتباهها. شوبنهاور




اسئلة الوجود العظمى, من أنا؟ ومن أين أتيت؟ ولماذا أتيت؟ والى أين أنا ذاهب؟ التساؤلات التي جعلت الانسان انساناً, نحن كائنات تواقة للمقدس ,وللعمق ,والروح, وعلى مر التاريخ تساءلنا وحِرنا, ولكن ماهي الاجابة يا ترى؟ أين المعنى الذي يخفف وطاة هذا الوجود الجبري؟



ماهو معنى الحياة؟

حياة انسان بلا غاية حياة موحشة, حياة متزاحمة بظلال الحيرة واليأس والجزع, نوائب الحياة والأحزان وكل ماهو خارج عن ارادتنا وقوتنا الانسانية, حيرتنا بسبب مرضنا وموتنا, وألمنا على مرض أحبائنا وموتهم,

كل أحداث الحياة ستبدو مظلمة, عشوائية , كيف نتفادى الضياع في الدجنة؟


أنها رحلة الى المعنى, تبدأ بالتساؤل عن وجودك وروحك, بالعودة الى اسئلة الفلسفة الاولى , هذه الاسئلة التي اضمحلت بسبب ثقافتنا الحداثية, والعلمنة , والالحاد, والفردانية. ابدأ بأقرأ , تفكر, وتأمل في نفسك والكون , ابحث وحلل وانقد, تاريخ الفلسفة مليئ بمحاولات للاجابة , ابدأ من هناك! ستلمس تراكم محاولات الانسان للاجابة, محاولات الفلافسة اليونانين ,الى الأديان السماوية , الى فلسفات الحداثة بدءًا برينيه ديكارت الى العدمية وأعلامها شوبنهاور ونيتشه, ومحاولات فلاسفة على مر التاريخ لا يتسع المقام لذكرهم جميعاً. الفلسفة ابحار للمعنى, والتساؤل هو المدخل اليه.

اينما وصلت, وايما اخترت .. أنت في رحلة الانسان المقدسة, وهذا هو المعنى!

معنى الحياة هو البحث عن المعنى!







((وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ ﴿20﴾ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ )) سورة الذاريات




حيرة ميتافزيقية؟ أم تغييب المقدس؟

أتفكر في حالي وحال من حولي, في الفراغ الروحاني الذي نعانيه نحن مسلمي الحداثة, نفتقد نحن المسلمين لروح الاسلام وهو قائم على التفكر والتدبر, نادراً ما تفكرنا في عقائدنا, حفظنا التوحيد ولكن لم نفهمه, قرأنا القران ولكن لم نتدبره.. مسلم أجوف لا معنى حقيقي وراء ركعاته وسجداته! مسلمون العادات. هذه الهوة بين روح الاسلام و شعائره في النفس هي التي تضعنا على المذبح! والاستعمار الثقافي واللغوي دمر ما بقي منا بالاضافة الى الركود الفكري والعقائدي والفقهي,للأسف نحن عالقون في عام 700 للهجرة! لا توجد محاولات حقيقة لاشعال الروح البحثية فينا , كل من يحاول يتهم بالكفر!

ولهذا نتجه الان الى منزلق ( حيرة الانسان الغربي) التي خلقتها فلاسفات عصر التفكيك والتي أعلن فيها " موت الاله " وسقوط الفلسفة بوصفها مشروعاً ميتافزيفياً, أدى ذلك الى استنقاص أسئلة المعنى والبحث عن الحياة الطيبة , وطرح أسئلة كهذه يعد مثيراً للسخرية الان. عرت فلسفات الحداثة الانسان من جوهره وشوقه الى السماء والتعالي,سلبته حقه الأصيل في التدين, يتجه الغرب الى الفلسفات كالبوذية لمحاولة اضافة روحانية متعالية لحياتهم, فقد الانسان وسيلته الكلاسيكة للطمأنينة! تقوم الديانات والفلسفات على تجهيز الانسان للموت وبدونه لن تقوم لهما قائمة. فهما يتقاسمان الهدف نفسه وهو التغلب على الحيرة الميتافزيقية, وبعد سلب الحداثة من الانسان الدين والفلسفة, اضحى الانسان هائماَ على وجهه!


فبعد أن كان الله في السماء, أصبحت الدولة على الأرض ,والان الانسان المقدس!







الحب هو ما نفتقده, وما لسنا ايّاه وما ينقصنا.. تلكم هي مواضيع الرغبة والحب. أفلاطون





تعظيم الحب الايروسي ونتائجه الواقعية.

الفلسفة الحديثة قائمة على الحب والعواطف وهي انسانوية جديدة مختلفة عن الانسانوية الكلاسيكة القائمة على الحقوق والحريات, يلهث الانسان الحديث نحو الحب والعواطف مع فقده للتقاليد الاجتماعية و السند الايماني العظيم, وبذلك نحن في مواجهة انسان هش بروح عارية تقتله الاخفاقات العاطفية والخيانات! الدين الحداثي هو دين الحب!

ستقول أيها القارئ أني أبالغ, ولكن تأمل حولك .. جيلنا لا تحلو له الحياة بدون الحبيب المقدس, لان الحب يضيف معنى لحياته الفارغة من المعنى للوجود, تفكر في شيوع الاعتقاد بأن الحياة الخالية من العشق لا تستحق العيش, تأمل خيبات أمل الفتيات وفراغهم بسبب غياب العلاقة الايروسية مع الغير! وكأن لا يوجد في الحياة سواها! يركض جيلنا وراء الرغبات والشهوات بسبب النشوة الايروسية التي تمنحهم اياها العلاقات الواهية.

انظر الى التحول الذي أصاب مؤسسة الزواج بعد أن كان قائماً على اعتبارات اجتماعية و عائلية أصبح الان قائماً على الحب المؤقت الفوري, لذلك يواجه الأزواج الان مشكلة استنزاف الرغبة واللهث المتواصل وراء الرومانسية الشهوانية, يؤدي ذلك في اسوأ الاحتمالات الى الطلاق وما يتبعه من شتات للابناء واختلال البناء الأسري والتربوي.

فكر في انتشار المجون والانحلال وعلاقته العكسية مع الاتزان الروحي والديني, تروى في الصلاة الشكلية التي لا تنهانا عن الفحشاء والمنكر .. تبصر أخي القارئ !



أن الحب بمعناه الحالي يحل محل الدين, أن سر الدين هو حب ما ينقصنا أي حب الله فالله هو ماينقصنا بشكل كلي .. أما الان فحب الحبيب يحل محله,وعلى هشاشة هذا الحب الا أنه السائد, فلذلك يعاني الانسان الحداثي من الهشاشة مثله مثل ربه! ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُون)).

تفشل محاولات بناء المعنى في حياة الانسان المعاصر, لاخافقه المتكرر في بناء قصة مكتملة معقولة_ التي تقدمها الأديان مثلاً_, ذلك نتيجة المبالغة في التمركز حول الانسان _فكما قلنا بعد أن كان التعالي في الله, أصبح التعالي الانساني_ ورفض التقاليد والعقائد, فيتقلص تفكير الانسان في نفسه لينحصر في صيغة مكانية وفي أبعاد الوجود المرئي ويؤدي ذلك فقدان العلاقة الأصلية بالنفس وبالاخرين.







وبعد هذا .. في رأيك

ماهو السبب الحقيقي في الهوس في البحث عن الحب؟








هيا

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات هيا

تدوينات ذات صلة