اسم الرواية ''شاعر'' كأنها جسّدت اسمها ونالها منه ما لم ينله أحدٌ من اسمه.
قرأتُ رواية مُترجمة اخترتها على عجلٍ من بين أخواتها دون سابق معرفةٍ لي بها، ولا أعلم أأنا اخترتها بنفسي، أم ما بها من حُزنٍ جذبني، لا أعلم والله ما الذي بيني وبين الحُزن ليُريدني بشدّة هكذا، أهرب منه مشيًا ويأتيني هرولة، هل أنا أجذبه أم هو في سَيرِه يبحث عني، من قبل كنتُ أتحرّى موقع الشجن ليواسيني، واليوم صار الشجن يتحرّى موقعي لأبثّه فأواسيه!
اسم الرواية ''شاعر'' كأنها جسّدت اسمها ونالها منه ما لم ينله أحدٌ من اسمه، حوَت بين صفحاتها كيانًا حيًّا، أو كانت هي إنسانًا حيًّا، فكان شاعرها إنسانًا بما تحمله معاني الإنسانية، لله درّه، طوى بين جنبيه قلبًا لو طواه أحدنا ما استطاع عليه صبرًا، أضمر في غرفاته شجنًا لو احتوته قلوبنا لتفطّرت كمدًا.. لكنه حُزنٌ جميل، حُزنٌ يستخرج من المرء إنسانيته رغمًا عنه..
يقول: "كان قلبي دائمًا مُتسربلًا بسربال عقلي، والعقل سربالٌ ضاغط لا يطيقه القلب، وكنت كلما هممتُ أن أترك السبيل لعواطفي أن تفيض، وتنساب حيث تشاء أدركني الحياءُ والخجل، فَتلوّمت واحتشمت ووقفت دون الغاية التي أريدها، ولا ألبث أن أتطلع إلى الكوكب النائي في سمائه، وأخطو الخطوات الأولى إليه لتناوله واستنزاله من فلكه، حتى أشعر بالخجل من نفسي، فأعودُ أدراجي قانعًا من حظي بزهرةٍ صغيرة أجدها في طريقي من زهرات حديقة السماء فأقتطفها".
" فاسمح لي أن أمثل دور العاشق الولهان، فهو الدور الذي يلذ لي تمثيله أكثر من غيره، وكُنْ أنت المسرح الذي أمثله عليه، وأخطر في أرجائه جيئة وذهوبًا، كُن اللسان وأنا الفكر، كُن الجسم وأنا الروح، كُن الجمال وأنا العقل، كُن الزهرة وأنا العطر، كُن العين وأنا النور المنبعث منها، كُن القلب وأنا حبته الكامنة فيه، فلا تكتب إليها إلا ما أمليه عليك، ولا تحدثها إلا بما ألقنك إياه"
روايه ممتازة‘ جميلة السرد‘ بليغة اللغة‘ حَوت صنوف كثيرة من السجايا العظيمة.
رَحِمَ اللهُ شاعرها..
رواية الشاعر للمنفلوطي.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات