هذه التدوينة هي في مجملها مقالٌ عن الأمل وبحثُ مكوناته او مشتقاته
أَلّـأمَـــلُ
الأمل كلمةٌ فضفاضة المعنى مبهمة الفهم عند الكثيرين وقد يكون وقعها على السامع موحياً إلى التمني والحلم في تحقيق ضروبٍ من الخيال! لكن لحقيقة الأمل معنىً أكبر وأجلى وأسمى واعلى، وأن الأمل إنما هو مجموع الانتظار والصبر والرجاء والمعرفة (وسآتي على تفصيلها تالياً) وأن هذا الذي نرى الكثيرين يحملونه في صدورهم ويحيون به لا يُمكن أن يكون ضرباً من الخيال أو وهماً زائفاً لا طائل منه.
وقد يكون التأمُلُ فيما استحال وجوده وأتعصى وصوله سبباً في جعل الأمل يبدو خيالياً بشكلٍ ما ولكن هذا ليس أساسه وإن الأساس كما ذكرتُ سابقاً هو (الانتظار والصبر والرجاء والمعرفة) وتالياً تفصيل كلٍّ منهم؛
الانتظار: فهو إساس الأمل الأول لأنه يُحقق معناه وأن الأمل حتماً شيءٌ طويل المدى وأن الإنسان الذي يأملُ خيراً قادماً أو وصولاً إلى مبتغىً فإن أول ما يفعلهُ هو الانتظار ويتأرجح الانتظار ما بين الحلاوة والمرارة وما بين السعادة والشقاوة ولكن ما أجمل انتظار املٍ مرجو أو غايةٍ منشودة أو حبيبٍ بعيد أو حتى انتظار الليل أن يزول ويتفجر فجرٌ جديد معلناً نهاية الظلام.
الصبر: هنا ساحة المجتهدين وميدان المثابرين والصبر بابٌ عظيم لا يسعنا الخوض في كلِ تفاصيله ولكن عطفاً على الانتظار نُكمل بالصبر فهما ضفيرةٌ واحدة كلٌّ منهما أحد أطرافها، فلا يقوى الإنسان على الانتظار إن لم يتوشح بالصبر، قد يسأل سائل لمَ الصبر؟ ولمَ مع الانتظار؟!
الصبر معركة الأمل الكبرى وهو الغالب على الآملين الذين ينتظرون بكل صبر ويجمعون أنفسهم على هذا ويتماسكون به فهو "الإسمنت" في جدار الأمل فلا يقول إلا به، ونِتاجُ الصبر الفوز والنيل والبشارة لأن الصبر هو الجهاد وهو الجلد والاحتمال الشديد وانه إن خفَّ على نفسٍ كان كل ما بعدهُ خفيفاً ولم يزل المرءُ صابراً حتى أتاه فرجُ الله ورحمتهُ.
الرجاء: والرجاء لا يُرجى إلا من صاحب كرم وكان المطلب والغاية عنده وان من شيءٍ إلا عند الله غايتهُ ومبتدئهُ وآخرته وان رجوتَ شيءً من غيرِ صاحبهِ فقد صيّرتَ املك الحقيقيّ الى املِ التمني الذي ليس فيه ثقةُ التلقي والحصول, لذا وجب أن يكون الرجاء من اهم أساسات الأمل فهو ما يُغلّفُ الانتظار والصبر بغلاف الإيمان بأن الذي نطُلب منه لا يردنا صفراً ويسمعُ شكوانا وضعفنا ويرى انتظارنا وصبرنا وثباتنا فهذا الإيمان العميق هو الذي يجعلنا نتماسك اكثر ونحتمل اكثر وهو وقود الأمل الذي اذا نفد انطفأ الأمل في نفوسنا وحال دون تحقيق المُنى.
المعرفة: إن المعرفة والدراية بالمطلب والرغبة أو الغاية هي أحد عواميد الأمل وآخر أساساته وهي التي يستقيم الأمل بها ويسهُل بها الصبر والانتظار وبها يكون الرجاء، فمعرفتك بمداخل ما تأملهُ ومخارجه وعِلمك بتفاصيل ما تَرجو وما تنتظر هي ما تجعل املك حقيقياً لا شكَّ فيه ولا ينقطع وقوده فأنت تعلم بأن انتظارك هذا وصبرك ورجائك لن يحور(يرجع) دون المُراد.
الحياة بالأمل
كيف يحيا الإنسان بالأمل؟ وكيف يُضفي على حياتهِ هذا الشُعاع المنير وثبات المسير ولا يخافُ الانقطاع وينال به الامتناع، فلا يبرحُ حتى يبلغ مراده ولا يُفتر حتى ينال ثمرة اجتهاده.
إن اهم ما يجعل حياتك مليئةً بالأمل هو الطموحُ العالي والغاية البعيدة والهمةُ الشديدة، فمن رضيَ بالدنايا وبسائط الأمور فقد خارت همته وعجزت غايته وما بلغ أن يرفع رأسهُ من طين الأرض وينظُر الى السماء فيرى الكوكب دانية والنجوم الحانية تلك هي الأهداف عند أصحاب العزم والطموح وينيرها بضوئه الحنون مصباح الليل القمر دلالةً على أنَّ العُلى مهما كان بعيداً وصغيراً في الظُلمة فحقيقتهُ كبيرة ونورهُ عظيم وإدراكهُ مهما صعُب فهو ليس بمستحيل.
احمد ناظـــم
تويتر:@9A_N_
التعليقات