كل يوم هو فرصة لمعرفة الذات والتصالح معها دون تأنيب ادراك هذا الشيء غنى يفضي الى نشر المحبة فلنسافر من خلال هذه التدوينة إلى أعماقنا حيث يكمن الخير والجمال

تحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر



إن المعرفة الذاتية هي رحلة و ليست مجرد محطة يبلغها الإنسان بإحدى فترات الحياة . رحلة من المحبة والسلام و التآلف والتناغم مع الوجود، وإن كنت حقاً ترغب في ترك بصمة في هذا العالم، أو التأثير في الناس بطريقة إيجابية، تخيل أنك في غرفة مليئة بالناس ولا يجذب انتباهك إلا شخص واحد، إذا كان ذلك الشخص أنت، عندها فقط يمكنك تحقيق ذلك، ولا يمكنك أن تصل إلى هذه المرحلة إلا إذا عرفت نفسك بطريقة تعكس جوهرك الحقيقي. لن تتمكن أبداً من جذب الانتباه أو التأثير على الآخرين إذا لم تعرف نفسك و أمنت بها، مما يتحول تلقائياً إلى تأثير مغناطيسي اتجاه الآخرين . المعرفة الذاتية تتجاوز معرفة نقاط القوة والضعف، بل هي تجربة عميقة تجعل تصل إلى جوهر أمنياتك وتدرك قيمك وحدود قدراتك، هي القدرة على تجاوز ضجيج الحياة الذي يصعب غالبا الراحة المنشودة.


قال سقراط "اعرف نفسك" وجعل هذا القول مبتدأً لكل حكمة، وهو ما يتطلب القدرة على التباعد عن الذات والنظر إليها ، وكما أورد باسكال، فإن المعرفة الذاتية هي المعرفة التي يكتسبها الشخص عن نفسه، سواء على الصعيد النفسي أو الروحي، خلال حياته ونتيجة لتجاربه، وقال لاو تسو "معرفة الآخرين هي حكمة، ومعرفة الذات هي حكمة أعلى".




معرفة الذات و الوساطة



تقوم معرفة الذات على آراء عدة فلاسفة يرون أن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، فإلى أي مدى يمكن لهذا القول أن يوجه الفرد ضمن المجموعة؟ و هل الإنسان بالضرورة معتمد على الآخرين للمضي قدمًا في رحلة معرفته بذاته؟ وهل تعتبر الوساطة ضعفًا أم قوة؟ هل يحتاج الفرد داخل المجتمع إلى شخص ما لمعرفة ذاته؟ هل يجب أن يكون إنسانًا متبعًا أو قائدًا في رحلته نحو هذه المعرفة؟


تكتسي الوساطة في الحياة الإنسانية أهمية بالغة ، وعن طريقها يتم التعبير عن ما يخالج النفس و يحصل التواصل ، وكذلك يتم استقبال المشاعر والأفكار. يمكن استخدام مفهوم الوساطة في مجالات مختلفة مثل الثقافة، والدين، والعلاقات الاجتماعية، والسياسية.


يتضح أن الإنسان بطبيعته لا يمكنه، على سبيل المثال، أن يتعلم بدون معلم، أو أن يفهم الحياة ويتفاعل أخلاقيًا مع الآخرين دون أن يكون هناك من يعلمه. من الناحية السياسية، يجب عليه في كثير من الأحيان أن يكون تابعًا لحاكم ضمن تسلسل هرمي حيث يلعب آخرون أيضًا دور الوساطة. وفي السياق الديني، خاصة عند المسلمين، يجب أن يصلي وراء إمام في المسجد، مما قد يتعارض مع مبادئ الفردية والانعزال الضروري أحيانًا لمعرفة الذات ظاهريا ان اعتبرنا أن معرفة الذات هي انغلاق على النفس.


ماهو التصوف

معرفة الذات عن طريق الصوفية 47503640092799440



الصوفية، بمعنى اللغة، تعني "الذي صفي قلبه لله و اصطفاه "، والمتصوفو ليسوا طائفة خارجة عن الإسلام، بل هم روحه وجوهره، إذ يرتكز فكرهم حول البحث عن المعرفة الروحية والحب الإلهي. يسعى الصوفيون لتنقية قلوبهم من الارتباطات المادية ليصلوا إلى اتحاد داخلي مع الإله، باستخدام ممارسات مثل التأمل والذكر وأحيانًا الموسيقى الروحية.

تاريخيًا، ظهرت الطرق الصوفية بين القرنين الثالث والسادس للهجرة في العراق، وانتشرت في المغرب بداية من القرن التاسع. يلتف مريدوا كل طريقة صوفية حول شيخ معين ، ويستخدمون صيغًا خاصة من الذكر تحت إشراف هذا الأخير، غير أنه بغض النظر عن شطحات الدراويش أو أورادهم فإن الصوفية تبق في الأصل طاقة روحية تهدف إلى تحرير الإنسان من الشهوات، مما يتيح إيجاد مساحة داخلية يتمكن من خلالها تأمل حقائق الروح. هذا الطريق ليس في متناول الجميع لأنه يتطلب شعورًا نبيلًا بالحب الصافي نحو الخالق والأمثلة كثيرة نذكر منها تجربة جلال الدين الرومي و ابن عربي الأندلسي، اللذين يعدان رمزا لتحالف الإنسان مع الله ومع السلام الكوني دون ومع الوساطة.. وساطة الشيخ، من منطلق أن الإنسان يمضي في رحلة لا تتطلب سوى يومين ألف عام دون من يرشده.



طريق الحكمة هو الطريق لمعرفة الذات

معرفة الذات عن طريق الصوفية 68852121290515256



إن الصوت الداخلي دون شك هو المرشد نحو معرفة الذات ، لأنه يمكن أن يساعد في التواصل معها وبالتالي مع الله جل جلاله . فعن طريق الاستماع والانتباه إلى هذا الصوت يمكننا بلوغ قدر من الراحة والسكينة، والحرية الداخلية الغير المشروطة

مع عدم الشعور بالوحدة أبدًا

أي القدرة على أن نكون مستقلين دون الحاجة إلى وجود الآخرين ذلك الوجود الذي لا نستغني عنه. فالصوت الداخلي هو نوع من الحكمة، هبة يمنحنا إياها الخالق، هو المرشد نحو معرفة الذات الحقيقية، وقد قال فوزي الصقلي في هذا المضمار.


كنت بيني وبين نفسي، منفصلًا عني بنفسي



فالمعرفة الذاتية عند الصوفيين تبدأ بالتواصل مع الذات قبل الإرشاد والوساطة ، لأن التواصل مع الذات يعني تلقائيًا التواصل مع الله، الذي منحنا هذه الحياة. فكل يوم هو فرصة جديدة لتحقيق ما نصبو إليه و خطوة جديدة للسير إلى الله جل جلاله وسبيل الى التسامح والمحبة، فصوتنا الداخلي قبل أن نلتقي بمن يرشدنا يقول لنا "خلقتكم لنفسي، ومنحتكم الحب الذي يأتي مني." فكونوا محبين لي و لكل من نفخت فيه من روحي


في الختام، هذا الكلام ليس دعوة لأن يصبح الشخص صوفيًا بالمعنى السلبي، أو أن يزهد في الحياة وينغلق على ذاته بدل معرفتها بل دعوة للعودة من حين لآخر إليها وسرقة لحظات من صخب الدنيا ، والاستماع باستمتاع إلى الصوت الداخلي لنكون على دراية بجوهرنا الحقيقي، كما يقول سادغورو: أن تكون واعيًا يعني أن تكون على اتصال بجذور من نحن، إذ إن الوعي هو أساس الخلق نفسه.





ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات سلوى جطاري

تدوينات ذات صلة