معارك المصريين في التاريخ وأسباب انتصارهم فيها بسبب صفات القيادة في القائد والاخلاص من الجنود والاعتماد علي الله بنية الانتصار من أجل الوطن.
"وراء كل انتصار ايمان قائد مخلص قوي وجنود اعتصموا بحبل الله وأحبوا قائدهم"
لعشقي للتاريخ , حاولت أن أقرأ وأسمع بعض القصص البطولية من معارك المسلمين في التاريخ , وخاصة في مراحل الحروب الصليبية الثلاث التي ألمت بالأمة الإسلامية في منطقة الشام. وتعجبت من كم المعارك التي خاضها الرجال في تلك الفترة الطويلة التي كانت تشهد شد وجذب من هزائم وانتصارات. وكان سبب الهزائم ليس قلة أو ضعف في الجيوش الإسلامية , ولكن كان وراءه الخيانة من القيادات والتبعية والضعف في الفكر والقيادة. وعلي عكس ذلك تماما كان سبب الإنتصارات التوفيق من الله لرجال آمنوا بالله حق الإيمان وخلصوا النية والعلم والعمل والفكر وحسن القيادة ليحققوا انتصارات مهولة تشبه تلك الانتصارات التي خاضها وانتصر فيها المسلمون الأوائل أيام الرسول وعصور الخلافة الأولي مرورًا بالدولة الأموية ثم الفترة الاولي من عصر الدولة العباسية ثم أواخر الدولة الفاطمية في مصر ثم الدولة الزنكية ثم الأيوبية المتزامن مع عصر المماليك.
ومن أكبر الأسماء التي قرأت وسمعت عن بطولاتها في الحروب الصليبية كان عماد الدين زنكي ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي الذين خرجوا من مصر لقيادة الجيوش في معارك الحروب الصليبية الشرسة. وكان من اشهر هذه المعارك علي الإطلاق معركة حطين والتي دارت أحداثها قرب مدينة طبرية في يوم السبت 25 ربيع الثاني 583 هـ الموافق 4 يوليو 1187 م اَي من حوالي ١٠٠٠ عام والتي انتصر فيها صلاح الدين الأيوبي بجيش تعداده ١٢ الف جندي علي جيوش الصليبيين التي تعدت ٦٣ الف جندي. وتبع ذلك فتح غزة ويافا والناصرة وعكا وطرابلس والرملة وغيرها من الحاميات والقلاع الصليبية العتيدة في ذلك الوقت. كانت بالفعل معارك شرسة وقوية ونبيلة فقد تميز القائد صلاح الدين بالإيفاء بعهوده مع الأعداء بدرجة أشادوا بها وتعجبوا منها رغم عدم التزامهم بعهودهم من جانبهم. وكان بسبب هذا الانتصار الكبير وما تبعه من فتوحات جميع الممالك أن تم فتح وتطهير المسجد الأقصى ورفع اول خطبة جمعة منه بعد اسبوع واحد فقط من الانتصار في وجود صلاح الدين بعد احتلال المسجد طيلة اكثر من ٩٢ عاما كانت تحت حكم الصليبيون الذين كانوا قد حولوا المسجد الي مخزن غلال وأقاموا حوله المراحيض.
ولم يمر سبعون عامًا علي الحروب الصليبية حتي حلت حروب التتار اللذين احتلوا وحرقوا معظم البلاد الإسلامية في العراق والشام واستسلموا لهم. وكان راء ذلك استكانة او خيانة معظم الملوك والأمراء حتي لم يبقي لهم سوي بوابة مصر ليقضوا منها علي باقي الدول الإسلامية والأفريقية. ولكن خرج السلطان قطز الذي تربي في عصر صلاح الدين ومعه الظاهر بيبرس علي رأس الجيش المصري من المماليك والمتطوعين ليقضوا علي شر التتار في معركة غير متكافئة تماما بين جيش جرار من التتار يزيد علي الأقل ٤ أضعاف الجيش المصري. ولكن بفضل توفيق الله واخلاص القادة والجنود وتوحيدهم من بعد تفرق انتصر الجيش المصري علي التتار في موقعة عين جالوت بعيدا عن حدود مصر الشمالية في ٢٤ رمضان ٦٥٨ هجرية الموافق ٣ سبتمبر ١٢٦٠ م أي بعد ٧٣ عانا من معركة حطين لينتهي عصر التتار بعد ان تم القضاء تماما علي كل الجيش التتاري الذي شارك في هذه المعركة.
تحية لهذه الاسماء النبيلة ، عماد الدين زنكي، ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي وسيف الإسلام قطر والظاهر بيبرس وغيرهم من الاسماء التي خاضت هذه الحروب الشرسة بقلوب وعقول مؤمنة متوكلة علي الله حق توكله. أشخاص استخدموا نفس الجيوش ولكن بسبب نياتهم الصادقة نزلت عليهم بركات وعون السماء فانتصروا.
وقد لاحظت أنه علي مر العصور كانت انتصارات الجيوش تعتمد علي القائد، فكان وراء كل انتصار قائد فذ حتي وصلنا الي آخر معارك المسلمين الكبري ضد الصهيونية في العاشر من رمضان ١٩٧٣ بقيادة الرئيس السادات وزملائه من قيادات القوات المسلحة آنذاك حين قدموا انتصارًا كبيرًا بسبب وحدة وايمان الجميع واخلاص القائد والتفكير السليم بتوفيق من الله.
انتهت الحروب ومات الجميع وبقي التاريخ ليخبرنا أن الكل راحل ولكن العبرة بالسيرة الطيبة التي تترك ورائها بصمات تفرح وتفتخر بها الأجيال لتعلم أن النصر والتفوق ممكنا ولكنه دائما مشروطا بالنية والوحدة والعلم والعمل وقبل كل شيء التوكل علي الله والإيمان ايمانا كاملا به بلا تفاخر أو أنانية أو نفاق.
رحم الله الأبطال وأعان ابطال قواتنا المسلحة في مهامهم في عصر يختلف عن كل العصور. وتحية من القلب لكل قائد وكل جندي علي جبهة المعارك فمن يخوض المعركة غير من يكتب عنها تماما كالفارق بين من يخوض المعركة وسط الحريق ليطفأه ومن يقف بعيدا يشاهد ويكتب بقلمه كيف كان شكل الحريق.
مع خالص تحياتي
محمد لبيب'
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات