"الصلاة تجعل من الذنوب التي تجري بالدم تندفع ناحية الكفين والقدمين والجبهة والركبتين حتي تنساب خارج النفس"
لا أدري كيف تحرك كلمات القرآن والدعاء المخلص ونحن بين يدي الله في الصلاة المشاعر بهذا الفيضان والإحساس المرهف الذي يجعل من كل خلية في الجسد قلب ينبض بالدعاء والتوبة. ويجعل من كل خلية في الجسد غدد دمعية تسيل منها الدموع محبة وعشقا في الله.
كيف يحدث هذا بيولوجيا وكيف تميز خلايا المخ رنين صوت الدعاء من رنين الأصوات الأخرى النشاز التي قد تحدث العكس. يا تري ما هو هذا الحبل السري الذي يربط العقل والقلب من ناحية والروح والسماء من ناحية أخري.
إنه الاعجاز النفسي والبيولوجي الذي أودعه الله في قلوب خلقه من مشاعر وأحاسيس لا يعلم مداها إلا الله.
ولذلك دائما ما أسأل نفسي لماذا شرعت الصلاة بهذه المواصفات وهذه الكيفية الجسدية. ففي كل ركعة تكبير ثم وضع الكفين علي الصدر، ثم الركوع مرة واحدة مع وضع الكفين على الركبتين، ثم السجود مرتين ووضع الكفين والركبتين على الأرض.
تساءلت كثيرا وتعددت الإجابات في نفسي دون الوصول الي إجابة واحدة تشفي شغف سؤالي. ولكني اليوم أثناء صلاة العشاء جاءتني إجابة قد ترد على سؤالي ولو جزئيا.
أحسست وأنا أقرأ الفاتحة وكأن الذنوب تهجر كل خلايا جسدي وتتجمع لتصب في أوردتي لتتركز في جبهتي وفي كفي علي صدري، ثم وأنا في ركوعي وكأن باقي الذنوب تتجمع من كل أوردتي لتتركز في كفي وركبتي ، ثم وأنا في سجدتي الأولي وكأن الذنوب التي تجمعت في جبهتي و كفي وركبتي تنساب إلي موقع سجدتي ، ثم وأنا في السجدة الثانية وكأن ما علق من بقايا الذنوب التي لم يسعها الوقت لتنساب في السجدة الأولي تقتلع من جذورها من نفسي لتتركني وأنا ساجدا بين يدي الله نقيا وبلا ذنوب .
وهكذا جال بخاطري لماذا نضع الكفين علي الصدر ثم علي الركبتين في الركوع ثم نضع الكفين والركبتين علي الأرض في كل سجدة.
إنه الشعور الذي انتابني لأتدبر لماذا شرعت الصلاة بهذا الأداء الجسدي المقصود لتلامس أطراف العبد الأرض وتتصل بسطحها مرتين في كل ركعة وكأنها تسمح لتيار الذنوب بالتجمع ثم الانسياب إلى خارج النفس.
إنه الإحساس الذي قد ينتاب القلب والجسد في لحظة ما عندما يكون فيها العبد أقرب ما يكون إلي الله ويكون الله أقرب إلي العبد من حبل الوريد، وما أجمل وأروع هذه اللحظات وإن كانت قليلة.
اللهم قربنا إليك وأوصلنا إلي فضلك وأخرج الذنوب منا كما أخرجت الجنين من بطن أمه ونقنا من الذنوب كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، وأجعل الصلاة لنا وصلا وطريقا إليك.
مع خالص تحياتي
ا.د. محمد لبيب سالم
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات