كل مرحلة من مراحل تطور الذكاء الاصطناعي تشبه عملية سَنّ جديدة لحدّ السكين، فكلما أصبح أكثر دقة وفاعلية، زادت حاجتنا إلى الحذر في استخدامه.
كلما كان حد السكين أكثر حِدة، زادت قدرته على الإنجاز وأداء وظيفته بسرعة، لكنه في الوقت نفسه يصبح أكثر خطورة. الذكاء الاصطناعي يسير على المبدأ نفسه، فكلما تطور واشتد ذكاؤه، زادت فوائده، ولكن تزيد معها التحديات والمخاطر.
نحن اليوم في مرحلة الذكاء الاصطناعي الضيق (Narrow AI)، وهي أشبه بسكين حادّ، لكنه مخصص لأداء مهام محددة، كالجراحات الدقيقة، أو حتى تقطيع الخضروات، حيث يمكنه أداء وظائف متخصصة بكفاءة، لكنه غير قادر على العمل خارج حدود ما بُرمِج عليه.
ومع الانتقال إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، سنصل إلى مرحلة يكون فيها السكين أكثر حدة وأوسع استخدامًا، فقد يتمكن الذكاء الاصطناعي من التكيف مع مختلف المهام دون تدريب مسبق مخصص، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجالات عديدة كالطب، والتعليم، والبحث العلمي. لكنه أيضًا قد يصبح أكثر خطورة إن لم يتم استخدامه بحكمة، حاله كحال السكين شديد الحِدّة عندما يصبح سلاحًا جارحًا أو قاtـلا إن استُخدم بغير مسؤولية.
أما في مرحلة الذكاء الاصطناعي الفائق (ASI)، فسوف نصل إلى الحد الأقصى من حِدة السكين، حيث يتجاوز الذكاء الاصطناعي قدرات البشر في مجالات كثيرة جدًا. وهنا، لا يكمن التحدي فقط في قوة هذه التقنية، بل في كيفية استخدامها وضبطها، لأن سكينًا فائق الحدة يمكن أن يكون أداة عظيمة في يد مستخدمها، جراحًا كان أو جزارًا، أو حتى ربة البيت في مطبخها، لكنه قد يكون كارثيًا إن وقع في الأيدي الخطأ.
كل مرحلة من مراحل تطور الذكاء الاصطناعي تشبه عملية سَنّ جديدة لحدّ السكين، فكلما أصبح أكثر دقة وفاعلية، زادت حاجتنا إلى الحذر في استخدامه. المشكلة لم تكن يومًا في السكين نفسه، بل فيمن يمسك به وكيف يستخدمه. واليوم؛ نحن من نمسك بهذا السكين (الذكاء الاصطناعي)، فإما أن نصنع به مستقبلًا مشرقًا باهرًا، أو أن نتركه يتيه بنا في ظلمات الفوضى وغياهب المجهول، حيث لن تحمد عواقبه علينا.
التعليقات