عاشوراء نداء الهي لكل من يساوره شك في نصرة الله لعباده المؤمنين

صادف يوم العاشر من محرم ذكرى عاشوراء، اليوم الذي أنفذ الله فيه وعده بنجاة عباده المؤمنين، فكانت علامة فارقة ونقطة تحول في حياة الأمم آنذاك والأمة الإسلامية فيما بعد، تمر هذه الذكرى فتزيح عن الأعين غشاوة الفرار من الواقع الذي يعتصر قلب كل مسلم موحد بالله، يشعر بالألم الذي يخيم على كل غزي يعاني الأمرين من ظلم وجور الاحتلال، تمر ذكرى عاشوراء وتزرع في الصدور التمسك بالعقيدة والصد عن كل ما من شأنه زعزعة تجذرها في النفوس والافئدة.

عاشوراء سفينة نجاة من تكالبت عليهم الدنيا من المحزونين والمبتلين من أهل الحق، ركبوها بثقة وعزيمة لا تلين بعدل صاحب الأمر كله، لتنطلق بهم إلى شاطئ الأمان وواحة السعادة ودوحة الرضا، أبحرت لترسم معالم جديدة للكون الذي أشرق بنور السكينة، ورجحت كفة الخير على الشر، تمكن الصالحون من غرس أظفارهم في ثرى الحق وسما بيرق الإيمان وسطع سراج الصبر وانطوت صفحة الضلال، وانبلج صبح الفلاح وارتوت الألباب الظمآ من جداول الهدى، وانزوت حقبة الظلم ولمع سناء الرحمة وسط عتمة الدجى، وكتب لأهل الحق أن يسودوا الأرض، وكتب لأهل الباطل الاندحار إلى مزاريب الخوف والوحشة.

عاشوراء عنوان الإنسان المؤمن الباحث عن الأمل، المنتظر لمستقبل حاملاً معه بشرى السلام لتلك الجموع الصادقة التي اطمأنت بنصر الله وتمكينه، هو الحق الذي لا يعلو فوقه باطل والسعادة الأبدية لمن تعشم بمجيئه زمناً طويلاً، وهو الزحف المقدس نحو الفلاح والفوز بنعيمي الدنيا والآخرة، فيه نجى الله نبيه وكليمه موسى عليه السلام من كيد فرعون وجنوده، انتشلته عناية الرحمن ومن معه من الغرق وأبدلت شدتهم رخاء ويسرا. لذا سن النبي صلى الله عليه وسلم صيامه ليس اقتداء باليهود، فقد كان يصومه صلى الله عليه وسلم قبل علمه صيامهم لهذا اليوم العظيم يوم نجاة أصحاب الايمان.

رحمة الله سبحانه وتعالى تجلت في كل هنيهة من ذلك اليوم، يوم أشرقتا السماء والأرض بنور الحق، وانمحت من ذاكرة العصور السابقة قصص الظلم والجبروت، وحلت محلها قصص القلوب الصافية النقية المسبحة بحمد ربها المتفكرة بملكوته وعظيم خلقه. فتأتي ذكرى عاشوراء والأمة الإسلامية بأمس الحاجة إلى عاشوراء جديدة، يُنتصر فيها لأهل الحق ويُقتص من أهل الغبن والخبث، فقد أوغروا الصدور وولغوا في الدماء، وأمست الأيام صعبة مريرة، أكفهم تتضرع بأن يزيح الله الغمة ويكشف الضر. لذا كانت عاشوراء فقد سبق علمه كل شيء، ستأتي أجيال من أهل الحق ينالهم من الأذى ما ينالهم، فتمر ذكرى عاشوراء لتكون رسالة يطمئن الله عباده الصالحين وبشرى ألا يحزنوا ويتراجعوا عن نصرة دينه وإعلاء كلمته، والتعلق بيقين عدله وإحسانه.

عاشوراء هدية إلهية لكل مكلوم ومكروب وموجوع، وعهد رباني أن قصة آلامهم ستنتهي يوماً ما، وسيبوء المتربصين بالخيبة والخسران الكبيرين.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات خولة الكردي

تدوينات ذات صلة