هذه تجربة ذاتية دفعتني لأفتح شباك سعادتي! وأتمني أن تلهمك تجربتي .. لعلها دعوة رقيقة لكي تفتح شباك سعادتك.



في سبتمبر ٢٠١٥ كنت بجري علي البحر مع أختي .. فجأة حسيت بضربات قلب سريعة وعرق ومشاعر خطر غريبة وببدأ افقد تركيزي .. وقفت جري .. أختي جابتلي حاجة اشربها .. شوية شوية كل حاجة رجعت طبيعية .. تاني يوم الصبح صحيت ومأخدتش بالي تماما إن فطاري كان قليل لأني انهمكت في الشغل حوالي ٤ ساعات .. وفجأة حصلي نفس الأعراض بشكل أكثر شدة وكان ذهني مشتت تماما، الوظائف الإدراكية مضطربة … والدتي أخدتني علي الطوارئ بسرعة، مع أول تصرف فطري إني آكل برضه حاجة في الطريق … أول مستشفي أستقبلتني الدكتور قال مفيش عندها مشكلة، واضح إنها زعلانة شوية (الحقيقة مكنتش زعلانة ولا حاجة، بس واضح إن دا أسهل تشخيص البنات تتشخص بيه) … روحنا مستشفي تانية لأن حالتي كانت غير مستقرة تماما حتي بعد الأكل … توفيق من الله ان الدكتور التاني كان عنده خبرة بالحالة .. وشرح لي إني اتعرضت لنوبة هيبوجلاسيميا (Hypoglycemia) واتأكد إني معنديش تاريخ مرضي للإصابة بالسكر، سألني عن التغذية والمجهود البدني خلال الأيام اللي فاتت … والحالة دي باختصار بتيجي للناس اللي عندها سكر في الأساس … لكن في حالتي كانت بسبب سوء تغذية ومجهود بدني وطبيعة جسم … قعدت حوالي ٣ شهور حالتي غير مستقرة … ضربات قلب سريعة مستمرة … مقدرش آكل كميات طبيعية من الأكل، لازم كمية صغيرة جدا كل ساعة/ساعة ونص … اشرب كوب عصير كل فترة عشان احافظ علي مستوي السكر في دمي … مجهود بدني قليل جدا، تقريبا نايمه معظم الوقت ..



كان للتجربة الجسدية دي أثر نفسي شديد عليا … بقي عندي مشاعر خوف غير مبررة .. كوابيس .. قلق عام .. مقدرش اركز في إنهاء مهمة قراية مثلا أو شغل … اللي يبص لوشي يحس إني كويسة وطبيعية .. لكن في الحقيقة أنا في مكان تاني غير متصلة بالواقع تماما … في الوقت دا خسرت وظيفتي بسبب حالتي الصحية… فاكرة مرة أهلي كانوا بيتفرجوا علي فيلم ومتفاعلين معاه .. لكن أنا مكنتش فاهمة .. مكنتش جوا التفاعل دا.. مكنتش جوا الأحداث .. كأني موجودة بس مخي مش شغال .. بس كان جوايا سؤال .. أمتي هرجع طبيعية تاني؟ أمتي هحس تاني؟ … أول ما حسيت إني شوية اتحسنت دخلت نفسي في موود العمل … عملت عضوية في (co working space) وبقيت أروح كل يوم كأني بشتغل عادي … وفي الحقيقة أنا مش بعمل أي حاجة غير إني بنزل كل يوم أحسس نفسي ان حياتي رجعت طبيعية تاني … دا ساعد كتير إني اتعافي .. مع القراءة والبحث في الموضوع والتأمل في حياتي كلها قبل الحدث دا وربط الأحداث ببعضها … فهمت حاجات عن جسمي مكنتش أعرفها واتعلمت اتعامل معاه إزاي … مثلا إني دايما اعمل حسابي آكل حاجة بسيطه كل ساعة ونص/ساعتين .. المجهود البدني لازم يكون متوسط .. أعمل كمان حساب المجهود الذهني .. فهمت وعرفت ان الاعراض الجسدية ليها جانب نفسي معاها بيسموه ”النَّفْسَجِسْمِيّ“ (psychosomatic) ودا اصلا فرع قائم بنفسه من الطب، تحته امراض كتير جدا زي الصداع النصفي والقولون العصبي وقرحة المعدة … وبنقدر نسيطر علي الأعراض دي لو تدخلنا بشكل شمولي في العناية بنفسنا … يعني إنك تهتم بالتغذية والنوم والمجهود والعناية الشخصية والتغذية العقلية والتغذية الروحية مع بعض … بشكل تدريجي ومستمر .. ربنا سبحانه وتعالي أحاطني بناس بعتبرهم جنود الله لمساعدتي في الفهم والتأمل وشكر الله عزوجل علي تجربة علمتني الكثير …



وبدأت رحلتي في البحث عن السعادة في فبراير ٢٠١٦ وسط الكتب والأوراق البحثية ودعوات أمي ونصائح أبي وتجارب أخواتي .. وحكايات الأصدقاء والمعارف وتجاربهم اللي حقيقي لقيت فيها نفسي وحسيت وقتها بالونس .. والناس في الترام و علي الكورنيش وفي المستشفيات ووقت المطر وفي كل حته اخدتني رجلي ليها … مذكراتي الشخصية وقصاقيص الورق القديمة وكتاباتي ومقتنياتي … دا غير النقاشات العلمية المختلفة مع الاساتذة والدكاترة و رؤساء العمل والزملاء اللي تعاملت معاهم من ٢٠١٦ إلي وقتنا هذا… ترجمت كل دا بشكل عملي في إني ابدأ أفتح شباك السعادة … أفتح شباك السعادة جوايا أنا الأول .. ولقيت قدامي صفحة كنت عاملاها من زمان، كان عليها حوالي ١٥٠٠ فولور .. وكنت محتاجة جدا اشجع نفسي ببداية متكونش من الصفر … غيرت أسم الصفحة وسميتها ”شباك السعادة - happiness window“ .. مكنتش عارفة وقتها أنا ليه اخترت الأسم دا بذات، لكن عرفت بعد كدا … وبدأت رحلتي في الكتابة والتأمل والتعلم والتجربة والعافية … كل نشاط اخترته في شباك السعادة كان له مرجعية من طفولتي … كنت بحب الرسم والتلوين … بحب المشي والتأمل في الطبيعة … بحب الكتابة … بحب القراءة … بحب أرتل قرآن … بحب الخط العربي … بحب الأشغال اليدوية … بحب أرقص … بحب أغني … بحب أمثل .. بحب الشعر .. بحب الأكل .. بحب الطبخ .. بحب الزرع .. بحب السمك .. بحب أضيف التتش بتاعي علي كل حاجة واشقلبها واعملها تصميم جديد … وحبي لكل هذه الأنشطة مكنش هدفه إني اعمل أي حاجة بيها غير إني احس بالسعادة وأنا بعملها سواء مع مجموعة أو لوحدي في البيت … وساعدني ممارسة الأنشطة دي في سن صغيرة إني احدد ميولي وتوجهاتي العلمية والعملية … وفي الوقت الحالي هي بالنسبة لي ”أفعال للسعادة“ بتساعدني علي النمو في الوجهة اللي نفسي أوصلها بإذن الله … وكنت حابة أشارك هذه السعادة مع الناس، اتعلم منهم وأعلمهم من تجربتي … عشان كدا بدأت في ٢٠١٦ أول نشاط في شباك السعادة و كان تلوين الماندالا العملاقة (TITAN Mandala) وكنت منبهرة بالتفاعل اللي حصل علي الصفحة في أسبوع واحد بدون أي اعلانات كان فيه ١٠٠٠ فولور … بعدها في ٢٠١٧ و ٢٠١٨ بدأت نشاط ”تمشية للعافية والبهجة“ (Mindful walking) وكان نشاط مبهج مع صحبة مبهجة وجميلة … ومع كل نشاط كنت بتأمل وارجع اقرأ واسأل واناقش وأعدل وأحسن وقررت وقتها ابدأ رحلة البحث العلمي وسجلت في برنامج الدراسات العليا في جامعة الإسكندرية عشان يبقي بحثي عن سعادتي يكون ممنهج أكتر … و في ٢٠١٨ برضه وبدعم من مكتبة الإسكندرية- مركز دراسات المرأة، عملنا ايفنت بعنوان (In pursuit of happiness: women on the move) الباحثات عن السعادة … وكان لهذا الإيفنت أثر بالغ في نفسي، لأنه كان اجابة غير مباشر لأسئلة جوايا … كبنت عاشت طفولتها مغتربة مع أهلها وشهدت تأثير تجربة الأغتراب علي سعادتها الشخصية … لذلك كانت مقابلة سيدات مثلي عاشوا نفس التجربة ومناقشة الموضوع والاستماع للحكاوي المختلفة تأثير جيد في بناء معرفتي وربط تجاربي الشخصية بالواقع وتعاطف أكبر مع نفسي ومع الآخر.


وفي يوم كنت بتمشي علي البحر (انا تاني يا جماعة ) .. ولاحظت هرج ومرج لأن كان فيه شاب حاول الانتحار .. قعدت أفكر في الموضوع، واسأل اسئلة بديهية كدا توديني لأفكار وحلول .. بس كانت الفكرة المسيطرة هي ”الوقاية“ ليه نستني لما تحصل المشكلة وبعد كدا نبحث لها عن حل؟ .. إيه اللي ممكن نعمله عشان نحقق مبدأ الوقاية في حياتنا .. وكان وقتها تفكيري محدد في إزاي نحافظ علي صحتنا النفسية قبل أصلا ما يحصل لنا أي اضطراب أو مشكلة نفسية؟ … ورجعت لورا كدا واستعرضت خبراتي السابقة في الشغل وذاكرت دورة تدريبية مقدمة من جامعة جونز هوبكنز عن استراتيجية جونز هوبكنز في تقديم الإسعافات النفسية الأولية … وهنا اللمبة نورت وربط المعلومات والمعارف اللي في التدريب مع ١٠ سنوات خبرة في تصميم و إعداد المناهج التدريبية و ٣ سنوات فاتوا من تعلم و ممارسة تقديم التثقيف الصحي والإسعاف النفسي الأولي للاجئين … هنا ابتديت ورشة ”الإسعافات النفسية الأولية للأفراد“ في أكتوبر ٢٠١٩ ونفذتها في القاهرة والإسكندرية مع صحبة داعمة رحبوا بالفكرة واحتضنوها ووثقوا في إمكانياتي العلمية والعملية.. وجربت في الوقت دا التعلم عن بعد عن طريق برنامج zoom … وبعدها في يناير ٢٠٢٠ بدأت برنامج ”مشروع السعادة“ اللي كنت بحضر له برضه من ٢٠١٦ وكان كله أون لين علي zoom وعملنا فيه عدة لقاءات ناجحة ومؤثرة لحد مفاجأة ”الكورونا“ وتوقف كل الأنشطة وإعادة ترتيب كل شئ …



وكان شباك السعادة خلال الأربع سنين اللي فاتوا ٢٠١٦ -٢٠٢٠ عامل زي كرة التلج كدا بالظبط … كل فكرة انفذها بتوديني للي بعدها … كل موقف ومعلومة ومناقشة بتأمل فيه بينقلني علي اللي بعده … الموضوع مكنش سهل تماما لأنه كان أشبه بالمخاض … إنك تهضم معلومات وبعدها تدخل في حالة مخاض عشان تتولد الفكرة وبعدها تجاهد عشان تحولها لنشاط … عشان كدا كنت ساعات في شباك السعادة أكون نشيطة جدا وبعدها بفترة اتوقف زي كأن بيحصلي بلوك معين للهضم .. وهكذا الحال فضل فوق وتحت … ودا أثر علي الصفحة تجاريا وبقت المنشورات تظهر بصعوبة .. لأن بلغة السوق العميل محتاج دايما يكون في مداومة في تقديم الخدمات … وكنت ببقي سعيدة لما الاقي ناس بتدخل علي الصفحة مخصوص وتبعتلي يلا مفيش جديد، إنتو فين ( حقيقي بتمني لكم كل السعادة والعافية)… لكن أنا في هذا الوقت كان هدفي في الأساس إني أختبر كل شئ بقوله … أطبقه الأول علي نفسي … أتأمل في أثره علي نفسي … وفضلت علي كدا أربع سنوات … إنهاردا بحتفل بتراكم ٤ سنوات من المعرفة والتجارب والفشل والنجاح … والفشل كمان مرة … وبقدم لكم برنامج جديد بس مش جديد …يعني إيه الكلام دا .. مش جديد لأنه تراكم لكل الأنشطة اللي بدأتها من ٢٠١٦ وجديد لأن هدفه تحقيق السعادة بشكل شمولي من خلال تيسيير البرنامج دا للباحثين عن السعادة … دوري في البرنامج هوا ”التيسيير“ لإني بفترض إن كل شخص بالغ عنده قدر من المعرفة محتاجين بس ننور مساحات مضلمة في المخ وبعدها الشخص هينطلق لوحده .. ولأن محدش بيتغير إلا لو كان عاوز وواخد قرار بالتغيير … واللي واخد قرار بالتغيير مش محتاج غير زقة في ضهره من اللي حواليه وهيجري لوحده .. ويختار لوحده .. وينفذ لوحده .. لأن في الآخر دي حياته هوا ومسئوليته هوا … زي ما ربنا سبحانه وتعالي قال لنا ” وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا “ وقال لنا ” إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ “ … تقدر تعتبر إنهاردا بداية التغيير.



طيب أنا بحكي الحكاية دي كلها ليه … أولا: في الحقيقة أنا سعيدة اني بعد أربع سنوات قدرت أعبر عن تجربتي واشاركها معاكم .. يمكن في حد مر بنفس التجربة ولسه خايف ومش فاهم ومتلخبط .. بقوله خاف وأقلق وعيش اللخبطة بس خليك متأكد أنها هتعدي .. ومتفضلش في الخوف والقلق واللخبطة كتير … وحافظ علي صحتك بروتين صحي، لأن مع تكرار حالة الهيبوجلايسيما المخ والجسم بيبطل يبعت اشارات انك محتاج سكر أو في خطر ودا ممكن يؤدي لحدوث غيبوبة أو الوفاة وخصوصا لو أنت مريض سكر .. أو مش مريض سكر زي حالتي … ولو انت بنت وجاتلك الحالة دي وحد قالك بتدلعي أو اصلك نفسيا مش متظبطة .. تقدري تتعلمي تسعفي نفسك وتتوجهي لناس متخصصة أكتر وغالبا دكتور الباطنة الشاطر هيكون اختيار أولي موفق … ولو في الحالة دي جاتلك افكار غريبة أو مرعبة عن نفسك أو اللي حواليك متصدقهاش .. انت كويس .. مخك بس بيحاول يحميك ويوصلك رسالة إنك في خطر .. أول ما تستقر حالتك هتختفي المشاعر والأفكار الغريبة .. وأخيرًا … متستعجلش … متستعجلش عشان كلنا بنتأثر بشكل مختلف وبنتعافي بشكل مختلف ودا معناه فترات زمنية مختلفة حسب عوامل كتير وتاريخك الصحي … قول لنفسك دايمًا في الفترة دي ”أنا في استراحة مقاتل“ … ثانيًا: برنامج ٢٠٢١ بإذن الله هيبدأ في يناير القادم .. ولأن المسميات مهمة … فأنا سميت البرنامج (My Mindful Brain) وممكن ندلعه (MMB) بنركز فيه علي المايسترو الكبير اللي هوا ”المخ“ … هشارك معاكم تفاصيل أكتر عن البرنامج في بوست منفصل آخر علي صفحة شباك السعادة، عشان حقيقي عاوزة أرجع للبوست دا كمان أربع سنوات أخري .. وأشارك معاكم مشاعر وتجارب وأفكار أخري مكنتش اتخيل إني اقدر أحكيها وأعبر عنها بهذه الاريحية والبهجة … دمتم سعداء وبصحة وأمل.. وخلي بالكم من نفسكم .. و اطمئنوا لأن كلنا في رعاية الله .



الصورة دي بألوانها وتفاصيلها بتحسسني بالبهجة وبشوف فيها نفسي كما هي وكما أحبها!


-- الإسكندرية، ٤ ديسمبر ٢٠٢٠



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

Starry Diary .. نعم هناك دائمًا نور في مكان ما في وقت ما ... من دواعي سعادتي أنها اعجبتك :)

إقرأ المزيد من تدوينات شباك السعادة - happiness window

تدوينات ذات صلة