هل يجوز للفنان أن يقلد غيره؟

قد تتغير حياتك بسبب كتاب! نعم، لقد حدث معي هذا عند قراءة بعض الكتب.من أهمها كتاب اسمه (اسرق كفنان) (Steal Like An Artist) للكاتب أوستن كليون.

السرقة هنا، ليس مقصوداً بها الفعل غير القانوني بسرقة مجهود أحدهم ونسبه إليك، بل إن هذا الكتاب يشبه وثيقة عمل يستعين بها أي انسان يريد أن يبتكر شيئاً جديداً (لوحة، كتاباً، مقطوعة موسيقية، عملاً حراً...وغير ذلك) بدون الشعور بالذنب من أن جزء من هذا الشيء الجديد إنما هو تقليد لأعمال فنانين سابقين.

فكرة الكتاب تقوم على أنه لا بأس من تقليد غيرك، فلا يوجد في هذا العالم أجمع عمل أصلي بنسبة 100%. فالعمل الفني يعد كطفل مولود اكتسب خليطاً من الصفات الوراثية من آبائه وأجداده لينتج مزيجاً هجيناً فريداً من نوعه.

هل يوجد لغة في هذا العالم لم تتفرع قبلاً من لغة أصلية تسبقها قدماً بسبب اختلاف طريقة كل انسان في تقليد اللغة الأصلية؟

لكي تكون فناناً، فعليك أن تقلد من تحبهم من الفنانين. إن أحببت عشر فنانين مثلاً وقمت بتقليدهم، سينتج منك عمل فني هجين يحمل عشر سمات لعشر فنانين بالإضافة إلى سماتك أنت الخاصة، فلا تقلق نفسك بعمل شيء من الصفر لأن هذا أمر غير منطقي وسيضيع الكثير من وقتك وجهدك.

يقول الكاتب الفرنسي أندريه جيد " كل شيء نحتاج لقوله، قد قيل من قبل. ولكن حيث أنه لم يستمع أحد لما قيل قبلاً، لذا وجب إعادة قوله من جديد".

وفي هذا السياق، يعطينا الكاتب بعض النصائح الهامة مثل:

- مخالطة من يضيف إليك جديداً في المجال الذي تحب، فيلهمك ويغذي خيالك. و هذا لا ينطبق على الأشخاص فقط، بل الأشياء أيضاً مثل الأفلام، الموسيقى، الكتب، اللوحات، الصور، الأشعار، التحف المعمارية، أماكن طبيعية،..وغيرهم. إذا واظبت على ذلك ستنطبع شخصيتك على أعمالك حتى وإن كان بها بعض التقليد لغيرك.

- ثقف نفسك بشكل مستمر ولا تعتمد على المدرسة فقط. تحل بالفضول، ولا تبحث عن الإجابات المختصرة الشافية، بل تعمق في البحث والقراءة. زر المكتبة، وليكن جوجل صديقك دائماً.

- لا تخف من البدء في العمل، وكف عن التأجيل بحجة أنك ما زلت تكتشف نفسك. معظم الفنانين يصيبهم الإلهام وتتضح لهم الأمور أكثر عندما يشرعون بالعمل.

- تقمص دور الفنان المحترف، وأقنع نفسك بأنك كذلك حتى تكون كذلك فعلاً.

- عندما تقلد أحدهم، فلا تقتبس منه بشكل أعمى، ولكن افهم جوهر نجاح العمل، وقلد طريقة التفكير التي أنتجت ذلك العمل.

- ارسم اللوحة التي تتمنى أن يرسمها غيرك، أكتب الكتاب الذي تتمنى قراءته، اعزف الموسيقى التي تتمنى سماعها...لا تكتف بنقد الآخرين ولكن ضف أنت الجديد.

- عندما يشغلك عمل آخر جانبي عن عملك الأصلي ويجذبك بقوة، فغالباً ما يكون ذلك العمل الجانبي هو موطن شغفك ونجاحك دون أن تدرك ذلك، فأعطه بعض الاهتمام. وهنا فمن المهم جداً أن يكون لك هواية، تمارسها لأنها تجعلك سعيداً وليس للحصول على المال أو الشهرة، لأن الهواية عمل يعطيك ولا يأخذ منك.

الأمر أسهل مما توقعت، أليس كذلك؟ هون على نفسك، وأرجو أن تفعم نفسك بالأمل في النجاح بإذن الله، كما أرجو ألا تشعر بالذنب بعد الآن عندما تقلد غيرك من الناجحين.-