التدوينة عبارة عن مراجعة لرواية أدبية من الأدب الباكستاني

" جهنم! ماذا يبقى بعد أن تُدحر فيها و تُدمّر يستحق أن تعرف عنه؟"


طرح سؤاله على إمامة: ماذا بعد النشوة؟نظرت إليه للحظات ثم قالت: ألم

ألقى عليها سؤالاً آخر: و ماذا بعد الألم؟

عدم!

سأل بنمطه المعتاد: و ماذا بعد العدم؟

جهنم!

و ماذا بعد جهنم؟

نظرت إليه إمامة بصمت فأعاد سؤاله: ماذا بعد جهنم؟

ألست خائفاً؟

سمع سؤالها ذاك بنبرة غير مألوفة و قال مندهشاً: خائف! ممّ؟

من جهنم؛ المكان الذي لا يوجد بعده شيء، كل شيء يكون قبله ثم سألته بصوت حزين: ماذا يبقى بعد أن ُتدحر فيها و ُتد ّمر يستحق أن تعرف عنه." حول هذه الأسئلة نسجت الكاتبة الباكستانية عميرة أحمد روايتها القائد المثالي لنسافر بين حروفها في رحلة عن إمامة و سلار شخصان مختلفان تماما في الأفكار و المعتقدات والأهداف جمعهما القدر بطريقة غير منطقية ،و فرقهما بعد مدة قصيرة من تعارفهما ليعيش كل منهما قدره وحده بعيدا عن الماضي . هنا تبدأ الرحلة مع إمامة فتاة في التاسعة عشر من عمرها ضحت بحلمها أن تصبح طبيبة عيون مشهورة و حياة الرفاه التي تعيشها من أجل ايمانها بالنبي محمد صلى الله عليه و سلم ، متجهة نحو المجهول و لا هم لديها سوى الحفاظ على دينها و هي على يقين تام أن الله معها و لن يتركها .ثم رحلة سلار شاب ذكي بشكل استثنائي و فخر والديه منذ طفولته حيزت له الدنيا بكل ما فيها إلا إيمانه بالله تعالى ينكر الأديان وهمه الوحيد معرفة ماذا بعد النشوة؟ الأمر الذي جعله يحاول إنهاء حياته خمس مرات بدم بارد ليعرف جواب السؤال الذي يراه هو بسيط و يراه محيطه أنه معقد.فها هو مقيد تحت جذع شجرة في غابة مهجورة يحيط به الظلام و الخطر من كل جانب وقد غزا الخوف واليأس كلّ كيانه، حينها فقط أدرك ضعفه الشديد وشعر لأول مرة في حياته بالخوف من الموت و هنا تذكر الله ، فرفع رأسه إلى السماء بكل ضعفه متضرعا يا رب إن كنت موجودا حقا؟ أسألك أن تنقذني من هذه المحنة ، لكن سرعان ما تذكر أنه طوال حياته لم يفعل أي عمل صالح ليشفع له أمام الله الان ، لأول مرة في حياته يشعر بالخجل من كل أفعاله المشينة و حياة العبث و الضلال التي يعيشها، و لكن أين المفر من الاعتراف أمام الله تعالى بكل أخطاءه و ذنوبه حتى لو كان أخر شيء سيفعله ، مُعلنا توبته و عزيمته بكل صدق لتغيير حياته و اختيار الطريق الصحيح . بدأ سلار مرحلة جديدة مع الله تعالى ، تاركا وراءه كل العبث الذي جعل حياته بدون معنى رغم ذكائه البارز و نجاحه الدنيوي الذي يحسده عليه الكثيرون ، فأصبح مواظبا على الصلاة و تعلُّم أمور دينه ، بارا بوالديه و نادما على أذية إمامة و كل من عرفهم ، لأول مرة في حياته يسعى لمساعدة الاخرين دون مقابل و تطوع لمساعدة ضحايا الحروب في أماكن مختلفة من العالم ، كما قرر تأسيس مشروع خيري لمحاربة الهدر المدرسي في إحدى المناطق النائية في باكستان. تقرب سلار يوما بعد يوم من الله تعالى و حرص على عبادته و رضاه لكنه ورغم ذاكرته القوية و قدرته على حفظ كلام الله بسهولة أعرض عن هذه الخطوة ظانا أنه لا يستحق حفظ كتاب الله في صدره الأسود ، فيتجلى دور الرفقة الصالحة في صديقه الجديد فرقان الذي أقنعه بحفظ القران الكريم و أخذ بيده إلى الكثير من الخير ، عاش سلار مرحلته الجديدة كالطفل الذي يبحث عن القدوة التي يتبعها في كل أموره و يسير على خطاها ليرضى الله عنه ، طال بحثه حتى وصل في النهاية إلى أن قائدنا المثالي الوحيد في كل أمور الدين و الدنيا هو النبي محمد صلى الله عليه و سلم .صدرت الرواية لأول مرة سنة 2004 باللغة الأردية تحت عنوان " پیر کامل" ثم صدرت طبعة مترجمة للغة الإنجليزية سنة 2011 و بعدها الطبعة العربية سنة 2018 ، تمحورت الرواية حول قضية التوبة و الرجوع إلى الله و التقلبات التي يعيشها الانسان ، فالمذنب يصبح تائبا و المؤمن تأخذه الدنيا و ترمي به بعيدا عن الله، ولحظة صدق واحدة بين المخلوق و ربه كافية لتأخذه إلى عوالم أخرى لم يعهدها من قبل، كافية لتجعل منه عبدا راضيا مستسلما لله تعالى باحثا عن كل السبل المتاحة له لعبادته حق عبادة. رغم أن الرواية حوت الكثير من الثغرات في الأحداث و الشخصيات إلا أنها تستحق القراءة ، فهي عبارة عن رحلة من الظلمات إلى النور مع فتاة رغم ضعفها ووحدتها اختارت قرب الله تعالى و رضاه عنها تاركة وراءها أسرتها و كل أحلامها الدنيوية ،و شاب عبثي مُنكر للرب غارق في الذنوب و المعاصي حتى أصبحت الضلالة مصيره الحتمي اختاره الله تعالى ليخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الايمان لحكمة هو وحده يعلمها ،القائد المثالي فسحة أمل علمتني أنه حتى لو وصل الانسان في طريق الظلام و الضلال إلى منتهاه فرحمة الله وسعت كل شيء.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

السلام عليكم قرأت الرواية منذ مدة هي رائعة بكل المقاييس شكرا لك على هذا الملخص على أمل أن يقرأها أكبر عدد من القراء

إقرأ المزيد من تدوينات هناء لهميص

تدوينات ذات صلة