إن التعرف على الخرافات المتعلقة بالمشاعر من أهم الخطوات التي تساعدنا في التعامل مع مشاعرنا بطريقة متزنة،.
ونجد أن معظم الخرافات المتعلقة بالمشاعر تدور حول محورين...
فالمحور الأول ينظر إلى المشاعر على أنها غير مهمة وتجعل الإنسان ضعيفًا لذا يميل إلى نكران وكتم المشاعر، أما المحور الثاني فينظر إلى المشاعر بشكل فيه تعظيم مبالغ لها فيضخمها بطريقة متجاوزة وكأنه لا يوجد شيئًا مهم لدى الإنسان سوى المشاعر، وكلا الرؤيتين يحتمل المغالاة واللاواقعية، فكما قال الفلاسفة قديمًا "الفضيلة وسط بين رزيلتين"، لذلك فالطريقة المناسبة للنظر إلى المشاعر هو تقبل واحترام وجودها مع التصرف بطريقة مناسبة للواقع والحقيقة بقدر الإمكان
وفي هذا المقال نتحدث عن أهم "الخرافات حول المشاعر"، والتي تم اقتباسها من كتاب مارشا لينيهان "التدريب على مهارات العلاج الجدلي السلوكي"، فنحن هنا نتعرض لبعض من تلك الخرافات بشرح وتفصيل أكثر.
الخرافة الأولى: من الضعف أن يعلم الآخرون أني أشعر بالمشاعر السيئة
كما ذكرنا في مقالنا السابق عن "المشاعر"، أنه ليس علينا أن نحكم على مشاعرنا بالإيجاب أو بالسلب وذلك لأنها كلها وجدت لهدف فمشاعر كالحزن أو الخوف أو الغضب عندما نشعر بها في مواقف تستدعيها فإن هذا ليس دليلًا على ضعفنا، فشعورنا بالحزن عندما نفقد شخصًا أو شيئًا عزيزًا علينا ليس ضعف، وكذلك شعورنا بالخوف عندما تكون حياتنا أو وجودنا مهدد أو حياة أحبابنا معرضة للخطر لا يعتبر جبنًا، وكذلك شعورنا بالغضب عندما يتم إيذائنا لا يعتبر تهورًا، فكل تلك المشاعر لا تعد ضعفًا طالما أنها ظهرت في موقف يستدعيها وتم التعبير عنها بالطريقة الأنسب، فظهور الخوف/ الحزن/ الغضب وغيرها من المشاعر التي تعتبر منبوذة بطريقة مغلوطة في بعض المجتمعات، طالما أنه حدث ما يستدعيها وظهرت بمقدار يناسب الموقف، فوقتها لا تُعد دليلًا على الضعف بل هي جزء أساسي من طبيعتنا البشرية.
الخرافة الثانية: الانفعال العاطفي يعني أنني فاقد السيطرة على نفسي
انفعالنا العاطفي في موقف ما لا يعني أننا أشخاص فاقدي للسيطرة على أنفسنا، فإذا افتراضنا أن شخصًا ما متحكم في معظم مواقف حياته أن يتصرف بالشكل الأنسب ولا يجعل عقله العاطفي هو المتحكم الرئيسي فيه بل يجمع بين المنطق والعاطفة في آن واحد عند اتخاذه معظم القرارات في مختلف المواقف، فإذا جاء في موقف وحيد واستخدم عقله العاطفي لاتخاذ القرار في هذا الموقف فهذا لا يعني أنه فاقد للسيطرة على نفسه، فجمعنا قد نتفاعل بانفعال في موقف ما قد يستدعي ذلك الانفعال العاطفي، وحتى إن كان الموقف لا يستدعيه فإن ذلك يعني أننا فقدنا السيطرة مرة واحدة وسط مرات عديدة من التحكم والانضباط في سلوكنا وليس أننا فقدنا السيطرة بالكلية على أنفسنا.
الخرافة الثالثة: إذا لم يتقبل الآخرون مشاعري فيجب ألا أشعر بتلك الطريقة مرة آخرى
عندما يُعلن المرء عن شعوره تجاه موقف ما فليس عليه أن يحكم على نفسه وكذلك ليس على الآخرين أن يحكموا عليه، وذلك لأن الشعور شيئ داخلي خاص جدًا بالإنسان، فالآخرين لهم أن يحكموا على السلوك المتوجه نحوهم منا وهل أزعجهم أم لا؟، ولكن ليس لأحد الحق في أن يحكم على شعورنا أو يرفضه، فعلينا أن نتقبل شعورنا الذي يخصنا ونتصرف بالطريقة المناسبة التي لا تؤذي شعورنا ولا تنكره وفي نفس الوقت لا تؤذي الآخرين من حولنا.
الخرافة الرابعة: المشاعر المؤلمة ليست ذات أهمية ولابد من اجتنابها:
نكران جزء من مشاعرنا حتى لو كان مؤلمًا يزيد من الألم لدينا، فالتدواي من جرح ما بالتعامل معه على أنه لا وجود له لا يساعد في الشفاء منه بل يزيد الأمر سوءًا، وكذلك فتجنب الألم وإنكار وجوده يجعله يتضخم أكثر ليعلن عن وجوده ويلفت انتباهنا إليه، فتقبل وجود الألم هو جزء مهم من محاولة تجاوزه، أو إيجاد حل للتخفيف منه
الخرافة الخامسة: الحقائق العاطفية أهم من الواقعية
وتعني هذه الخرافة أن نعتمد على مشاعرنا في الحكم على الأشياء من دون التعامل معها أو اختبارها واقعيًا، فمثلًا عندما نرى شخصًا لأول مرة وقبل أن نتعامل معه قد نشعر تجاهه بمشاعر ما، وبالطبع يجب أن نتقبل تلك المشاعر ولكن لا نتعامل معها كحقيقة وذلك لأن العواطف ليست حقيقة إلى أن تتحول إلى وقائع عن طريق معاملات وتجارب حقيقية مع الشخص أو الشيئ الذي حملنا تجاهه شعور معين، فالواقع والمعاملة الحقيقية حينها قد تؤكد شعورنا أو تنفيه.
الخرافة السادسة: من الجميل التصرف بطريقة درامية:
شعورنا بالحزن أو الضيق من بعض المواقف هو حق طبيعي لنا جميعًا، ولكن أن نضخم الشعور بشكل لا يتناسب مع الموقف ونجعل شعورنا يأخذ وقتًا طويًلًا جدًا بعد مرور الموقف المتسبب فيه، ونؤذي آخرين بسلوكنا تحت مبرر أننا نشعر بالضيق أو الحزن فهذا ليس من حقنا، أو نأخذ نلوم المقربين على شعورنا الذي يعنينا نحن بالأساس في كل وقت ونأخذ دور الضحية في كل حديث نسرده فهذا لا يمكن الحكم عليه بأنه من حقوقنا، حتى وإن كنا نقع في بعض المواقف المؤثرة فينا بشدة ونتصرف بطريقة درامية من دون قصد، فهذا لا يعني أن نستسلم لتلك الطريقة في التعبير أو نستمر عليها دون اعتبارًا لأنها قد تؤذي المقربين منا وتؤذينا نحن أيضًا .
الخرافة السابعة: تحدث المشاعر بسبب عامل واحد فقط
وهذه الخرافة يُقصد بها أن المشاعر تنتج عن عامل واحد فقط، فمثلًا قد ينسب البعض تهوره الشديد وتعصبه من أبسط المواقف أن ذلك راجع لعامل الوراثة لأن إحدى والديه كان عصبيًا لذا هو لن يستطيع أن يتوقف عن السلوكيات المؤذية كلما شعر بالغضب، والحقيقة أن العامل الوراثي قد يلعب دورًا في التأثير على الشخص وطريقة شعوره لكنه ليس وحده المؤثر، فالبيئة المحيطة للشخص وتعلمه لبعض المهارات في التعامل مع مشاعر غضبه كل ذلك قد يؤثر في تعامله مع الموقف الذي يثير التصرف بتهور وغضب عنده، وكذلك شعوره بأنه مسؤول عن شعوره والسلوك الصادر عنه، كل تلك عوامل مؤثرة في الشعور مع عامل الوراثة، فلا نستطيع اختزال عامل واحد ونقول أنه العامل الوحيد المتسبب في تصرفنا مع شعورنا بهذه الطريقة.
وبهذا نكون قد استعراضنا أهم الخرافات حول المشاعر، ونهاية هل يوجد لديكم خرافة آخرى أو شيئًا غير حقيقي حول المشاعر تعرضتم له في حياتكم الواقعية لم يتم مشاركته في المقال؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات