الغضب..الحزن..الألم.. كلها مشاعر قد تقودك نحو الهاوية.. لكن بقدر إيلامها لنا بقدر ما يكون النجاح في مداومة العيش بسلام نفسي بعدها قيما وذو معنى كبير

على رمال الساحل..تحت حمرة المغيب يوجد ظل شخص واقف ينظر في الفراغ موجها بصره نحو امواج المياه المتلاطمة.. نسمات الريح الباردة تعبث بخصلات شعره الناعم القصير..يمسك في يده زهره جوري حمراء اللون جميلة رغم كون بتلاتها ذابله.. كانت شبه جافه ومتعبه تماما كوجهه..من يعلم أي ريح جلبته إلى هنا وجعتله يقف بهذه الحال .. ربما هجرته حبيبته .. وربما فقد عزيز بعدما إختطفه شبح الموت أو دوامة "الغربة".. ربما عانى من أحد عثرات الدنيا المعتاده فخسر عملا مهما أو أخفق في دراسة ما..


ربما ما دفعه للتواجد هنا حفرة قد حفرها أحد الناس في قلبه وعقله لا تتعجب من تسميتي للأثر النفسي الذي تركه الناس في نفوس غيرهم بالحفرة فالكلمة والبسمة والخذلان وكل مؤثر قوي التأثير يترك مكانه حفرة بداخل الإنسان.. يصعب تخطيها أو علاجها أو حتى ردها وطمسها..


كل انسان هو فتره زمنية في فترة حياة غيره.. قد تطول وقد تقصر قد تحلو وقد تمر .. لكن الأكيد أنها تترك أثرها الذي لا يمكن تجاوز وجوده وإن توقف عن تسبيب الألم.. ذلك الأثر ينحت في شخصية الفرد كالنحت في الصخر..


كل خيبة أمل.. كل فقدان .. كل عثره وكل ذكرى مؤلمة تمر بنا حتما سنتخطاها لكن ذلك لن يكون سهلا .. تشرق شمس اليوم وتغرب مره أخرى وأنت عند نفس النقطه منكرا لما حدث ثم غاضبا ثم صامتا ثم في النهاية ستكون مسلما بما حدث .. عندها ستترك مكان تلك الأطلال خلفك .. ستترك المكان الذي وقعت فيه لكنه لن يتركك.. وسبيل واحد فقط هو الذي عليك أن تسلكه لتخرج من متاهة حزنك .. سبيل الايمان بنفسك وجعل نقطة سقوطك هي ذاتها نقطة إنطلاقك مرة أخرى..


كل نقطة سوداء في دفتر حياتك ذات معنى .. وكل حفرة تنحت في حجر شخصيتك نقشا جديدا.. تغيرك وتغيير نظرتك للحياة.. لك الحق في أن تفكر في حرق الدنيا لكن لا تجعل تلك الأفكار تبتلعك.. لا تجعل من غضبك بصلة لك فحينها ستفقد طريقك ولا رجعه من ذلك الضياع.


حينها ستمسي شبحا لا يعرف ولا يعرفه أحد.. مجرد ظلام وجسد بلا روح بلا قلب بلا شفقة.. ستدخل طريق اللا عودة.. طريق قد ترى فيه شفاءك ولكنه في الحقيقة الداء بذاته..


أدر ظهرك لذلك الظلام وأبحث عن بصيص الضوء المنادي على قلبك وسط تلك الغيوم .. إن نظرت حولك في تلك الأزمات ستجد صديق وفي يربت على كتفك .. وقع تلك اللمسات يصل إلى قلبك ويعيده للحياه.. ربما ترى النور في عينا والديك وبسمتهما.. أو في دعوة منهما لك بالهدى والتوفيق.. سترى النور في عمل تهواه أو كتاب تحب قراءته.. وربما ترى النور في رسالة تصل حروفها إلى أذنيك عند سماع آيه من القرآن الكريم وتشعر أنك المقصود بها..


نحن من نختار مسار حياتنا وهيئتها كاملة .. فأترك مكانك الحزين الآن وأبحث عن مكان جديد تشرق فيه الشمس فعلا .. تشرق فتملاء روحك بنورها .. عندما تشرق الشمس في يوم سعادتك.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات داليا أحمد

تدوينات ذات صلة