الكثير منّا الآن أو الجميع بلا شك يعاني من ضغوطات نفسية ومشاعر سلبية نتيجةً لما تسبب به " فيروس كورونا" من تأثيرات حتى في أبسط أمور حياتنا وأكثرها رتابة .


قلّت لقاءاتنا ، وازداد شوقنا .

اضطربت حياتنا ، واختلّت موازيننا .

وشاهدنا الكثير من مخططاتنا تنهار أمام مرأى أعيننا ولا حول لنا ولا قوة في درء ومنع ذلك .

أوقات الملل تتمدد ، والمشاعر السلبية تسيطر ، وكل شيء لم يعد يحمل لونه المعتاد ..

وأوقات الحظر خاصةً تشكّل عبئًا ثقيلًا على النفس وهُنا يتمركز حديثنا .

كيف نخفف وطأة هذه الأيام على أنفسنا بشكلٍ عام وثقل ساعات الحظر بشكلٍ خاص ؟


سأدلي عليكم باقتراحاتٍ بسيطة جدًا قد جربتها بنفسي وكان لها وقع وأثر عظيم في تخفيف ثقل هذه الأيام بل وفي اكتشاف نفسي وجعلتني أُبصر جيّدا بعين قلبي الخير في هذه الأيّام وكيف كان باستطاعتي استغلال سوءها لصالحي .


أولًا :

فكّر ماذا لو حدث ما هو أسوأ من هذا كله؟ ماذا لو أصبح الفايروس يملك خصائص أكثر بشاعة من هذا كله؟

هل من الممكن تمنّي عودة هذه الأيام الثقيلة كما تمنينا عودة أيامنا الماضية التي كنّا نشكو منها كثيرًا ومن رتابتها ومللها ؟

تعوّد أن تحمد الله كثيرًا في كل الأوقات وفي أوقات الشدة " كهذه " ، وتعوّد أيضًا أن تستحضر نيّة عبادة الله والتقرّب منه في كل شيء حتى في هذا البلاء . اعقد نية الصبر على البلاء وأكثِر من الحمد لتكتب بإذنه من الشاكرين الصابرين .. لتتحول محنتنا هذه وتذمرنا إلى عبادة وأجر .. وأكثر من الدعاء لرفع هذا الوباء فمن نعم الله علينا أن جعل الدعاء عبادة و عليها نؤجر ، ساعد غيرك ممن وقع عليهم الضرر الأكبر كمن يتقاضون أجر يومي ، ابحث عنهم وجِدهم و ساعدهم ولو بالقليل القليل .

فيصبح هذا الوباء - بنيتك الصادقة وبعين قلبك التي تبصر خيرَ الأمور - وسيلة تجعلك بإذن الله عابدًا ، شاكرًا ، صابرًا ، متصدقًا .


" إجعل من قلة لقاءاتك للناس فرصة للقاء نفسك" لو أدركنا فعليًا أهمّية وعِظَم الجلوس مع النفس لما تخلّينا عن الإلتزام بها كعادة يومية .. إجلس مع نفسك بلا هاتفك وبلا أي نوع من أنواع الملهيات .لا تختلق الأعذار بأنّك لا تمتلك وقتًا لنفسك .. حتى لو اضطررت للاستيقاظ فجرًا قبل الجميع ، أو السهر لوقت أطول بعد نوم الجميع فالجلوس مع النفس - والتدبّر والتفكّر في أنفسنا وفي طريقة سير حياتنا - له وقع وأثر إيجابي عظيم جدًا في حاضر الإنسان وفي مستقبله وفي اكتشاف تفاصيل وعمق ذاته ..


- كن ممتنًا لفكرة أنّك حبيس بيتك .. لستَ مستلقٍ على سرير المشفى مثلًا ! حاول أن تستمتع بتفاصيل يومك وروتينك العادي واجعل من احتساءك لمشروبك المفضل جلسة ممتعة وغنيّة لنفسك وأبصِر بقلبك جمال الأشياء لا بعينك ! إستمتع بفقرات يومك كلّها وكن شاكرًا ممتنّا لوجودها !


- مارس التمارين الرياضية واجعل النادي الرياضي بين يديك ؛ - قم بتحميل تطبيق على هاتفك يخص الرياضة فهناك الكثير منها ، والتزم بالتمارين الرياضية - أحدِث تغييرًا ! توقف عن الكسل والتذمّر والمماطلة وخلق الأعذار !


- تصفّح المواقع والصفحات الإيجابية والمُجدية والنافعة ، وقم بإلغاء متابعتك لكل ما يسبب تعكير صفو مزاجك أو خَلق شعور سلبي في داخلك مهما كان نوعه .


- حاول أخذ دورات " أون لاين" مجانية فهناك الكثير بانتظارك ! " تصفّح موقع فرصة Forsa "


- تعلّم مهارة طالما رغبت كثيرًا في تعلمها ولكن مشاغل الحياة الكثيرة أخذتك عنها .تعلّم كلمات من لغة جديدة مثلًا ، لعب الشطرنج ، لعب الورق ، الكتابة ، طوّر مهارة الرسم لديك أو تعلَّمه إن كنت شغوفًا به فالرسم من المهارات المكتسبة ليس شرطًا أن تكون موهوبًا به ! وغيرهم الكثير .


- قم بشراء أو تحميل كتب في المجال الذي يخصك أو الذي تهتم به فهناك الكثير من المعرفة بانتظارك ! وتذكّر أنّ " القراءة ضرورة وليست هواية".


- تعلّم إعداد أكلة جديدة .


- شاهد فيلم تحبه وقم بترشيحه للآخرين .


- نظّف غرفتك واكتسب عادة التخلص من كل الأشياء الزائدة وتخلّص من عادة الاحتفاظ بالأشياء التي لا تستخدمها وقم بالتبرع بها مثلًا . أن تدخل السعادة على قلب أحدهم خيرٌ من ترك الأشياء قابعة بلا جدوى في خزائنك !اترك في غرفتك ما تستخدمه فقط . وتذكّر أنّ " المكان الفوضوي يعني عقل فوضوي" والعكس صحيح .


- تواصَل مع الأهل والأصدقاء عن طريق مكالمات " الفيديو" .


-تخلّص من جميع الصور والملفات الزائدة في هاتفك واستمتع بتصفح صورك القديمة .


- حاول أن تكتشف نفسك أكثر وأن تتعرف على شيء تتميز به فهذا لا يكون إلا بالعزلة وقلة اختلاطك بالناس . ليس شرطًا أن تتميز بشيء يبدو مبهرًا للجميع فقط أدرك ما الذي أجيد فعله بشكل جيّد جدًا ؟ شيئ فعلته يومًا من قبل و أخبرني الآخرون أنّه مميز مهما كان نوعه . تعرّف عليه ، استثمره وقم بتطويره . " لا تتوقع أن تجده في غضون ساعات ولا حتى أيّام سيتطلب منك وقتًا وجهدًا كبيرين وعزلة طويلة مع النفس والكثير من التفكير على الورق والكثير من الدعاء .


- وأخيرًا وليس آخرًا " لا تفعل شيئًا " !

فقط استلقِ على سريرك بدلًا من فعل كل ذلك إن كنت تعتقد حقًا أنّه لا طاقة لك للقيام بشيء إضافي مهما كان بسيطًا ، و ليكُن قرارك صادقًا نابعًا من عمق ذاتك وبمحض إرادتك ، و نتيجةً لنفاد طاقتك لا كسلًا منك ولا مماطلة . ولا تقلق أبدًا فالجميع يمرّ بذلك ، أعِد شحن نفسك وعُد بقوة . وتذكّر أنّه لا بأس بالقليل من التقصير تجاه أمور حياتك المختلفة ، فكلنا بشر وكلنا خطاؤون وطاقاتنا قابلة للنفاد .. فالتقصير وعدم إنهاء الأمور بشكل مثالي في بعض الأيام ليس ذنبًا عظيمًا ، فعندما تشعر أنّه لا طاقة لك ، أعد شحن نفسك وعُد من جديد وحاول ألّا تُطيل الغَيبة !


تذكّر أن لا شيء سيتغيّر إن لم تتغيّر أنت ، ولا شيء جديد إن لم تجرّب شيئًا جديدًا لم تفعله من قبل ، حاوِل أن تزلزل معتقداتك قليلًا بيدك وأعد بناءها من جديد ربمّا بعضها من يؤخّر وصولك ، خُذ فكرة تبدو جيّدة للغالبية ولكنك لم تتقبّلها من قبل جرّبها وإن لم تنل رضاك ولم تغيّر فكرتك عنها لا بأس في إعادتها إلى مكانها ! جرّب شيئًا جديدًا وحاوِل دائمًا وباستمرار ، و تذكّر دائمًا أنّك مسؤول عن المحاولة فقط وليس عن النتيجة .


رفع الله عنّا هذا الوباء و حفظنا وآباءنا وأهلنا وأحبتنا وجميع خلقه منه ومن سوء أثره وكتبنا بإذنه من الصابرين الحامدين الشاكرين .

أمل بشير

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

مبدعة جدا ومتفائلة واسم عمسمى أمل و كلك أمل

إقرأ المزيد من تدوينات أمل بشير

تدوينات ذات صلة