"كم هو صعب فعلا أن تعيش معاناة مع نفسك لا أحد يدري عنها شيئاً"
بعد ليلة طويلة مليئة بالأفكار و التخطيطات، تصحو في صباح اليوم الموالي فتاة في عمر الزهور كلها نشاط و استعداد لمواجهة العالم من جديد، تحضر فطورها على أنغام أم كلثوم ثم تذهب لخزانتها فتختار بدلة جديدة كانت هدية من صديقتها في يوم عيد ميلادها. الساعة تشير للثامنة، خرجت من بيتها متجهة نحو مقر العمل، مستمتعة بأدق التفاصيل، أجل فاليوم لا يزال طويلا و أمامها الكثير من العمل الشاق، لذا اختارت أن تبحث عن السعادة مهما كانت بسيطة. لم يبقى الكثير لتصل، علمت ذلك من رجفة يديها و تسارع دقات قلبها، كيف لا و هي تتعرض كل يوم لمضايقات و معاكسات من طرف رئيسها، حاولت مرارا أن تجد عملا آخرا لكن دون جدوى. نظراته الخبيثة تلك صارت تزعجها، أما ساعات العمل فهي أصبحت أطول مما يمكن أن يتصور المرء، يتآكل قلبها أمام كل هذا، مرت أيام كثيرة و هي تفكر في حل يخلصها من أزمتها النفسية. لم تكن قادرة أن تواجهه، فلا أحد سيقف بصفها في النهاية، هي تعلم ذلك جيدا. تعود في المساء منكسرة مقهورة، كيف لهذا العالم أن يكون بهاته القسوة على فتاة في مقتبل العمر.
الساعة تشير للسادسة مساءً، و من باب البيت تستطيع أن تتنسّم رائحة القهوة المعطرة التي تحضرها أمها كعادتها كل يوم. تدخل الفتاة مسرعة تقبل يدي أمها و أبيها ثم تلتحق بطاولة الأكل، تحتسي كأسها و تتبادل أطراف الحديث مع أسرتها. تبدو سعيدة جدا، لم يكن أحد منهم يستطيع رؤية كم المعاناة التي تخفيها تلك الابتسامة المشرقة على شفتيها.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات