هل تصدق أن مراهقة بريطانية تبلغ من العمر 19 سنة أقدمت على الإنتحار بسب عدم التفاعل على منشوراتها؟!

أضحت منصات التواصل الإجتماعي اليوم مصدر رئيسي من مصادر التلقي وإيصال الأفكار والمعلومات والأخبار، وحتى معرفة آخر الأخبار التي تتعلق بالأصدقاء والأحباب، ومن هنا ظهرت معضلة ليست بالبسيطة أدت بالكثير الدخول في هوس لا يمت للواقع بأيَّة صلة، وهو ما سأتطرق له في هذا المقال.


وقبل أن أبدأ بالنقاط الثلاث التي يرتكز عليها هذا المقال، أريد أن أقرِّب الصورة للقارئ ببعض المعاينات اليوميِّة التي قد يلحظها الكثير منا، وربما قد تكون أنتَ أو أنتِ ممن يعاني من هذه المعضلات، وهذا لا يعيبك البتَّة إن رجعت عن ما أنت عليه بعد أن وصل إليك بعض من النور.ومن هذه المعاينات ما يلي:

* "اعملتله إعجاب على آخر منشور بس ما رده على منشوري الجديد.. هذا الإنسان كثير مغرور، لأ.. لأ يمكن بغار مني".

* "ما بدي أعمله إعجاب بلاش يفكرني مهتم فيه وبتابع منشوراته".

* "هذا الإنسان ما عمره علق على منشور من منشوراتي.. رح أشيله من قائمة الأصدقاء".

* "خليني أعلق على منشوره عشان بس أنزل منشور يعلق عليه".

وغيرها الكثير من المعاينات التي تُظهر الخلل الكبير الحاصل بسبب الاستعمال الخاطئ لهذه المنصات، وقد لاحظت أنا شخصيَّاً عدد من المشكلات الواقعة بين أقرباء وأصدقاء بسبب مثل هذه المعاينات التافهة نوعاً ما، وسأقوم بمعالجة بعضها في النقاط الثلاث القادمة.


1- هوس الإعجابات والتعليقات:

قد تكون هذه النقطة أبرز مشكلات مستخدمي هذه المنصات، حيث أضحى تقييم الناس اليوم لذواتهم ولغيرهم بعدد الإعجابات والتعليقات التي يحصلون عليها، وهنا تظهر بعض من المعاينات التي قد ذكرتها آنفاً، وسبب هذه المعضلة عائد لعدم الفهم السليم والنظرة الشمولية لأنواع الناس وللهدف من هذه المنصات؛ أمَّا عن أنواع الناس فهنالك من يستخدم هذه المنصات لمتابعة مادة أو موضوع معين يثير إهتمامه، وهنالك من يستخدمها لنشر أفكاره ومعتقداته، وهنالك من يتصفَّح المنشورات بهدوء ومن غير أيِّ أثر؛ لسجيَّة في ذاته، وهنالك من لا يستطيع أن يعبِّر عن مشاعره من خلال التعليقات.

أمَّا عن الهدف من هذه المنصات، فيجب أن نعلم أن ما ننشره يجب أن يكون ضمن نطاق فائدة الناس لا ضمن نطاق جمع الإعجابات؛ فعدد الإعجابات لن ينقذ إنساناً.. ولن يُعمِّرَ أرضاً.. ولن يبني مجداً.

ولن أكون مثالياً إلى حد كبير فكثير منَّا يُحب أن ينشر أجمل صوره وأحدث إنجازاته وهذه طبيعة بشرية؛ فنحن كبشر نحب أن نظهر بثوب الجمال، لكن يجب أن نطبق عليها ذات المعايير من حيث الإعجابات والتعليقات.


2- هوس الوجبات السريعة:

تقوم هذه المعضلة على أن معظم مستخدمي هذه المنصات من محبي الوجبات السريعة وأعني بالوجبات السريعة البحث عن المنشورات القصيرة، على الرغم من أن الفائدة الجَمَّة تكون من خلال عرض متسلسل للأفكار، لا من خلال سطر أو سطرين؛ فأن تقرأ منشوراً واحداً طويلاً يحمل فكرة أو رسالة خير لك من عشرات المنشورات ذات الوجبات السريعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

*وهذه النقطة ليست للتعميم فهنالك من يستطيع أن يوصل فكرته ورسالته بأقل عدد من الكلمات لكنها لا تنطبق على عدد كبير من الناس ولا على كل الموضوعات.


3- هوس الكمال:

نختار أجمل الصور، نحرر الفيديوهات جيداً، ندقق المنشورات بدقة متناهية لتجنب الخطأ، وهذا كله من حقنا بناءاً على طبيعتنا البشريَّة المحبَّة للكمال والجمال، لكن أن يصل بنا هوس الكمال إلى تعظيم الشخصيات بناءاً على ما يقدمونه على هذه المنصات فهذا منحدر زلق سيصل بنا إلى الهاوية دون أدنى شك.

والقدر السليم من التأثر يكون بإعطاء كل شخص حقه من حيث ما يقدِّمه من محتوى إلى حد لا يصل إلى تعظيم الشخصيَّة أو إلى نفيها بشكل كلي.


وفي الختام أودُّ أن أقول أن ما عرضته في هذا المقال ليس كل الإشكالات المتعلقة بذات الموضوع؛ فهذا الموضوع يعد من أكبر وأبرز القضايا التي يبحث عنها علم النفس اليوم، ولن تتخيلوا حجم الأضرار الناتجة عنه حول العالم من ارتفاع حالات الاكتئاب إلى حد غير مسبوق وغيرها الكثير مما هو أكبر أو أدنى.

كونوا على وعي وحسن ظن سليم في استخدام هذه الوسائل، ودمتم بخير.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

مقالة جميلة و مفيدة ،، بالفعل أصبح الهدف الأساسي من تلك المنصات الاعجابات والمشاهدات ، لا يتم التدقيق بالمحتوى و المضمون ، ولا يوجد متابعون حقيقيون لما هو ذو فائدة و مغزى ، اتفق جدا من ناحية تعظيم الشخصيات ، فلا أحب إعطاء أي شخص اكبر من حجمه بل معاملته بما يستحقه

إقرأ المزيد من تدوينات أحمد ريَّان

تدوينات ذات صلة