تراكم الأحداث الصعبة و كتم المشاعر بداخلك ينعكسً على صحتك الجسدية و النفسيّة .. يُفقِدُكَ الشُغف تجاه ذاتك و الأشياء من حولك .. لا تدَع العَتَمة تقودك.

القلق مُرادف لفكرة أو مجموعة أفكارٍ سلبية تتردد للعقل الواعي بصورة مستمرة و تُنقل للاوعي ، و في فترةٍ معينة تنعكسُ على تصرفات الإنسان و مشاعره تلقائياً ، إضافةً إلى تأثيرها الممتد للمهارات الوظيفية كالذاكرة ، التركيز ، اتخاذ القرارات و العاطفة المُفرطة.

غالباً ما يكون القلق مرتبط بحدث مر فيه الإنسان في فترة الطفولة و تم تخزينه لفترة طويلة في اللاوعي ، و تدريجياً تبدأ مضاعفاتُها و تداخلها مع النظام الطبيعي لحياة الإنسان. لا تُعد هذه التأثيرات شيئاً جديداً حينها فهي موجودة من البداية ، لكنَّ إدراكَ الإنسان للمشكلة قد يكونُ متأخراً عند الكثيرين. رُبما لأن آلية الجسد و رد فعله في الدفاع عن خطر قد يقع أو وقع بالفعل يلعب دوراً هاماً في ذلك ، فالنفس البشرية كالاسفنجة تمتصُ أي حدث تمر به ثم من البديهي أن تمر بمرحلة الفلترة ، تضيف للذاتِ ما يزيدها استقراراً و تطردُ ما قد يؤذيها. و ما أن يفقد الإنسان القدرة على فلترة الأحداث تبدأ بالتراكم ثم تظهر تبعياتها في السلوك و الصحة الجسدية و النفسية بالسلب . ليس شرطاً أن يكون من الماضي ، أيضاً حدثٌ في الوقت الحاضر تعدى قدرة الجسم الطبيعية لامتصاص أي ضغط زائد بشتى أنواعه مثلَ الدراسة في مجالٍ يحتاجُ ساعاتٍ طويلة من الجهد الذهني ، ظروف العمل في ظل أوضاعٍ اقتصادية صعبة و الحاجة لسد احتياجات الأسر في المجتمع، المشاكل العاطفية و نقص الوعي بالصحة العاطفية لمختلف الفئات العمرية، التنمر بأشكاله المختلفة سواء داخل البيئة الأسرية أو المجتمع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كل هذا يرفع خطر الصحة النفسية و الجسدية يقولُ دكتور جوزيف ميرفي في كتابه قوة العقل الباطن أنَّ أحدهم زارَ عرافة مشهورة في الهند و طلب منها إن كان باستطاعتها التنبؤ بمستقبله ، قالت له: أنَّ قلبك ضعيف و ستوافيك المنيّة عند اكتمال البدر ، حينها أحس بخوفٍ شديد واتصل بأسرته و كلم المحامي لأجل الوصية ، الجميع حاول إقناعه بأنَّ ما قالته العرافة لا أساس له من الصحة وأنَّ لا يمكنُ لأحدٍ التنبؤ بما سيحدثُ في الغد ، لكنه كان مقتنعاً للغاية ، وكلما اقترب البدر من أن يكتمل ، أصبح الرجل أكثرَ ضعفاً و إرهاقاً وخوفاً حتى أصابته أزمة قلبية و تُوفي دون معرفةِ سبب واضح.الحقيقة أنه تقبل الفكرة المُرسلة إليه ، سمح للفكرة أن تتغلل بدا خله و بدأ جسده يتصرف وفقاً لمعتقدات الشخص لأنَّ العقل الباطن لا يستطيع التمييز بين الفكرة الإيجابية و السلبية ، وظيفته التنفيذ فقط.القلق مفتاحُ الدخول لعالم الاكتئاب و مضاعفاته ، لذا ينصح المختصون بعلم النفس و الطب النفسي أن أي فكرةٍ سلبية غير منها لفكرة إيجابية ، و عزز نفسك بها و كررها مراراً ، و اخلِق لنفسك عالماً متزناً مستقراً حافظ فيه على ممارسة العادات التي تقلل من التوتر الذي تسببه أحداثُ الحياة المتسارعة من خلال المداومة على تمارين الاسترخاء بانتظام و قسطٍ كافٍ من النوم ، و ممارسة التمارين الرياضية التي تحفز إفراز هرمون الدوبامين و زيادة معدلات السيروتونين الذي يساهم في تحسين النوم و تقلل من إفراز هرمونات التوتر التي كالكورتيزول و الأدرينالين .كما أنَّ تناول السوائل بكثرة و الأطعمة الصحية خاصة تلك التي تساعد على الاسترخاء كالموز و بذور الكتان و البطاطا الحلوة الغنية بالماغنيسيوم ، الأسماك التي تحتوي على الاوميغا 3 ، الشاي الأخضر الذي يحتوي على أحماض امينية مهدئة للأعصاب. و في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي و بالرغم من إيجابية بعض محتوياتها إلا أنَّ التنمر وجد طريقه أيضاً فيها لذا الابتعاد لساعتين أو ثلاث يومياَ عن فتح مواقع التواصل الاجتماعي يقلل من تضييع الوقت و يعطي فرصة أفضل لاكتشاف الذات في أفق جديدة.أمّا عن استشارة الطبيب النفسي فهي مطلوبة و ضرورية حينَ يعجزُ الإنسان عن إدارة مشاعره و ظروف حياته ، فالطبيب النفسي وظيفته تتمثل في الاستماع لشكوى المريض و الوصول لتشخيصِ مناسب و هل هناك حاجة للعقاقير الطبية أم لا و متابعةِ المريض بشكل دوري ، و الأخصائي النفسي تتمثل وظيفته في معالجة السلوك و هذا كله عملٌ مشترك بين الطبيب النفسي و الأخصائي النفسي.


" غير أفكارك لتغير مصيرك"

آمال محمد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

رائع جدًا👏👏

إقرأ المزيد من تدوينات آمال محمد

تدوينات ذات صلة