لماذا تجذب الألعاب اهتمام المتعلمين وتحفزهم على المشاركة أكثر؟ لهذا نحتاج التعلم بتقنيات جديدة
بداية أردت أن أطرح مجموعة من الأسئلة التي تشغل بالي، لماذا نجد الإقبال الكبير على الألعاب بكل أشكالها، سواء الرياضية المباشرة، أو الألعاب الافتراضية التي نجدها في الأنترنيت ووسائل التواصل الافتراضي، حيث أن بعض الألعاب أصبحت قريبة من مليار مشاركة مثل فريفاير وببجي وغيرهم من الألعاب الأخرى. هل هذا الأمر اعتباطي وتلقائي، أم أنه يدل على أن للعب تأثير معين على العقل والذهن الإنساني؟
لماذا تجذب الألعاب اهتمام المتعلمين وتحفزهم على المشاركة أكثر؟ كيف يكون اللعب مصدرا للحب والإبداع؟ إلى أي حد يمكن القول إن اللعب ومهاراته، وسيلة فعالة في تعزيز الإبداع والابتكار لدى الأطفال؟ ما طبيعة العلاقة الموجود بين اللعب والدماغ؟
يكتسي اللعب أهمية بالغة في حياة الطفل إذ يتعدى كونه لهو إلى ضرورة حتمية قد تكون أقوى من ضرورة الغذاء والنوم، لأن الألعاب تتضمن مجموعة من القواعد والنظم التي تحفز الخلايا العصبية على العمل والتركيز، باعتبارها أساس التعلم أي مهارة أو معرفة.
تقر العديد من الأبحاث التربوية أن السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل هي الركيزة الأساسية في طريق تنمية قدراتهم الإبداعية، حيث يلاحظ عليهم في هذه السنوات سعة الخيال ومهارات البحث والتفتيش والأسئلة الفلسفية التي يطرحونها على الوالدين والمعلمين، حيث نجد علاقة جوهرية بين اللعب والإبداع من خلالها ندرك عمق التجربة البشرية، والقدرة على التواصل الجيد، لأن التعلم القائم على تلعيب القدرات العقلية، ينمي حس الابتكار ويشجع على عملية التعلم الذاتي.
اللعب مصدرا للحب والإبداع:
بداية الإبداع تنطلق من حبك وشغفك لما تقوم به، حيث يأخذ مجمل تركيزك حتى تدخل حالة الاستغراق الذهني، فإنه إذا كان الفرد محبا لعمله سوف يبدع فيه لأنه يطور مهاراته وقدراته العقلية والنفسية، وتدفعنا عملية الحب إلى ثلاثة دوافع عصبية تتجلى في المجازفة والمثابرة والدقة، هذه العمليات هي الخطوات الأساسية لكل عملية إبداعية في المجال الإنساني.
وبالتالي فإننا عندما نحب العمل الذي نقوم به تكون الإنتاجية والعطاء أكبر وأكثر لأن الدماغ يفرز هرمون الدوبامين الذي يحفز الذهن على النشاط والفعالية والشغف، وهذه الأليات البيولوجية تحفز الخلايا العصبية على النشاط والاشتغال.
ما الذي يجعل اللعب ممتعا؟
إن الإحساس بالفوز والخسارة هو المحرك والمسبب الأول، فهذا التناوب أو الانتقال من الهزيمة إلى النصر وما يصاحبه من أحاسيس لذيذة هو ما يسعى إليه اللاعبون وهو الدافع الأساسي للعب، فعندما يكون الربح سهلاً جداً أو تكون الخسارة دائمة، عندها تضعف كثيراً أحاسيس اللذة المرافقة للعب، وكذلك يتضاعف مقدار الأحاسيس اللذيذة عند حصول الفوز بعد مجهود كبير وخسارة متكررة.
تؤكد الدراسات العلمية على أن الأفراد يتعلمون بصورة أفضل عندما تكون عملية التعلم ممتعة، فالألعاب طريقة جذابة وطبيعية، فنحن مفطورون على حب المرح والنشاط والمتعة الذي يعد اللعب أحد مصادره، كما يقول نيتشه " في داخل كل واحد منا طفل يتوق للعب".
وبذلك يتم تطبيق فنون اللعب لأجل تحقيق أهداف تتجاوز ما تخدمه اللعبة بحد ذاتها، لكن إذا ثم توظيف هذه المسألة في التعلم سيكون لها مردودية جيدة تدفع المتعلم إلى الابداع والابتكار، لأنه يفكر يكتسب المعرفة بطريقة تتلاءم مع الأسلوب الذي يشتغل به الدماغ.
لأن الألعاب تخاطب جميع الحواس الشيء الذي يجعلها محفزة لدماغ، مخاطبتها لأكثر من حاسة لدى الإنسان، ففي حين تعتمد المحاضرات التقليدية على حاسة السمع لنقل المعلومة، فإن الألعاب التربوية تستخدم، بالإضافة للسمع: البصر، واللمس، وفي أحيان أخرى، الشم والتذوق، وكلما كانت أساليب التعلم متنوعة، كانت المعلومة أو السلوك، أكثر ثباتًا وفهمًا لدى المتعلم، وتصلح أيضًا لغرس السلوكيات الإيجابية في نفسية الفرد.
خلاصة:
إن مستقل التعليم في العالم رهين، بفهم الشروط والإمكانات التي تقود للإبداع، وليس الحفظ لأن المجتمع الإنسان في حاجة إلى جيل مبتكر ومبدع في كل المجالات الحياة، لهذا السبب نحتاج تعزيز عملية اللعب من أجل تعلم مبتكر ينمي القدرات العقلية والذهنية لدى النشأ، وخير دليل على أن اللعب أضحى وسيلة مركزية في نمو المعرفة، نجد داخل أكبر الشركات العالمية مثل google و Facebook ، وغيرها من الشركات تعتمد بعض الألعاب في تكويناتها العلمية من أجل أن تحافظ على لياقة العقلية والذهنية لدى موظفيه.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات