مصطفى كمال طلبة.. عالم مصري وخبير بيئي ومؤسس الدبلوماسية البيئية (1922 - 2016)

يصادف هذا العام 2022 مرور مائة عام على ميلاد الأستاذ الدكتور مصطفى كمال طُلبة، الأستاذ المتفرغ بقسم النبات والميكروبيولوجي بكلية العلوم، جامعة القاهرة، والوزير السابق، ومسؤول الأمم المتحدة الذي كان يعتبر أبو بروتوكول مونتريال، وهي الاتفاقية التي تهدف إلى إنقاذ طبقة الأوزون المعروفة على نطاق واسع بأنها جزء من أنجح المعاهدات البيئية في العالم.


ولد الدكتور طلبة في 8 ديسمبر 1922 وتوفي في 28 مارس 2016 في جنيف. إنه أحد العلماء المصريين الرائعين الذين كتبوا رسائل عظيمة يتذكرها القاصي والداني العالم في مجال علوم البيئة.


منذ مؤتمر ستوكهولم التاريخي الذي عقدته الامم المتحدة للبيئة منذ خمسين عاما، عدته جميع المحافل الدولية على أنه مؤسس مفهوم "الدبلوماسية البيئية"، بعد أن عيّنته المجموعتان العربية والأفريقية متحدثاً باسمهما، وبعد أن انتخبته الجمعية العامة للأمم المتحدة مديراً تنفيذياً للبرنامج لأربع سنوات، ثم تم تجديد ولايته أربع مرات حتى عام 1992. تقلد الدكتور طُلبة مناصب أكاديمية وسياسية رفيعة، في مصر شغل منصب الأمين العام للمجلس القومي للعلوم في مصر، وأول رئيس لأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا،


وشغل منصب وزير التعليم العالي، ووزير الشباب، ووكيل وزارة الخارجية، كما شغل منصب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لمدة 17 عامًا. وفي إطار عمله الرائد في مونتريال، تم الإشادة بالدكتور طُلبة المصري المولد لقيادته في توجيه اتفاقية فيينا التي سبقتها، وحصل على العديد من الجوائز والدكتوراه الفخرية.


إنه ينتمي إلى جيل من موظفي الخدمة المدنية الدولية الذين لم يقودوا المنظمات والبرامج الدولية بفعالية فحسب، بل تمكنوا أيضًا من تغيير صنع السياسات الدولية. وفضلا عن ذلك، فقد ترك إرثًا قويًا ومثيرًا للإعجاب في عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة وعمل وزارات البيئة في جميع أنحاء العالم. في هذه الدراسة، سوف نسلط الضوء على الدور المهم الذي لعبه الدكتور طلبة كأستاذ جامعي وكباحث، وكمسؤول عالمي لأحد الملفات الساخنة التي أثرت ولا تزال تؤثر على البيئة العالمية، وخاصة مجال تغير المناخ الذي يهتم به العالم، وتهتم به مصر التي ستنظم مؤتمر "كوب27" في شرم الشيخ في شهر نوفمبر المقبل.


مؤسس مفهوم «دبلوماسية البيئة»


كان مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية الذي عقد في ستوكهولم، السويد في عام 1972، أول مؤتمر رئيسي للأمم المتحدة بشأن قضية البيئة. وحدد المؤتمر مبادئ الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها مع توصيات للعمل البيئي الدولي. واعتمد المؤتمر إعلان ستوكهولم الذي حدد مبادئ الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها مع توصيات للعمل البيئي الدولي. كما أنشأ المؤتمر برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ، وهو أول برنامج للأمم المتحدة يعمل فقط على القضايا البيئية.


جدير بالذكر ان المؤتمر الاول الذي عقدته الامم المتحدة للبيئة منذ خمسين عاما، خلق ما يسمى بالدبلوماسية البيئية في محاولة، للتوفيق بين التنمية الاقتصادية والإدارة البيئية ممهدا الطريق لإنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومفهوم التنمية المستدامة. كما أفضى إلى تشكيل وزارات بيئية وطنية وسلسلة من الاتفاقيات العالمية الجديدة لحماية البيئة.


منذ مؤتمر ستوكهولم التاريخي، وُضعت قضية البيئة في إطار التنمية المستدامة، وترتبط جميع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بطريقة ما بالبيئة. وأكدت الأمم المتحدة أنه قبل خمسين عامًا، لعب هذا المؤتمر دورًا مهمًا في لفت الانتباه إلى أهداف التخفيف من حدة الفقر وحماية البيئة المترابطة ارتباطا وثيقا أثر في المناقشات المناخية منذ ذلك الحين، مع الاعتراف بالترابط بين البشر والطبيعة.


ومن دواعي فخرنا كمصريين هو أن العالم المصري الكبير الدكتور مصطفى كمال طُلبة (رحمه الله)، انتخب نائباً لرئيس هذا المؤتمر، وهو مؤسس مفهوم «دبلوماسية البيئة»، وعيّنته المجموعتان العربية والأفريقية متحدثاً باسمهما، وبعدها انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة طُلبة مديراً تنفيذياً للبرنامج لأربع سنوات، وتم تجديد ولايته أربع مرات حتى عام 1992.


وبالتوازي مع الاهتمام العالمي بقضية التغيرات المناخية، يحتفل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في مطلع هذا الشهر، بمرور خمسة عقود من العمل على تعزيز الدبلوماسية البيئية والمعايير والممارسات، باستضافة مؤتمر «ستوكهولم ‫+50»، بهدف إعادة الالتزام وتعزيز قدرتنا على التغلب على أزمة الكوكب الثلاثية المتمثلة في تغير المناخ، وفقدان الطبيعة والتنوع البيولوجي، والتلوث والنفايات، وهو ما يعزز قدرة الشعوب على مواجهة أزمة الكوكب الكبيرة.


يمهد هذا الاحتفال للحدث الأكبر لهذا العام وهو مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين للدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية «كوب27» (COP27)، المعني بتغير المناخ، والذي تستضيفه مصر، وسيعقد في شرم الشيخ، في نهاية هذا العام.


واستضافة مصر للمؤتمر لها عدد من المكاسب المتوقعة على المستويات المحلية الدولية والبيئة والاقتصادية والسياسية، حيث سيساهم فى الترويج السياحي لمصر، وسيكون جاذبا للاستثمارات من شراكات دولية وإقليمية، وسيعمل على الترويج للصناعة والمنتجات المصرية والحرف والصناعة التقليدية.

ومن المتوقع أن يتم توظيفه للدفع بأولويات القضايا المصرية، على رأسها الأمن المائي المصري، وكيفية تأثير تغير المناخ عليه. كما سيقوم ايضا بتعزيز العلاقة مع بعض من الشركاء الرئيسيين، وتوسيع مجالات التعاون، بالإضافة لتوفير مصادر تمويل إضافية من المنظمات الدولية لتمويل مشروعات للتصدي لتغير المناخ في مصر.


وكمبادرة شخصية من كاتب المقال، والأستاذ الدكتور حامد عيد، فقد قمنا بكتابة ونشر دراسة علمية في المجلة النباتية المصرية، وهي دورية محكمة، ومدرجة في تصنيف "سكوبس" العالمي، إحتفالا بهذه المناسبة.


وأتمني أن يتم الاحتفاء في هذا المؤتمر برواد العمل المناخي والبيئي مثل الدكتور مصطفي طلبة والدكتور محمد عبد الفتاح القصاص، وغيرهم من العلماء المصريين الذين كانت لهم أيادي بيضاء، وتركوا بصمة واضحة في هذا المجال العالمي الهام.


عنوان الدراسة : الأستاذ الدكتور مصطفى كمال طلبة.. عالم مصري وخبير بيئي ومؤسس الدبلوماسية البيئية (1922 - 2016)


حامد عبد الرحيم عيد1؛ طارق يحيي سليمان قابيل2

1 قسم الكيمياء، كلية العلوم، جامعة القاهرة، الجيزة، مصر

2 قسم النبات والميكروبيولوجي، كلية العلوم، جامعة القاهرة، الجيزة، مصر


رابط الدراسة:

https://ejbo.journals.ekb.eg/article_243936.html

نسخة بي دي إف:


https://ejbo.journals.ekb.eg/article_243936_83dac7819e9d7f29e2f4d85d1e97c49b.pdf







ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. طارق قابيل

تدوينات ذات صلة