اكتشفي معي كيف تكسبين ثقة طفلك وتصنعين علاقة حياة...

هل طفلُكِ يثقُ بك؟.قد يكونُ السؤال غريباً وغير منطقي بحُكم ثقافة مجتمعنا التي تُعدُ ثقة الطفل بوالدية أمراً حتمياً وفطرياً _ وهو أمرٌ صحيحٌ بالمناسبة _ إذ يولد الطفل بثقةٍ عمياء في أمه،

إلا أن ذلك لا ينفي أبداً احتماليه فقدانها، لذا يُعدُ بناء الثقة هو الهدف الأهَم على الإطلاق في العام الأول من عمر الطفل..


فإن نجحت الأم في اكتساب ثقة طفلها، يُصبح كل ما تلا ذلك هيناً يسيراً..فالثقةُ هي التي ستجعل طفلك يتذوق الطعام الذي ستقدمينه له لأول مرة " فهو يثق بك!".


والثقة هي التي ستجعله يمتثل لتنبيهاتك بضرورة الابتعاد عن الكهرباء والأدوات الحادة الخطيرة "فهو يثق بك!".

والثقة هي التي ستجعله يتعلم استعمال الحمام ويتخلى عن الحفاظ بشكلٍ أسرع "فهو يثق بك!".

قياساً على ذلك كل مهاراته الحياتية التي سيكتسبها من خلالك أو من خلال الآخرين بعد عامه الأول،

ثقته بك ستجعله يهرع إليكِ مستشيراً إياكِ بصدقٍ عن مدى صحة تلك المعلومة أو خطئها.

ثقته بك أيضاً ستمنعه من الاختباء منك عند الخطأ؛ ليختبئ فيكِ ويهرع إليكِ لا منكِ.

ثقته بك هي التي ستجعله يحكي لك كل شئ بنفسه دون سؤال لأنه ليس مضطراً لإخفاء شيء عنكِ.


🌿🌿🌿


تبدأ مرحلة بناء الثقة في وقتٍ مبكرٍ جداً _ربما من يوم الولادة_ اذ تواجهان سوياً عدة تحديات واختبارات عليك أن تنجحي فيها أمام طفلك لتصبحي جديرةً بثقته إلى الأبد..أو العكس..


......................


* البُكاء..🌾


تنتشر في مجتمعنا العربي بشكل كبير تلك الأساطير المؤذية عن ضرورة ترك الطفل يبكي لكي يشتد عوده ويتعود الاعتماد على نفسه

فنحن الذين نربي الطفل ونطوعه كما نريد "وتلك أول الكارثة!" أنتِ إن تركتِ طفلك يبكي سيُخرجك من دائرة ثقته الصغيرة،

إذ دائماً وأبداً ما يكونُ البكاء لسببٍ ما وإن كنتِ تجهلينه فذلك لا ينفي وجوده ،

خاصةً في الشهور الثلاث الأولى إذ يكون الطفل في حالةٍ من الصدمة لخروجهِ من الرحم إلى ذلك العالم الكبير المخيف

المليء بالألوان والأصوات و الحركة على الدوام، و الذي لا يميز تفاصيله جيداً بعد لقصور نظره في تلك المرحلة،

بينما يميز صوتك و رائحتك ودقات قلبك أنتِ فقط. لذا هو يبكي! في محاولةٍ يائسة لأن يعود إلى قراره المكين بجوار قلبك؛

فيستأنس بدقاته و يستدفئ بدفئك لكن لاستحالة ذلك يصبح البديل هو الحمل و الاحتضان..


لذا عليكِ أن تحملي طفلكِ متى ما شاء لأنه بحاجتك، وبحاجتك أنتِ وحدك؛ وإشباع حاجته للحنان و تهدئة روعه هي أولى خطوات بناء الثقة،

و مهمتكِ الأهم على الإطلاق. بالطبع الأمر ليس بتلك السهولة؛ وأعلم تماماً أن تلك الشهور الأولى تكاد تدفع الأم إلى حافة الجنون،

و لكنه دورك و امتحانك أنتِ وحدك؛ و عليكِ أن تكوني على قدرِ الاختيار و المسئولية؛

وأن تتحلي بالصبر _ الكثير والكثير من الصبر_ وأن تتقبلي كل مساعدة ممكنة في تلك الأيام المرهقة الصعبة في مهامك المنزلية الأخرى

لتتفرغي لمهمتك الوحيدة الأهم، وهي بناء طفلٍ سوي.



*السرعة في تلبيه احتياجاته و طلباته.. 🌼


بعد مرور الشهور الأربعة الملحمية الأولى تبدآن بفهم بعضكما بشكلٍ أوضح ،

تعرفين وحدكِ متى يوشكُ أن يصبح جائعاً أو مريضاً أو شاعراً بالضجر، فتلبين طلباته قبل أن يدركها حتى ويلجأ للبكاء،

مما ينتقل بثقته بكِ إلى مستويات عليا سريعاً. وجودكِ إلى جواره دوماً في أوقاته الصعبة أيضاً يعززُ ثقته بك،

فتهدئته بعد السقوط؛ أوقات التسنين؛ سهركِ حاملةً إياه أيام المرض وبعد التطعيمات لن يذهب أبداً سُدى،

إنما يبقى في ذاكرته الصغيرة ويُحفَرُ على جدار قلبه إلى الأبد وإن لم يظهر ذلك حينها جلياً أمامك.

استجابتك لرغباته و طلباته إذا كانت في حدودِ المسموح والمعقول تُشعره بقدرٍ كبيرٍ من الأمان و الاطمئنان بكِ و لك،

فلا بأس بالقليل من التجاوز وسط الكثير من الرفض، ليُصبح الرفض حينها أقل وطأة على نفسه و تصبح استجابته للقواعد و التوجيه أكبر و أيسر.

عليكِ الاستجابة إن أردته أن يستجيب وعليكِ أن تكوني جدار الحماية و الأمان علي الدوام "قليلٌ من ال" لا" و" نعم " أكثر" . ٣



* الصدق..💐


بعد الشهور الأولى الصعبة سيتطور نظر طفلك سريعاً وتتوسع مداركه و يبدأ في استكشاف العالم من حوله واكتشاف الأشخاص الآخرين الذين يعيش معهم.

الطفل ُسريعُ الإدراك، سريعُ البديهة ، ذاكرته خصبة وحادة ولا ينسى شيئاً أبداً،

لذا فالصدق هو ثالثُ خطوات بناء الثقة و أهمها علي الإطلاق .

عليكِ دوماً أن تتحري الصدق مع طفلك مهما كان صغيراً،

فإن وعدت عليكِ أن توفِ، وإن عاقبتِ عليكِ ألا تتراجعي،

وإن حدثتِ أحداً أمامه عليك ألا تكذبي أبداً..


* الحوار.. 🌹


ربما يُعدُ الحوار والالتزام به هو الأصعب على الإطلاق، إذ كلما تقدم الطفل في العمر كلما زاد تمرده ومحاولات استقلاله بنفسه،

وحده ُ الحوار الذي سيظل جسراً متصلاً بينكما مهما حدث. لذا عليكِ تدريب نفسك على الحوار منذُ صغره،

فمهما كان صغيراً وتظنين أنه لا يفهمك الحقيقةُ دوماً عكس ذلك، هو يكتسب في البداية المفردات من حوارك معه،

ثم بعد ذلك يكتسب أراءه وخبراته منك. عليكِ دائماً إن رفضتِ شيئاً أن توضحي أسبابك، إن نهرته عن خطأٍ ما عليكِ شرح مخاطر،

إن قدمتِ له طعاماً ما ورفضه عليكِ الاستفسار عن سبب رفضه ومشاركته الطعام أو توفير البديل إن كان غير مستساغٍ له.

دائماً وأبداً كوني على مستوى نظره عند الحوار، فإن كان جالساً اجلسي أمامه،

وإن كان واقفاً انحني حتى تصبحي في نفس مستوى طوله أو احمليه وانظري مباشرةً إلى عينيه واحرصي أن يكون صوتك هادئاً وملامحك هادئةً قدر المستطاع

" فالحوارُ دون تواصل بصري مناسب كأن لم يكن" .

جسرُ الحوارِ إن مددتهِ بشكلٍ قوي منذُ الصغر

سيظل ُرابطاً ابدياً بينكما_ مهما تمرد؛، مهما كبر، مهما حاول الاستقلال والانفصال_ سيعود دوماً إليكِ

طالباً المشورة ومحتاجاً إلى نصيحتك.



* الإعتذار .. 🌸


ربما يبدو الأمر هزلياً أو مبالغاً فيه ولكن عليك التمسك دوماً بثقافة الإعتذار مع طفلك

_عند الغضب، عند إخلاف الوعود عند لحظات الانهيار و الصراخ _مع ضرورة التأكيد علي الحقيقةِ الأزلية الثابتة" بأن ماما برغم كل شئ تحبك" برغم الخطأ،

برغم الظروف، برغم الغضب برغم كُل شئ.

الأطفال لا يستجيبون للأوامر_ إنما يُقلدون _ لذا إن أردتِ أن يعتذر لكِ طفلك عليكِ البدء بنفسكِ أولاً "فأنتِ مرآته و قدوته" .

اعتذارك لطفلك لا يقلل من قدرك في نظره بل على العكس يرفعك درجات و درجات و يعزز بداخله الثقة فيك أكثر.


* تميمةٌ سحرية..☀️


إن ابتكار جملةٍ مميزة لا يعرفها سواكما والاستمرار بترديدها على مسامعه منذ الصغر وقت النوم، وقت الاستحمام، وقت الرضاعة وكل وقت يجعلُ لعلاقتكما معنىً خاصاً مختلفاً.

ف "ماما تحبك" أو "أنت حبيب ماما" قد تكون المنقذة في يومٍ عصيب ملئٌ بالصراخ والغضب وستندهشين لأثرها على المدى البعيد

مهما كبر طفلك و ظننتِ أن تميمتك لم تعُد مناسبة فذلك ليس صحيحاً على الإطلاق، طفلك سيظل بحاجتك وبحاجةٍ لحبك ودعمك أبدَ الدهر.


.....


الطفل بطبيعته يحب دائماً خرق القوانين والقواعد

لذا سيحاول دائماً اختبار العلاقة بينك وبينه،

وما إذا كان يستطيع الوثوق بك وما إذا كنتِ أنتِ تثقين به حتى في لحظات تمرده!


لذا إن كانت علاقتك بطفلك مبنيةً على الحب والثقة ستتمكنان من مواجهة كل المواقف الصعبة في الحياة

و ستظل علاقتكما قويةً بأمر الله أبدَ الدهر، فلا رابط أقوى من الثقة دائماً وأبداً، لذا فبناؤها يستحقُ كل الجهد وكل التعب...


ماذا عنكم؟ هل أطفالكم يثقون بكم؟ وماذا تتبعون من أساسيات بناء الثقة الستة؟.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات "nerminotopia"لـ نرمين محمود

تدوينات ذات صلة