عندما تغير قلبي تماما في رمضان.. رافقوني في رحلتي للوعي

كان الأمر أشبه بغريقٍ يبحثُ عن "القشة"، كنتُ في قمةِ ضعفي وانكساري ولا أعرف كيف يمكنني الخروج من كل ذلك، وجاء "رمضان "!🌙🌙🌙


ربما تعتبرون تلك المنشورات التي تدعو لشد الهمة والتغيير في رمضان و لاغتنام الفرصة فيه تقليدية! لكنها غيرت حياتي تماما في ذلك العام! 🌿


كنتُ في العشرين من عمري عندما قررتُ فجأة أن أتبع تلك الكلمات وأتعرف على الله حقاً في رمضان كما لم أعرفه من قبل.


ثوبُ صلاةٍ جديد ومصحف مفسر وكتاب مختصر عن قصص الأنبياء كانا أدواتي وكل ما أحتاج لرحلتي..

.

بدأتُ في تنفيذ كل شئ قرأته، أصلي عقب الأذان و أجتهد في قراءة القرآن بتدبر، ولأول مرة أقرأ معانا الكلمات والتفسير وكم كان الأمر مختلفاً و عظيماً ، صليتُ التراويح لأول مرة، وكنت أنتظر بعد الفجر حتى الشروق ليُكتب لي الأجر، كما ورد في قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (من صلَّى الفجرَ في جماعةٍ، ثم جلس يذكرُ اللهَ حتى تطلُعَ الشمسُ، ثم صلَّى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حجةٍ وعمرةٍ تامةً، تامةً، تامةً)❕✋


لم تكن هناك مواقع تواصل اجتماعي، لذا كنتُ في عزله حقيقيه تزامنت مع إجازتي من الجامعة، كان الأمر عظيماً جداً، وكأن كل يوم جديد كان يغسل روحي أكثر، وكأن كل الكسور عادت لتمتلئ وتشكل قلبي من جديد كما لم أعهده من قبل، ذلك الرمضان غير حياتي تماماً..🌿


عندما بدأت ُفي قراءة القرآن من مصحف مُفسّر، شعرتُ حينها بذهني يتقد، عقلي يفهم لأول مرة ما أقرأ ، شعرتُ لأول مرة بقلبي يتفتح ويتعلق بالقرآن، شغفي يتنامى ليدفعني أن اقرأ أكثر وأكثر لأفهم أكثر،فالقلب لا يؤمن حتى يفهم"، لا يتفتح إلا عندما تنتهي الأسئلة ويطمئن للإجابة. 🌷


بدأتُ في دراسة قصص الأنبياء، ورسمتُ مخططي الخاص لنسلهم بدايةً من آدم عليه السلام انتهاء ب" محمد" (صلى الله عليه وسلم) ، بدأتُ أتعمق اكثر في حكاياتهم استناداً لما بحوزتي من كتب والدي وما ذُكر عنهم في القرآن، فاكتشفت الكثير والكثير مما كنتُ أجهل، وتسربت معجزاتهم وقوة إيمانهم وعبر حياتهم لقلبي، فثبت أكثر وأكثر .


كلما فهمتُ أكثر كلما شعرتُ بالإيمان يملأُ قلبي أكثر، لأول مرة أشعر أنني أصلى وأقرأ القرآن حباً وأملاً في رضا الله،أريدُ أن أفعل أكثر ، أعرف أكثر وأتقرب إلى الله أكثر وأكثر، حباً لا خوفاً، املاً في رضاه لا أداءً لمهمة.. ♥️


عندما تقرأ القرآن وتتدبره بتمعن، وتكتشفُ ما فيه من قصص وعبر وتربطها بالتفسير وقصص الأنبياء تكتشف عظم تلك الرسالة المختبئة عن الحياة، والتي قد نغفل عنها في حياتنا كلها إن لم يرزقنا الله تلك الفرصة، ويرزقنا ذلك النور في القلب لنهتدي..


ومما تعلمتُ في ذلك العام:🌙🌙


🌸_ الحياة ليست سباق و ليست غاية..


السعي هو الهدف ولا يضمن أبدا الوصول لما نسعى اليه، قد يوصلنا الى ما هو أبعد أو ما هو يختلف عن مبتغانا، لكن ما دمنا نسير فذلك يعني أننا على الطريق.


🌸_لله حكمةٌ في كل شئ وإن لم ندركها أبدا..


"الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)" سورة البقرة

لذا نقضي حياتنا في خوف وجزع طوال الوقت،ذلك ما يجعلنا ضعفاء طوال الوقت ويزيد شيطاننا قوة وسلطة علينا وعلى أفعالنا،رغم أن تدبيرات الله تعالى دوما تخفي الخير!


🌸_العمل والعلم هما غاية الحياة


" وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)"

وذلك خير رزق الدنيا، ان تعرف انها ليست الغاية ويرزقك الله الحكمة ليصبح عملك هو الغاية.


🌸_النية أساس كل شئ.


تغيير النوايا وتنزيهها عن المنافع قد يغير قلبك للأبد، فتعطي عن طيب خاطر، وتعمل بنفس راضية دون مبالاة بالمقابل،فقط لأنك احتسبت ذلك لوجه الله!


🌸_الصوم هبة عظيمة تُهذب النفس وتريح الجسد وتصفي العقل.


لكن الصوم ليس في المعدة فقط، الصوم مدرسة إيمانية متكاملة، عليك أن تصوم فيها عن الأحقاد والغيرة والحزن، عليك أن تصوم عن الخلافات ولا تبالي بشيء الا العبادة والعمل..


قال عليه السلام: كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ وَ الظَّمَأُ، وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ وَ الْعَنَاءُ"


🌸_الصوم ليس مرهقاً جداً إن تعاملنا مع أجسادنا بحكمة، ولم نتخمها بالطعام و تناولنا طعاما متوازنا..


🌸_الصاحب ساحب.


في ذلك الرمضان صليتُ لأول مرة في المسجد و أدركت أهمية الصحبة الصالحة في الحياة، أن تكون وسط جماعة تشترك في الهدف وتشاركك السعي، تهونُ عليك المشقة وذلك فوزٌ عظيم، لذا عليك اختيار صحبتك بعناية.


.... ...... ..

لماذا نصوم؟...!! 🤔🌸🌸🌸


لطالما حيرني ذلك السؤال في طفولتي، اسأله لنفسي ولأمي مراراً فلا تقنعني الإجابة!


كانت الإجابة التي أحصل عليها دائماً أننا نصوم لنشعر بالفقراء" اذن لماذا لانشرب! أليس لدى الفقراء ماء!، كلما كبرتُ كلما ازدادت حيرتي وعدم اقتناعي! ‼️


بالتالي فتر حماسي للصيام والتعرف أكثر لشهر رمضان، كنتُ أمتنع عن الطعام والشراب امتثالاً لأوامر والديّ فحسب، دون أن أشعر بشيء، دون أن أدرك لماذا أفعل ذلك حتى!


إلى أن قررتُ في ذلك العام،أن أكتشف إجابتي بنفسي وبدأتُ بالبحث والقراءة في كتب والدي.

.


في ذلك العام حصلتُ أخيراً على إجابة سؤالي الصغير


"لماذا نصوم"..🌙🌙🌙🌙🌙


🌿_نصوم طاعةً لله ورغبةً في رضاه و امتثالاً لأوامره..


🌿_ نصوم لنتعلم الصبر على مشاق الدنيا ولنتعلم أن بعد العسر يسر، و لابد لكل محنة من نهاية، فمهما بلغ بنا الجوع والعطش سنفطر في النهاية وقت آذان المغرب..


🌿_نصوم لنهذب أنفسنا ونُعيدُ ترويضها ومحاسبتها في وقفةٍ قصيرة لشهرٍ واحد لمراجعة أخطاء العام الماضي وتجديد عهود ونوايا العام القادم..


🌿_ نصوم لكي نتحد جميعاً لشهرٍ واحد على قلبِ رجلٍ واحد، نأكل في موعد واحد ونُمسكُ في موعدٍ واحد.


🌿_ نصوم لنشعر بغيرنا من الأقارب فنصل رحمنا، ومن المحتاجين فنفرج كرباتهم ونحسنُ إليهم قدر استطاعتنا..


🌿_نصوم لنطهر قلوبنا من الأحقاد ونتسامح ونتسامى عن رغبات الدنيا وشهواتها، فنفسح لأرواحنا المجال لتتنفس وتشعر وفي النهاية تؤمن!


🌿_ نصوم إعلاءً لشعائر الله وإكمالاً لأركان ديننا الخمس.


🌿_ نصوم طمعاً في الجنة وأن نكتب من العتقاء من النار..


.....


الصوم ليس فقط امتناع عن الطعام والشراب لعدة ساعات، بل هو مدرسة إيمانية متكاملة،غنم من فاز بها وتعلم درسه جيداً وخسر من فوّت الدروس وضيع الثواب، لاهياً غافلاً عن المنحة الربانية في هذا الشهر الكريم..


لا تُهملوا أسئلة صغاركم ،وإن لم تعرفوا ابحثوا عن إجابات تقنعهم، "فالقلب لا يؤمن حتى يفهم"، لا يتفتح إلا عندما تنتهي الأسئلة ويطمئن للإجابة❤️


لا تضجروا من شغف الصغار وتعطشهم للمعرفة، فذلك سلاحهم السري لاكتشاف العالم والعثور على الطريق، مهما صغر سنهم يستوعبون، ولا يمر عليهم شئ مرور الكرام، لذا أصبح إعدادهم مبكراً لإحياء شعائر الله والمشاركة في عباداته والتزام أوامره فرضاً واجباً علينا، لتتعلق قلوبهم منذ الصغر بطاعة الله وحب فروضه، والامتثال لأوامره وتجنب نواهيه، حباً له وطلباً لرضاه وثوابه..


.....


تلك المنشورات التي قد تمر عليك مرور الكرام بل وقد تعتبرها مملة لكثرة تكراراها،قد تغيرُ قلباً ما رزقه الله الهداية..🌸


تكرارها ان هو كقطرات متتابعة على صخرٍ صلب، يوماً ما سيلين الصلب وينكسر تحت تلك القطرات فيذوب فيها ويرق لرقتها فيتحول خلقاً جديداً ألطف..


...


كل الزينات و الاستعدادات التي يتفنن فيها الجميع ويعظمونها وينتظرونها من العام للعام هي حفاوة واحتفال و تمهيد للنفس بالتزين والاستعداد لرحلتها الجديدة في هذا العام.


فالنفس تميل لكل ما هو ملموس وواقع قبل أن تنتقل للروحانية..


ماذا عنكم؟ متى شعرتم بقلبكم يتفتح أخيراً بالإيمان؟


وماذا كان سؤال طفولتكم الذي لم تجدوا له جوابا مقنعاَ حينها؟ 🤲



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات "nerminotopia"لـ نرمين محمود

تدوينات ذات صلة