من يسكت مرة يسكت كل مرة! كيف تحمي طفلك من التحرش وتبني ثقته بنفسه

لا ترفع صوتك! لا ترد عليّ، غير مسموح لك بالاعتراض، رأيك مرفوض،من أنت لتقول رأيك ؟ اسمع الكلام وان كنتَ غير راضٍ، يجب ان تفهم ما أريد بنظرةٍ واحدة وتنفذ في التو ! لا أريد سماع صوتك! لا تعترض! لا تجادل! لا تقل لا!

هل هناك من لم يتربى علي تلك الكلمات؟!!

طفلي عنيد! طفلي لا يسمع الكلام! طفلي لا ينفذ الأوامر، طفلي عصبي، طفلي له رأي، طفلي يتكلم كثيراً !

تلك هي اشهر المشاكل الجدلية التي لا تنتهي علي مواقع التواصل الاجتماعي، والكل بالطبع يدلي بدلوه و أحياناً قد يتدخل احدهم بحكمة، ليعلو صوت الجعجعة في النهاية بأن " كلما كسرت ِالشوكة أبكر كلما كان ذلك أيسر !" ...

لازم تربيه،اكسريله ضلع بيطلعله ٢٤! كيف ابنك بيرد عليك ! اذا بتسيبيه على هذه الحالة بيعذبك كل ما يكبر! فين أبوه، السعيه! اضربيه! كسريله عظامه! خوفيه!

تلك نبذه من الحلول المقترحة للمشاكل السابقة!

اسمع كلام معلمك! إذا ما سمع كلامك كسر عظامه! راسه ناشفه ما تسمع له! لا ترحمه! العصا لمن عصا! اسمع كلام معلمك! لا تجادل! لا تقل لا

تلك نماذج لتوصيات الأمهات في المدارس لمدرسي صغارهن، الكثير من الأمهات مازلن يبحثن عمن يقسو على أطفالهن و يكسر عظامهم ليتعلموا ! وهم متصالحون تماماً مع ان ذلك أفضل لهم وسيعرفون ذلك عندما يكبرون!

...

هل سمعتِ عن حالات التحرش و الاغتصاب التي تغزو العالم في الفترة الماضية؟

معلم عجوز يتحرش بتلميذته الطفلة ! كهل يغتصب طفلاً في الخامسة! فتيات يتعرضن للتحرش من زملائهن و معلميهن! طفلة تعرضت للاغتصاب المتكرر بالحضانة!

هل آلمتك تلك الحوادث! ما أول ما تبادر لذهنك؟ هل فكرتِ كيف تصرف كل هؤلاء!

هل صرخن؟ هل رفضن؟ هل دافعن عن أنفسهن!

هل حاول ذلك الطفل دفع المعتدي! هل صرخ! هل حاول الفرار! هل استنجد بأحد!

اسمحي لي ان أصدمك بأن الإجابة "لا"!

ثمانية من أصل عشر حالات اغتصاب لا يقاومن، لا يصرخن، لا يستنجدن، لا يفعلن أي شئ... ليس لأنهن قليلي الأدب!

بل هم مؤدبون جداً و منصاعون جداً و ودودون جداً!

هم فقط " يسمعون الكلام" ...!!!

لا يعرفون كيف يعترضون، كيف يرفضون، لا يدركون حتى ان لهم الحق في الرفض!

اليس ذلك ما تربينا عليه! أليس ذلك ما تجاهد كل الأمهات لتصل إليه!

طفل مؤدب ،يسمع الكلام لا يناقش لا يتجادل لا يشكو منه احد، ينفذ الأوامر بحذافيرها!

هل تنتظرين من ذلك الطفل أن يتبدل فجأة ليقاوم و يدافع و يرفض و يغضب و يثور لان أحداً ما يؤذيه! هل تتعجبين كيف يصمت في وجه المعتدي و لا يحاول الاستنجاد بأحدهم!

لماذا العجب و هو يتقبل الإهانات والضرب منك طوال الوقت ويسمع الكلام وان كان الامر يضايقه دون أن يعترض، بل ولا يملك أصلا حرية الرفض!

لماذا تفاجئتِ أنه لم يدافع عن نفسه ولم يستنجد بأحد! هل هو يدافع عن نفسه أمامك ! هل يستنجد بأحدهم لينقذ نفسه من بين يديك!

لماذا يصعب عليك التصديق! وهو يكَافأ فقط عندما يرضخ للأوامر و ينصاع للتوبيخ والتأنيب دون أن يتفوه بكلمه او يعترض!

الأخطر من كل ما فات! تلك الحوادث لم يحكها الأطفال لأهليهم.. بل اكتشفت صدفة! اكتشفت من آخرين! بينما اكتفى الضحايا بالصمت امتثالاً للأوامر وما تربوا عليه "لقد سمعوا الكلام!"

هل تنتظرين من هؤلاء الاطفال أن يجدوا لدي أهليهم ملاذاً آمنا جدير بالثقة ليستنجدوا به او يحكوا لهم عن ما تعرضوا له من مضايقة و اعتداء!

كيف ذلك و أهلهم يعتدون عليهم في كل لحظه! هم لم يجدوا الأمر جديداً او غريباً، هو فقط نوع جديد من الألم! صفعة مختلفة تضاف إلى صفعاتهم تدفعهم ليدوروا طوال حياتهم في دوامات الدونية و اليأس و اليقين بأنهم السبب، أنهم لا يستحقون، انهم أقل من ان يُهتم بهم أو يستمع إليهم، أن صوتهم لابد أن يبقي منخفضاً و أن تظل عيونهم في الأرض ، يفكرون انهم بالتأكيد اخطأوا في شئ ما فاستحقوا العقاب! لابد أنهم اساءوا الادب في وقت ما وكان ذلك عقايهم!

لقد كان هؤلاء الأهل شركاء في ذلك! بل والمسئول الأول ايضا!

لقد قدموا للحياة صيداً لطيفا سهلاً لا يركض و لا يحتمي!

"لقد ربوا صغارهم ليصبحوا فريسة "

...

نعم لقد تربينا كذلك! لكن العالم لم يكن بذلك القبح المتفحش مثل الآن، لقد كانت دوائرنا مغلقه وحياتنا محدودة، كانت الحياة سهلة و ليست معركة!

بينما يبدو الامر الآن كما لو أن العالم تحول لغابة بشرية من المستذئبين في جلود بشر، لقد قرر البشر ترك حضارتهم وتمدنهم ورقيهم وتقدمهم، واختاروا العودة لحياة الحيوانات التي لأتعرف سوى الغرائز و الشهوات والركض خلف الملذات!

نعم لقد تربينا كذلك! لكن من قال أننا أسوياء ولا نجاهد في كل لحظه لإخفاء الندوب! من قال أننا نتمتع بنفوس راضية ونستطيع مواجهة الحياة و تحقيق ذواتنا بكل سهولة !

إذا كنت تريدين انجاب طفل لتربينه على أن يكون فريسة فلا تنجبي!

ان كنتِ تربين طفلاً ليصبح معتدٍ فلا تنجبي!

ان تلك النماذج السابقة و ذلك الاسلوب يصلح فقط لتربية حيوانات أليفة تموت إن خرجت للشوارع وسط الجياع!

‼️ تذكري....

_انت تربين بشراً لا فريسة!

_لا تكسري شوكة طفلك! لقد خلقه الله حراً مكرماً فمن أنتِ لتقهريه وتغيري خلق الله لتكسبي راحتك ورضا الناس!

_لا تضربيه! فتلك كبيرة و ذنب عظيم، طفلك أمانة لديك سيحاسبك الله عليها، فانظري كيف تريدين أن يكون حسابك!

_لا تعطي لأي كان ضوءاً اخضر للاعتداء على صغيرك ولو باللفظ بحجة تعليمه و أنه شخص موثوق به!

❕"لا أحد موثوق به" تلك قاعدة! ❕

أنتِ نفسك قد تكونين خطراً عظيما على صغارك!

ألم تسمعي بكل هؤلاء الآباء اللائي اغتصبن بناتهن لسنوات أمام أعين أخواتهن و أمهاتهن!

ألم تسمعي بتلك الأم التي ألقت صغارها في النهر، وتلك التي قتلت صغارها لانهم يضايقونها و يقيدون حريتها!

ألم تسمعي بكل ما يحدث من مدرسين و مدرسات ضمنوا السكوت و العقاب لأن الأهل اعطوهم ضوءا أخضر للاعتداء وقدموا صغارهم فريسة سائغه لهم!

...

‼️لحماية صغارك من التحرش ‼️

.................................

١ *لابد ان تربي صغارك على" ثقافة الرفض و التفكير و الاقتناع "

لا تلغي عقل صغيرك بل نميه وشجعيه علي التفكير الجيد والاعتماد على نفسه و تقييم المواقف بنفسه وحسن التصرف، عرفيه عن الإساءة و علميه ألا يقبلها أبداً، حدثيه عن الأقارب و دوائر الثقة اللا مطلقة، أخبريه ألا يثق بأحد أبداً ثقة عمياء أياً كان، و لا يقبل الاعتداء و الإهانة من أي احد، شددي على ضرورة دفاعه عن نفسه ورد الأذى وعلميه الطريقة الصحيحة لذلك..

*استمعي لرأيه و عززي ثقته بنفسه..

أخبريه دوماً أنك تحبينه بلا شروط، حباً خالصاَ مطلقاً لأنه طفلك و لأنه يستحق، رددي علي مسامعه دائماً انه يستحق كل جميل في العالم..

امدحي محاولاته البسيطة لتنفيذ مهامه و القيام بواجباته..

٢ *عززي اعتداده بنفسه و احترامه لذاته..

لا تسيئي اليه بالألفاظ و لا تقللي من شانه أبداً، كي لا تصبح الإهانة عادةً عندك و شيئاً عادياً عنده..

"لكي تربي طفلاً يحترم نفسه و الآخرين عليك ان تحترميه أولاً!"

٣* مهام ثابتة خير من أوامر لا تنتهي طوال الوقت..

_أخبريه أن لكلٍ دوره في الحياة، ولكلٍ مهام عليه القيام بها والالتزام بها، والا اختل نظام الحياة و فقد التوازن من العالم.

_ أكتبي قائمة ثابته لمهامه وواجباته و علقيها أمامه، اتفقي معه علي مكافآت ان واظب على القيام بمهامه لفترة معينه.

_ علميه أولاً كيف يقوم بها بشكل صحيح، وساعديه في البداية ثم انسحبي تدريجياً من المشهد و اتركيه ليعتمد علي نفسه مع إشارة بسيطة منك الى تلك المهام..

_ امدحي محاولاته البسيطة وشجعيه على الاستمرار في المحاولة حتى الإتقان، عززي ثقته بنفسه و اعتزازه بذاته..

٤* عرفيه عن جسده..

_تحدثي إليه عن العورات وعن المناطق التي لا ينبغي ان تمتد لها يد أحد.

_أخبريه أن جسده ملكه فقط وهو امانة من الله و عليه الحفاظ عليها..

_علميه أنه لا ينبغي أن يراه أحد عارياً أبداً، و ألا يبدل ملابسه أمام أحد، وأن الله أمرنا بحجب العورة وستر الجسد عن عيون الغير..

_أخبريه بالقصص المناسبة لعمره والتي تهدف للتوعية من التحرش و كيف يتصرف ويدافع عن نفسه وكيف يصد المعتدي..

٥* شجعيه على الحكي و كوني علاقة متبادلة معه..

_قدري حكاياته العفوية واستمعي إليها باهتمام تاركةً ما بيدك ناظرةً في عينيه ليتأكد كم هي مهمة و ضرورية لك!

_اسأليه عن يومه في المدرسة و ما ان كان هناك ما ضايقه ولو بشكل غير مباشر أثناء اللعب أو التلوين ان كان لا يحب الحكي.

_ أخبريه مرارا و تكراراَ قولاً و فعلً أنه يمكنه الوثوق بك وأنك ستدافعين عنه دائماً و أبداً مادام على حق، وستكونين دوماً معه و إلى جواره.

٦*لا تجبريه ولا تنصري أحد عليه!

_ عليك أن تقنعيه بما يرفض من أمور وتخبريه كيف أنها لمصلحته، بان تحدثيه عن الفوائد و النفع من وراء القيام بذلك، سيقتنع في النهاية و ان طال الوقت..

_ لا تدفعيه للقيام بما يكره دون أن يعترض ولا تخرسي إرادته وتقتلعي حماسه..

_ لا تدفعيه للاعتذار لأحد دون ان تخبريه بخطئه أولاً و تقتنعي أنه مخطئ و تعطيه فرصة كافية للدفاع عن نفسه وسماع وجهة نظره..

_ لا تسمحي لأحد بأن يعنف صغيرك أو يضربه أياً كان السبب.

٧ * قبلات وأحضان اقل..

_على عكس الاتجاه السائد بالتربية بالأحضان والقبلات المستمرة طوال الوقت فذلك خطأ! لأنه ببساطه يجعل الطفل في حاجه دائمه للتواصل الجسدي ويستمد الحنان و الحب فقط من الملامسة، فيصبح اتكالياً أكثر و هشاً أكثر وأكثر!

_ لا تبالغي في تقبيل طفلك طوال الوقت، وعززي تقديره الذاتي من داخله.

_ لا تقبلي طفلك أبداً رغماً عنه، توقفي ان رفض و لا تفعلي ذلك ثم تخبريه أنك تحبينه! فيعتبر ذلك أمراً عادياً ان تعرض له..

_ تعودي أن تستأذنيه أولاً قبل تقبيله او احتضانه، ليفهم ان جسده و التلامس الجسدي مقدس و لا ينبغي ان يكون عُنوة أبداً!

٨ * لا مجاملات على حساب طفلك!

_ لا تجاملي الآخرين وتجبري طفلك أن يقبل الأقارب و الأصدقاء وكل غريب تقابلونه! بل علميه أن السلام يكون باليد فقط..

_لا قبلات للغرباء، ولا تسمحي لأي احد بأن يحمل طفلك عنوة و يقبله رغماً عنه أبداً و تعتبري ذلك نوعاً من المزاح و المجاملة!

_لا جلوس على أقدام أحد.. ولا تتركي طفلك وحيداً مع اي شخص مهما كان مقرباً..

٩ * وقت الحمام مقدس!

_ اخبري طفلك دائماً أنه لا ينبغي ان يشاهده احد في الحمام أبداً وألا ينظر بدوره لأي احد في الحمام..

_ حددي له شخصين أو ثلاث على الأكثر هم من يسمح لهم بمساعدته في الحمام ومساعدته في ارتداء ملابسه، و انتقيهم بعناية..

_ سارعي بتعليم طفلك الاعتماد على نفسه في الحمام كي لا يحتاج لأحد..

١٠ * لا أبواب مغلقة..

_ علمي طفلك انه لا ينبغي له ان يبقى بمفرده أبداً مع اي شخص و الباب مغلق!

_ اخترعي كلمة سريه خاصة بكما يستعملها طفلك عندما يشعر بعدم الراحة في وجود أحدهم أو يحاول احد ايذائه ان كان متحرجاً ان يخبرك بشكل صريح..

١١ * تربية جنسية صحيحة..

_عرفي طفلك ان هناك فرقاً بين البنت والولد، ولا ينبغي لهما ان يلعبا لعباً عنيفاً به ضرب او شجار أبداً.

_حاولي ان تبدأي من عمر الخامسة في تعريف طفلك بجسده و وظائفه وحدوده، و اي الأماكن لا ينبغي لأحد الاطلاع عليها أبداً!

_من عمر العاشرة ابدأي بتقديم التوعية المناسبة له عن الثقافة الجنسية و العلاقة الحميمة بين الرجل و المرأة، ضوابطها وآدابها، لا تتحدثي بخجل و أجيبي كل أسئلته بما يناسبها و ابحثي عن اجابات مناسبه ان لم تعرفي..

"لا بد أن تكوني انتِ المرجع الموثوق لطفلك، فتصبحي صوت ضميره فيما بعد عندما يكبر، فكلمات الأم أبداً لا تُنسى!"

...

في النهاية..

تلك الخطوات ماهي إلا اجتهاد و سعي و الحافظ وحده الله..

لذا التزمي بالدعاء و الرقية ان يربيهم الله و يحفظهم بحفظه و عينه التي لا تنام..

.....

لا تسأمي من الحوار والشرح و الحديث والإقناع ، تذكري أن التربية صبر و اجتهاد و تعب ، فمن قال ان التربية سهلة كان مخطئاً

"التربية أصعب مهمة في العالم" فانتِ تبنين طفلاً قوياً صالحاً..

احفظي أمانة الله لكِ، ربِ صغارك بما يرضيه، احفظي كرامتهم، قوي شخصياتهم، افتخري بطفلك المجادل العنيد الذي لا يكسر شوكته أحد ، استمعي لصوت طفلك المعترض، علميهم حدود الأدب ، و علميهم حدود الجسد، علميهم أن لا ثقة و لا تهاون و لا استثناءات، علميهم أن يثوروا ويدافعوا ويصرخوا ويركضوا ويستنجدوا بكم و يخبروكم بكل تفاصيل حياتهم ومشاعرهم بكل صراحة !

"كونوا ملاذاً للأمان لهم لا سجناً يهربون منه! "

ربوا صغاراً أحراراً فقد امتلأ العالم بالإمعات و أشباه البشر..!

حفظ الله صغاركم و صغارنا من كل شر..



إقرأ المزيد من تدوينات "nerminotopia"لـ نرمين محمود

تدوينات ذات صلة