ستوقفك الحياة عند إمتحان الاختيار ، وأنت وحدك من تقرر إن تنجح أم لا ، أنت فقط .

هل تعلم إنك صنعت هيئة حياتك ورسمت معالمها، وكونت منهجاً لوجودك من سلسة خياراتٍ بوعي وغير وعي؟

عند كل تقاطعات الطرق، وعند كل محطة أنت تختار؛ فأنت تختار الخل، وما ترتدي ليومك هذا، تختار الشريك، ومن قائمة الطعام ما تأكل، سلسلة الخيارات دائماً تضعك ضمن إطار تخرج منه لتجد إطاراً آخر يحتويك. وما بين الخيارات العادية والمصيرية توقع هذه الخيارات على مشاهد حياتك.

هل تظن أن الخيارات التي مررت فيها هي الأصعب على الإطلاق؟ أم أننا نخشى الاختيار بكل احتمالاته وظروفه؟ كم تمكث في قوقعة حيرتك وظنونك وتوقعاتك؟ أتذكر ما الذي دفعك لتختار؟ هل ندمت يوماً على خيار فضلته عن سواه؟ ثم اكتشفت بعد حين أنك لم تجيد فن الاختيار؟

ماذا سيحدث لو اخترت الاختيار غير المناسب أو ألا تختار أبداً؟ ماذا لو كنت أنت الخيار؟


الاختيار كمصلح من العمق هو الخير بالشيء، انتقاء وإرادة الشيء. هنالك خيارات حاسمة ومفصلية أكثر مما تظن، أصعبها اختيار الموت الرحيم للمرضى هكذا قرار يحمل على عاتقه مصير كائن بالوجود، في بعض البلدان يرجع هذا القرار للأطباء وفي البعض الآخر لذوي المريض، أصاب بالذعر فقط حين اتخيل حال الذي أتخد القرار أحد الأبناء أو الأباء، الوضع النفسي بعد سنوات تأنيب الضمير، الفقد صعب وكيف أن تكون مساهم في هذا الفقد.

اختيار إجراء عملية طبية نسبة نجاحها ضئيلة فقط لأعطاء الأمل للمريض بالاستمرار في شجاعته لمحاربة المرض، وتوابعها من نسبة النجاح أو حدوث خطأ طبي، أو حدوث تشوهات معينة. تتغير مسارات حياة بكاملها.


هل تقارن خياراتنا بتلك، طبعاً لا! ولكل منا ورقة امتحان خاصة به في هذه الحياة، تتعدى خطورة الاختيار من متعدد.

أصابع الحياة تمتد الى أعماقنا لتتحسس. هل حقاً نخشى الا ختيار؟ العامل هنا هو توقع نتائج اختياراتنا، توقعاتنا القائمة على الخيال والأشخاص من حولنا وتجاربنا السابقة. نظن أن خيارتنا تخصنا وحدنا، ولكن هناك طرفا للنهر ليس لإحدنا معرفة عمقعه إلا بمجازفة الغطس بجهاز قياس، الطرفان هنا هم قناعاتك الشخصية ومايتم اقناعك به. الأسلوب والطريقة هل تجعلك تسلم سواء كانت عاطفية أوعقلانية إحصائية أو حتى معرفية؟ هنالك مصطلح علمي (Fobo). fear of better options. الخوف من الخيارات الأفضل، وفرت الخيارات تضاعف الحيرة وتقلل نسبة الرضا وهنا معضلة الاختيار في وهم الكمال، لايوجد خيار من غير تعب، وجهد وتحمل مسؤوليته بالكامل. لايوجد مناسب دائما يوجد ما هو الأنسب لك دون عن سواك، بتفاصيلك بقدرة تحملك. وهنالك خيارات لا نضمن أبعادها الزمانية والمكانية، بين القرارات الفردية والجمعية، التأييد والرفض. تقف أمام نفسك لتتخذ قرارك ضمن دوافعك، ودوافعنا لها النصيب الأكبر لنبرر لأنفسنا قبل الغير لاختياراتنا. دوافعنا تعكس شخصياتنا طموحنا طبيعتنا راحتنا.


من أهم تلك الدوافع حسب تصنيف دقيق لها هي الحب. نحن نختار التجاوز عن أخطاء من نحب نختار أشخاص تميل لهم قلوبنا ونشعر معهم بالأمان، ويقودنا الحب ذاته لتجاوز سياج الوحدة، ينأ بنا الحب إلى أماكن وطرق أكثر دفء. بعيداً عن الشخصيات العاطفية أتحدث عن حالة وقرار. وهنالك دافع يعني لي الكثير شخصيآ هو الحرية، هي أن تعيش كما تشاء لا كما يُشاء لك، وليس أن تكون سجين لمعتقدات أو مكبل بقيود صنعت بحجم معصميك، الحرية أن تكون تواق لكل ما ترغب. الانتماء، السلطة، البقاء، المتعة هي أيضاً دوافع انتماؤك لبقعة جغرافية يجعلك تمكث فيها عمر دون ملل، تفضل البقاء على الكرسي برغم منغصات إدارة المكان، وغريزة البقاء تدفعنا للعثور على مسكن خالي من العيوب البنائية. ونختار المتعة في قضاء إجازتنا مثلاً كلٌ بطريقته.


عند تصفحك الالكتروني ستجد مئات بل ألوف المقالات بعنوان (5 خطوات لاختيار الزوج/ة المثالي/ة) (9 خطوة لاختيار الموظف المثالي )، نربط المثالية بخطوات! عابري الاحتمالات كاتبي هذه المقالات لا يعلمون بأن حتى الصح والخطأ نسبي، فما تظنه مثالي هو فقط لظروفك لاتقاس على الآخرين بمقياسك، فالخيارات ترتبط بيقين معين وقبول تعايش ضمن أبعاد واقعية بعيدة كل البعد عن المثالية. فن اختيارك يكون ضمن أولوياتك ضمن مقدرتك والمحافظة على نفسك دون أن تخسرها، هذا الفن من صنعك بما يناسب جودة حياتك، عبر خانات حساباتك، انعكاس الخيار على حياتنا غايتنا للوصول، تجربة اختيار تستحق أن تعاش بكامل إرادتك، هنالك الشعور بالرضا والراحة، ليكون الشعور لربما معيار استقرار ضمني للمرحلة التي تتبع الاختيار.


ألا تختار هو بحد ذاته خيار، الاختيار يوفر لك طبيعة خاصة لوجود معين، وألا يعني لك هذا الوجود برمته حق مشروع. ومابعد الاختيار هو تحمل نتائجه والتعايش معه ووجود السبل والحلول للاستمراية بثبات. «ندامة الكسعي» لم تفده بإرجاع قوسه له. إذا لم يكن الندم يحقق تصويب الوضع وتعديله، يحرك البوصلة باتجاه أكثر دقة نحو المراد. في محاضرة للدكتور إبراهيم الفقي يقول إنه بعد القيام بعملية الاختيار ستواجه اللوم والنقد والمقارنة. نظرتك تحكم على خيارك فقط، ماذا لوتوقفنا عن الحكم على خيارات الآخرين؟ لأننا ببساطة لا نعلم ماهي الظروف التي دعتهم لهذا الخيار دون سواه. يجب أن تكون جيد كفاية قبل أن تقيم قرارك إن كان جيد أم لا.

لو كنت أنت الخيار لأحدهم، بمساحة واسعة من الخيارات التي تكون فيها معه، ماهو شعورك؟ أن يتم اصطفاؤك أو استثناؤك! مهما كان فنحن نعيش ضمن دوائر متقاطعة ضمن الأقدار. وحكمة الأقدار تفوق قدراتنا العقلية. ستشعر بقدر كافي من الرضا ليدعم قرار خياراتك، الأخذ بالأسباب والتوكل على الله،

قال الإمام الغزالي "ليس في الإمكان أبدع مما كان"

ذوات

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

احسنتي النشر والى الامام ان شاءالله

إقرأ المزيد من تدوينات ذوات

تدوينات ذات صلة