(جسدي ملكي) شعار نردده كثيرا من أجل توعية الطفل بأن يحمي جسده من الإعتداء عليه من التحرش الجنسي
سواء كان التحرش من الأقرباء أو الأصدقاء، إن هدف حماية الطفل هدف سامي ومطلوب ولكن الوسيلة المستخدمة بعبارة (جسدي ملكي) غير صحيحة، فهل يملك الإنسان جسده؟
سؤال مهم جدير بالنقاش
فلو قلنا أن الإنسان يملك جسده لصار للإنسان حرية التصرف في جسده كما يشاء، وهذا المعتقد يتعارض مع ما نعتقده نحن المسلمون،
- فلو اعتقدنا بأن الإنسان يملك جسده لأعطينا الحق للإنسان بأن يتصرف بجسده كما يشاء، فلو كان الرجل متزوجا وخان زوجته بعلاقات نسائية وهي (الزنا) فلا يحق لزوجته أن تعترض عليه لأن (جسده ملكه)،
وكذلك المرأة يحق لها أن تتصرف بجسدها كما تشاء حتى لو خرجت تمشي عارية فلا يستطيع أحد أن يمنعها لأنها ستدافع عن نفسها بقولها لهم (جسدي ملكي)،
- ولو أراد شخص أن يقتل نفسه أو ينتحر لا يحق لأحد أن يمنعه لأن (جسده ملكه)،
- وحتى الطفل لو أراد شخص أن يتحرش به جنسيا وحاولنا منع الطفل وحمايته ولكنه يحق له أن يعارضنا ويقول لنا لا تتدخلوا لأن (جسدي ملكي) وأنا موافق على التحرش، ولو أراد شخص أن يتعاطي المخدرات أو يدمن على الخمر فلا يحق لنا أن نتدخل بحياته لانه سيقول لنا إن (جسدي ملكي) وأنا حر،
- ونفس المثال لمن يمارس الشذوذ الجنسي أو المرأة التي ترفض لبس الحجاب أو من يحرق نفسه وجسده كلهم يقولون (جسدي ملكي)
ولكن نحن المسلمين لدينا معتقد آخر ونظرة أخرى للجسد وللحياة كلها، فالمال الذي بأيدينا ليس ملكنا، والجسد الذي وهبنا الله تعالى ليس ملكنا، بل إن الدنيا كلها ليست ملكنا، فنحن جئنا لهذه الدنيا لا نملك شيئا، فالله وهبنا الحياة والجسد والمال والصحة والأهل والنعم كلها لوقت محدد، ثم يأخذها كلها وتنتهي حياتنا الدنيوية لتبدأ حياتنا الآخروية،
فكل ما وهبنا الله به ننظر إليه نحن المسلمون أنه (أمانة) عندنا وليس (ملك) لنا، وهذه نظرتنا للحياة وما في أيدينا، فالجسد عندنا مرتبط بالروح والعقل وهي النفس البشرية، كما أن الجسد عندنا يحترم حيا وميتا،
فالجسد (أمانة) ولهذا الإنتحار حرام لأن الإنسان لا يملك نفسه حتى يقتلها قال تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً )، وكل ما وهبنا الله به سيسألنا عنه حتى السمع والبصر وليس فقط الجسد قال تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل آولئك كان عنه مسؤولا)، أما عند غيرنا من أتباع المذهب النفعي فيمكن أن يوظفوا الجسد للدعاية والترويج والدعارة وكل ذلك مسموح به لأنهم يعتقدون بأن أجسادهم ملكهم،
أما نحن فالجسد عندنا أمانة والله يحاسبنا على هذه الأمانة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه) فتلاحظ السؤال يوم القيامة عن الجسد،
فالجسد أمانة وله حقوق منها رعايته ونظافته والإهتمام براحته والعناية بطعامه وعدم الإضرار به وحرمة بيع أعضائه، فهذه نظرتنا للجسد وهي تختلف عن نظرة المبدأ النفعي وهو (جسدي ملكي) فهو شعار يكرس مبدأ اللذة وليس الحماية،
فجسدي أمانة عندي هو الشعار الصحيح
د جاسم المطوع
الخبير الإجتماعي والتربوي
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات