من المعلوم أن العقل البشري يتميز بالمرونة واللدونة والقدرة على التغيير والتحسن والتغير، من حالة إلى حال، تغيره التجارب والخبرات التي تؤثر فيه

كتاب تغير العقل


من المعلوم أن العقل البشري يتميز بالمرونة واللدونة والقدرة على التغيير والتحسن والتغير، من حالة إلى حال، تغيره التجارب والخبرات التي تؤثر فيه وتترك بصمتها لمساعدته على التكيف باستمرار مع بيئة تتغير وتتطور باستمرار، ولكن ماذا عن التكنولوجيا وأثرها الواضح على تغير هذا العقل؟

كتاب "تغير العقل" للخبيرة البريطانية في العلوم العصبية سوزان غرينفيلد، يحاول هذا الكتاب الإجابة عن سؤال محوري: كيف يتأثر العقل البشري وظيفيا بسبب غرقه وانشغاله الدائم في عوالم التكنولوجيا والإنترنت؟ يدرس الكتاب بشكل مستفيض هذه الآثار، من خلال تركيزه على مواقع التواصل الاجتماعي، ألعاب الفيديو ومحركات البحث، ويبدأ بالفرد، قبل أن يصل إلى العائلات والمجتمعات ومعها السياسات العالمية.

حدود العقل.. متى يحب أن نتوقف عن التفكير؟

الفكرة المركزية في الكتاب تقر أن الإنسان الحديث قد تحول إلى إنسان رقمي، تأثر بالتقنيات الرقمية التي تدخلت في مهاراته المعرفية، نمط تفكيره، ثقافته، تطلعاته الشخصية، بل وحياته كلها، أصبحت جزء جوهري من كياننا وتواجدنا في الحياة.

وقد جاء هذا الكتاب باعتباره تحذيرا لما يمكنه أن يعيشه الإنسان في المستقبل، لأن النشاط الإنساني تعرض لخطر شديد، مع تضييق دائرة هذا النشاط الطبيعي بشكل تدريجي، خاصة فيما يتعلق بالأجيال الجديدة التي جرى تصنيف أفرادها ك "مواطنين رقميين". تقارن كاتبة "تغير العقل" بين أجيال كان فيها اللعب بالدمى ينبئ بالقدرة على الاعتناء بالأطفال، وتنمية حس العمل الجماعي، وبين الأجيال التي واكبت ظهور ألعاب الفيديو التي فصلت المتعة.

كيف تشوّش مواقع التواصل الاجتماعي دماغك؟

فيما يخص مواقع التواصل الاجتماعي، تشير الكاتبة الكيفية التي تغير بها نمط العيش والاجتماعي، بعدما تحول البشر إلى عبيد لشاشات حواسيبهم وهواتفهم، فتوفر الشاشة يعطي فرصة غير مسبوقة للتخلي عن التفاعل بين الأشخاص على نطاق غير مسبوق، ما يترتب عنه اختزال شامل لخطر الإحراج ومشاعر الانزعاج التي ينطوي عليها التفاعل الاجتماعي، ومع تغير طبيعة الحياة الاجتماعية يتأثر العقل وتترك هذه التغييرات بصمتها عليه.

ألعاب الفيديو وتأثيرها على العقل:

وتقارن الكاتبة بين أجيال سابقة كان فيها اللعب بالدمى ينبئ بالقدرة على الاعتناء بالأطفال، وممارسة الرياضة تساعد على الاعتناء بالصحة البدنية وتنمية حس العمل الجماعي، وبين الأجيال التي واكبت ظهور ألعاب الفيديو التي فصلت المتعة المستمدة من أي متطلبات قيمة للبقاء تمكنت هذه الألعاب من تحقيقها.

نحن أمام انفصام بين القرن العشرين الذي ميزته كثرة الأسئلة وقلة الأجوبة، والقرن الواحد والعشرين الذي طبعته قلة الأسئلة وكثرة الأجوبة، ما يقتضي دراسة مستفيضة تتضافر فيها الجهود وتمكننا من التغلب على المردود السلبي للتكنولوجيا على العقل الإنساني السائر بشكل واضح نحو السلبية والخمول.

والجميل في هذا الكتاب، أنه يتوفر على جملة من الدراسات العلمية الميدانية حول موضوع تغير العقل، إضافة إلى اللغة والأسلوب الذي يحاول أن يقرب الأفكار إلى أكبر قدر من القراءة الغير متخصصين، لأن هذا الأمر يهم جميع الشرائح الاجتماعية، نظرا للقيمة العملية التي يحملها موضوع تغير العقل الذي يدرس التحولات الكبرى التي عرفها المجتمع الإنساني مع الثورة التكنلوجية الرابعة.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات https://www.psychomaharat.com/

تدوينات ذات صلة