هي مُجرد حيرةٍ تَحُفنا لمّا نجد أنفسنا فجأةً أصحاب قرارٍ ،

توالت السنوات وضل الندب متربعًا على كفي يُحذر كل من أراد مد يده الي أن انتبه هذا خطر، لا تحاول فلا فائدة.. هي في موضعٍ عبثيّ ابتعد!لا أحد عرفني وعرّفني بقدر ذلك الندب، كُنت أنادى بهِ ولولاه لكنت نافذًا لا أُرى، وكأنه العلامةُ الوحيد على تواجدي.. على بقائي .بعد انهائيَ للمرحلة الثانوية وبعد تكويني للعديد من الصداقات الزائفة بدافع امضاء الوقت و مشاركة الضحكات المنافقة ها أنا ذا وحدي في مجتمعٍ مهولٍ مقارنةً بحالي الأسبق. الوضعُ معقدٌ في الجامعة، الكثيرُ من القونين والكثيرُ من الانحلال وأنت مُجبرٌ على أن تختارَ طريقكَ من أول فصلٍ لك، لأنه وبالطابع العام سيترتب عليك الكثيرُ لتقرره بعد ذاك و سيبنى مستقبلك من هذه الخطوة. وللأسف خيارُ ما بين بين ملغيّ تمامًا، ستظهروكأنك جبانٌ لم يُحدد موقفًا و لم يتخذ من قبلُ قرارًا.. لذا، ومن أول قرارٍ تتخذه ستتلاشى فكرةُ تواجد خيارٍ ثالثٍ في أي شيءٍ هُنا و في بعض الأحيان فكرةُ تواجد خياراتٍ من الأساس .على عكس الجميع بدأتُ بتفقد أماكن الشجر والظل والهواء النقي، الأماكنُ التي ستحفظنُي و أحفظها فلا وفي الا الاماكن. لم يستغرق الأمرُ كثيرًا لا تبدو الجامعةُ كبيرةً حقًا لمّا تكتشفها بشغفٍ هي فقط تريد من يفهمها كما هي لا كما تبدو،تنهيدةٌ طويلةٌ عبرتني لمّا نتطقت تلك الفكرةُ برأسي .. كأنها تستقصدني !بعد اكتشاف الأماكن التي ستعرفنا و أكشاك الطعام السريع الذي سيواسي حُزننا و يُكافئنا اذا تفوقنا، بدأت بطرق المواصلات .. صدقًا تطلب الموضوعُ شهرًا كاملاً من دوامِ أسبوعٍ كاملٍ لأعرف الطرق كلها وأجردها بقسوة فتأهل منها ثلاث، واحدٌ سيؤينا لمّا نبردُ فهو ليس بالطويل، والثاني سيرشدُنا في ضياعنا فهو محفوفٌ بالمتاجرِ وأولاد الحي.. والأخيرُ سيشدُ علينا في شتاتنا.. في خوفنا .. في حيرتنا فهو الأطولُ والأكثرُ هدوئًا وصدقًا، فلا ألوانَ مبهرجةً تملؤه ولا أغاني شعبيةً يتخللها الحُب و الصخب ولا أولاد حي يتراكضون على كُرةٍ ستفرقهم أكثر مما تجمعهم . كشخصٍ مُتفحصٍ تعود على المراقبةِ أكثر من الخوض، والاستماع أكثر من التحدث و الغياب أكثر من الحضور استطعتُ بسهولة تقسيم الفئات الموجودة في الدفعة من أول شهرٍ- رغم أن الموضوع يحتاجُ اقل بكثير- لكن لكي لا أظلم أحدًا ولكي لا اضطر الى تغيير تصنيف أي أحد. نبدأ طبعًا بالفئةِ "الكل صاحبي وأنا صاحب الكل" من أول يومٍ لهم ورغم دخولنا من ذات الباب فإنهم يشقون طريقهم من بين الصفوف ويُشابكون الأيدي مع كل العابرين ويربتون على أكتافِ كل مخذولٍ ومحزون و دائمًا ما تُرافقهم مجموعةٌ غير محددة من "السحيجة" أو "الانقياديين" بلغة مَحزومةٍ أكثر، وفي الغالب ومع التطورات الالكترونيةِ في أيامنا هذهِ فانهم غالبًا ما يبدأون سلسلة التعارف وتكوين العلاقات الوطيدة مع الجميع من مواقع التواصل الاجتماعي و "الجروبات" الخاصة بما يُسمى الارشاد والتي أيضًا ما يعملون بها في بعض الأحيان رُغم أنهم في سنتهم الاولى وهذا يرجع لشخصياتهم ولا ألوم واضعهم بل أشتمه. أما الفئةُ الثانية فهي فئة " محور الكون" أو "أنا ابن فلان " وهذهِ أسوء فئة بنظري، لأنها تتفاخرُ بما ليس لها يدٌ فيه بشكلٍ أو نسبٍ أو مالٍ فهم ينعزلونَ على أنفسهم من أول دخولٍ لهم وذلك يرجع لنوعية سياراتهم التي ينزلونَ منها و - ماركة - ثيابهم وما الى ذاك من مظاهر زائفة ووسخ الدنيا وهم بالعادة اذما خالطوا أي فئةٍ أُخرى تراهم متعالين لا يفقهون قولا ولا يجيدون فعلاً يتأمرون ويثرثرون بكلامٍ فارغٍ فإذا دخلت مع أحدهم في نقاشٍ لم تطل حتى تغلبهُ فيقعد متباكيًا وسط الجمع فيهبون ليواسوه ويربتوا عليهِ ببعض الجمل التي تُذم أنت فيها "فكيف تُبكي أحدًا بنفوذ ؟" ولكي أكون منصفًا ففي نفي هذه الفئة هنالك من تُفرض عليه فيكونُ حقًا لا يد له فيها ويحاول على مقدرتهِ أن يواريها لكنه وعند أول مشكلةٍ سيُجرب أن يستخدم ورقته الرابحة وسيرى كم هي رابحة و ستجر تلك الورقة أوراقًا أخرى وستنداتٍ و محاضر لا تقل، سيندم مرةً في يومٍ وهو مستظل تحت شجرة لمّا يعرف عن ادمانهِ المُبتذل، ولمّا يبدأ بسرد الأحداث لو لم يستخدمها.وهنالك بعض الفئات أو هي أقرب لفتات فبالكاد يذكرها أحد هنالك "المفلسفين" وهم طبعًا فئةُ المُثقفين منهم من قرأ كتابًا واحدًا أو اثنين وبدأ يُعطي في حلقاتِ تنميةٍ و نقاشات و أيضًا "المشايخ" أو "جماعة هي لله" منهم من يأخذها قولاً وفعلاً ومنهم من يأخذها قولاً فحسب أو فعلاً فحسب والأخير كان نوعي على ما أظن، ولا ننسَ أشباه المشايخ الذين لم يفقهوا في الدين الا " الرجال قوامون على النساء" و " للرجل مثل حظ الأنثيين" و "صوت المرأة عورة" وطبعًا من سندهم و تأليفهم و هذه الفئة وهو على عكس ما كنت أظن فهم ليسوا واضحين و حتى تعرفهم حق المعرفة ستكون قد وقعت أصلاً في شباكهم "ووقعت وما حدا سمى عليك" من هذا القبيل يعني، ولكن يتطلب الأمر شخصًا أكثر من يقظٍ لنمسكهم . وعندنا أيضا الفئة "الي بايعيتها" وهذه متخصصة في أي شيءٍ ما عدا أنها في جامعةٍ أو أن عليها ما تدرسهُ وغالبًا ما تكون أفعالاً بذيئة " الله يبعدها عنا وعنكم " وطبعا على خدٍ منهم فئة " النيردات/ القطاعات" أي مصطلحٍ يحمل هيبةً سموهم، وهم أكثر أناسٍ يُسخر منهم ويُتنمر عليهم وأكثر فئة يُركض وراءهم وقت الامتحانات، وأخيرًا - حسب تصنيفي طبعا - فئة " المعتزلة" وهؤلاء لن أطيل عنهم فالله يعينهم على ما ابتلاهم .وبعد أن أنهينا التصنيف العام الموجود في كل دفعة نبدأ بدفعتنا الودودة "النحل" لا طبعًا هم لم يختاروا هذا الاسم لكني أنا من سميته لأنهم كخلية النحل بالضبط إلا أن لا ناتج حلوٌ.. لا ناتج أصلاً لأكون أكثر دقة .نبدأ فيّ أنا، اخترت طريق ما بين بين وكان عن سابق تفحصٍ وتمحيص وليس من ضعف أو شتات فأنا من جماعة الوسطية، وهنا نستنتج أنني أيضًا من المشايخ وكما قلت سابقًا فعلاً فقط، والقولُ محدود وغالبًا ما يكون أضعف الايمان فأيامنا هذه لا ترحم من يعرف الله ويخافه، وأيضًا من المعتزلة ولكنني قررت وعلى غير عادتي لأنني أهرب من كل ما كان يتوجب علي اقراره عادةً أن أكون من فئة " النيردات" وذلك بدافع الملل ولن تصدقوني لو حلفت يمينًا، لكني مؤخرًا سئمت التصنيفات كلها وارتئيت أن أخلطها لنخرج بناتجٍ حلو .. أو على الاقل نخرج بناتج .

ليلى.

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ليلى.

تدوينات ذات صلة