هل يشعر خريج الثانوية العامة بالضياع كل عام؟ هذا العام يكون شعوره هذا مضاعفاً!
"تخرجت في زمن الكورونا, و مع مرور ستة شهور على بداية هذا الكابوس الواقعي, لم أعد أعرف ما هو التخصص الجامعي الذي أريده و لا ماذا أريد أن أفعله في حياتي. و لا إلى أين أتوجه!"
قالتها لي و عيناها تتجهان نحو الأرض, بينما يخفي فمها الألم الذي مررت به حن كنت في تلك المرحلة... بيد أن حالها أصعب من حالي حينما كنت مكانها..
تألمت من كل قلبي و لم أعرف كيف أجيبها.و عندما عدت إلى البيت جلست أفكر في كل طلاب الثانوية الذين تخرجوا لتوهم و ليس لديهم أدنى فكرة عما يخبؤه لهم المستقبل فبحثت و تفكرت و جمعت بعض النصائح المهمة من تجربتي الشخصية لأساعد خريجي زمن الكورونا,
إلى أحبتي الذين لا زالوا يبحثون بينما الوقت ينفذ: أنصتوا أحبتي!!
ادخلوا الى غرفكم و لا تأخذوا معكم أي وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي. اجلسوا مع أنفسكم وحدكم. انظروا نحو السماء لا نحو الأرض و إليكم استراتيجتي.. ستبحرون مرتين... مرة نحو الماضي و أخرى نحو المستقبل.
لتكونوا على بينة في إبحاركم الثاني عليكم أولا السفر في الماضي:تأملوا السنين التي مضت... حاولوا تذكر أكثر قصة أبهرتكم أو موقف أثر بكم... حاولوا تحديد أكثر الحصص التي شعرتم فيها بالفضول تجاه إحدى دروسها...تفكروا بما يثير فضولكم من علوم لا زلتم تشعرون بالعطش الفكري تجاهها... و حالولو الإجابة على هذه الأسئلة:
هل مارستم أي عمل خلال الأعوام التي مضت؟
هل عملتم كمصورين هاوين حتى ولو ليوم أو يومين؟
هل عاونتم أحدا في تجارة ما؟
هل صممتم موقعا؟
هل ساعدتم صديقا مبدعا كمخرجين لإحدى قصصه العجيبة؟
هل كنتم معلمين لزملائكم في الصف بين الحصص و استمتعتم بذلك؟
هل وجدتم أنفسكم فجأة مربين لمجموعة مشاكسة من الأطفال حين تركهم أحد الأقارب عندكم؟
بسرعة أحضروا ورقة و قلما و انظروا إلى الوراء قليلا.. إن وجدتم ما يلمع فتأكدوا أنها كانت تجربة تأثرتم بها و أثرتم..
دوّنوها و تأملوها..و لا بأس أبدا إن لم تجدوا ما سألتكم لتوي عنه... لا مشكلة.. إن لم يكن الان ففي الليل إن لم يكن اليوم فغدا... و لكن لا تتركوا تلك الورقة فارغة.. ستحبطون عقولكم النيرة!!
عليكم أن تبذلوا هذا الجهد اليوم لا غدا... عليكم أن تعرفوا ماذا تحبون و ليكن ما تحبون أكثر من مجال واحد.. المهم أن تحددوها...
و الآن و بعد أن كتبتم عن الماضي... انظروا إلى السماء ثانية: أين ترون نجومكم؟ هل ترون أنفسكم مخترعين مبتكرين؟ أم معلمين ملهمين؟ أم أصحاب شركات؟ أم مدراءها؟ هل ترون أنفسكم في خط الدفاع الأول عن المرضى؟ أم موظفون متفانون في إحدى الشركات أو الوزارات؟ أين ترون أنفسكم تخدمون هذا المجتمع و هذا العالم؟ليس من حق أحدكم التخلي عن كونه إنسانا مهماً يحق له أن يحلم ثم يعيش حلمه...
و تذكروا... المؤمن القوي أقرب و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف...
الثقافة قوة
العلم قوة
المال قوة
المهارات قوة
العلاقات الاجتماعية قوة
و أقوى قوة هي قوة التعلق بالله!!
فابحثو عن قوتكم الآن و ابدؤوا بتمرينها...
و أحب أن أذكركم أنه ليس عليكم أن تدرسوا إحدى تخصصات الهندسة لكي تكتشفوا إبان تخرجكم من الجامعة أنكم لم تحبوا ما تحملون شهادته...
و ليس عليكم أن تتخرجو من إحدى العلوم التي لم تنجذبوا إليها يوما لتكتشفوا في نهاية المطاف أنكم أضعتم 4 أو 5 أو 6 سنوات من عمركم بينما قلبكم متعلق في مكان آخر...ولأننا في زمن نجهل إلى أين يأخذنا أشعر بكم و أعلم أنه من الصعوبة في هذا الزمان أن تحددوا وجهتكم
و لكن هنالك ثلاثة أمور من شأنها تخفيف شعوركم بقلة الحيلة و الضياع:
الأول: ضعوا لأنفسكم هدفا لا يُعلّب و لا يعبّأ:
كمعاونة الوالدين و رضا الله, كعون المجتمع و نصرة الضعفاء. و سيقودكم قلبكم إلى السبيل الذي يناسبكم لتحقيق هذا الهدف العظيم.
و الثاني: اقرؤوا و ثقفوا أنفسكم بعلوم الدنيا التي نحيا فيها.. كونوا أنتم البحارة لا ساكنوا الطوابق السفلى من السفينة..
كيف؟ اقرؤوا عن علوم هذا الزمان.. ما هي التكنولوجيا التي تكتسح عالمنا اليوم؟ ما هو وقود يومنا هذا؟ هل لا زال هو النفط أم هنالك غيره؟ (هنالك وقود جديد ابحثوا عنه)
لكي تقوموا بذلك جالسوا العلماء من أهلكم و معارفكم.. و اقرؤوا المقالات التي تتحدث عن هذه العلوم و عن التخصصات الأكثر طلبا في يومنا هذا.. جوجل لن يعيدكم خائبين!
أما الأمر الثالث و الأهم: اسألوا الله حبيبكم... لا تتركوا جانبه.. استخارة و صلاة و دعاء و توكل.. الجؤوا إلى حوله و قوته هاربين من حولكم و قوتكم عالمين بما تريدون فليدبر هو الأمر بعلمه وحده ليناسبكم بالطريقة الفضلى لكم...
كل يوم الجؤوا إليه و الهجوا بالدعاء.. و ليكن الله عونا لكم..لا تستسلموا لليأس و المشاعر السلبية..
لا تخبروا أهلكم بأنكم حيرى و ليختاروا هم عنكم تخصصاتكم.. كونوا عونا لهم و لا تحملوهم فوق طاقتهم.. و اعلموا أن فرحتهم بعقولكم المزدهرة ستكون أكبر حين تعرفون ماذا تريدون أن تكونوا!!
وفقكم الله لما يحبه و يرضاه
صديقتكم ديمة
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات