الجامعة فصل في حياتك كما كانت في حياتي، وهذه المقالة من ذكرى كيف اخترت التخصص، يا له من عودة بالذاكرة!

في آخر سنة دراسية في الثانوية كما هو المتوقع، كانت مرحلة انتقالية مُحيرة حيث بدت جميع التخصصات والآمال كبيرة وعلماً أن معدلي لم يكن كما هو متوقع ولكن لا بأس، ها أنا هنا أكتب عن تجربة مرت عليها السنين والأعوام مع أحداث تكاد تجعل تلك اللحظة ثانية مضت وانتهت من عصر الديناصورات -يبدوا الأمر مبالغاً، ولكنه يصف الأمر بمتعة :> -.

طبعا السؤال الذي احتل تلك الفترة، كان السؤال المعهود والشائع المتعارف عليه،

(ماذا تريد أن تختاري؟ إلى أي مجال ستذهبين؟)

طبعا مع السؤال عن أي جامعة تريدين الدخول إليها، وماذا سيسمح لك هذا المعدل؟، لقد كان الأمر مرهقاً فلم يكن لدي جوابٌ قاطع، ولكن كان لدي صوت يقول لا لعدة تخصصات، أحيانا مسألة الرفض تكون أسهل -صدقوني-.

مع هذا وُجب التنويه لقد كانت فترة حساسة ولكن الآن لا أذكر كيف سار كل شيء ولا أقول غير الحمدلله كانت تستحق، رغم كل الفوضى التى تميزت بها تلك الفترة!.

ولكنِّ لن أدخل بالتفاصيل اليوم، ولكن إحدى التخصصات المرفوضة كان الطب فبعد موت أحد معارفي بسبب إهمال الطبيب لحالتته النفسية والمعنوية, أردت أن أكون من الذين يساعدون الناس ولكن من دون التعامل معهم خوفاً من أن أفقد نفسي في لحظة كتلك، الآن قد يبدوا هذا السبب تافه وغير ممكن وقابل للتجنب ولكن في ذلك الوقت وفي عمري ذاك كان يفي بالغرض لأقرر تخصصي، والذي بعد أن تعمقت فيه وتعلمت، اكتشفت أنني أنا الأقرب من المريض رغم أنني لا أراه على الوجه التحديد، وأن ما أُدونه عن عيناته هو المسؤول الأول عن قرار الطبيب وخططه العلاجية،.

هذه المسألة كونت عبء عليَّ لاحقاً، ولكنه كان عبءاً جميلاً، وأحياناً مؤلماً حيث أن بعض النتائج التى أُدونها تكون عواقبها وخيمة، بسبب سوء حالة المريض، كان الله المعين والشافي لكل مريض.

وعلى هذا دخلت قسم المختبرات الطبية التابع لكلية العلوم الصحية في الجامعة، أذكر أول يوم جامعي لي كنت أرى الجميع ولا أرى!، كنت أبحث عن أحد أعرفه بين كل تلك الوجوه الغريبة، وفي محاضرتي الأولى دخلت من الباب الأول للقاعة أسأل عن مكان ثم دخلت من الباب الآخر للقاعة ظنّاً مني أنني في قاعة جديدة، لقد كبت الدكتور ضحكته واستغرابه ولكن هذه المواقف دائماً ما تحصل في السنة الأولى وتحديداً الفصل الأول، ولكن وُجب التنويه مرة أخرى يا عزيزي القارئ أنه لاحقاً كان من أكثر الدكاترة وضوحاً وحُسناً في التعامل.

كما أذكر أنني كنت أبادر بالأسئلة للطلبة الذين أريد أن أصادقهم, كانت أسهل الأشياء لي وأمتعها تكوين صداقات، ولكنها في معظمها كانت سطحية بعضها أدركته متأخراً، ولكن كان تجربة فيها ذكريات جميلة.

ولكن في الحياة تبقى الصداقة والاستمرارية فيها من أصعب الأشياء في العلاقات البشرية، فهي قد تبدو ثقيلة وصعبة، تتطلب منك وعيًا وصبرًا يحول بينك وبينهم لسوء فهم لم تتخيل وجوده في العلاقة.

ولكن تبقى هذه المرحلة مميزة بكمية وكثافة التجارب فيها، طبعا مع الاحتكاك المكثف مع مختلف الطبقات والمجتمعات، والثقافات، من كل ما يحيط بك فأنت تقترب من كل شيء لأنك تتعرض لانفتاح ثقافي كبير لمتنوع شرائح المجتمع والنفوس، كما يعرضك لمواقف وتجارب لم تكن تعتقد يومًا بأنك ستخوضها، من عدة نواحي كالصداقة، الحب، الشغف والهدف، الاكتئاب والتفاؤل، وأخيرًا علاقتك بنفسك وحدودها، فكن حذراً بقدر ما تستطيع ولا تستخدم عيونك فقط!

مع الإضافة للروح التنافسية العالية والتعاونية التى يفضل أن تبنيها لا أن تنتظرها للحصول على أفضل العلامات، والخبرات الحياتية والاجتماعية، التى ستبقى في الذاكرة مع ضرورة التذكير بأهمية مساعدة الأخرين بما تعرف.

ومن أكثر المقولات التي بقيت معي في مساري الجامعي عبارة تقول: أنا من أحدد النهاية.

أعد قراءتها من جديد..لوسمحت : أنا من أحدد النهاية.

لا بأس بالغلط، لا بأس بالتعب ولا بأس بالسؤال أو طلب المساعدة، ولكن لا تثبط من عزيمتك لأنك لم تكن كفلان أو فلانة، أو حتى لم ترى السهولة التى ترسمها الأفلام، أو قصص الحب التى تنشأ من النظرة الأولى، لا ألغيها ولكن لا تبن أحلامك عليها، فهم ممثلين وأنت الآن في الواقع.

ولكل لحظة أوان، استمتع الآن قدر المستطاع وتعلم قد يبدو دمجهم صعباً ولكن رويداً رويداً، فأنت لا تُسأل ب(بكيف لا تعرف؟) بل ب(لماذا لم تسأل؟) وهناك فرق شاسع بينهما ستشعر به عند مواجهتك للواقع لاحقاً .

وهكذا مرت السنوات،وعدت الأيام التى قلت عنها لن تنتهي، وأكتب هذا وأنا على يقين أن العديد من الجامعات قد بدأت ـ بمختلف الدول، ولكن أتمنى أن تُطمئن قلب أحدهم.

شكراً لاهتمامكم،

أنار الله طريق علمكم، فليست كل العلوم التى ستكتسبها ستكون من باب واحد.

وتذكروا هي فصل قد يكون طويلاً أو قصيراً ولكنه ليس كل شيء!.. حتى إن شعرتم كذلك.

وأنا هنا إذا أردت السؤال ♥





إيمان أ

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات إيمان أ

تدوينات ذات صلة