السلوكيات البشرية في أصلها ما هي الى طبيعة بشرية إما مكتسبة أو مولودة مع الشخص، سأقوم وبشكل مختصر بإسهاب الترابط النفسي والسلوكي بين الانطوائي والمتعاطف

إن السلوكيات البشرية في أصلها ما هي الى طبيعة بشرية إما مكتسبة أو مولودة مع الشخص وبدون الدخول الى هذه الحيثيات المتأصلة في العمق البشري لعلم النفس والسلوكيات سأقوم وبشكل مختصر بإسهاب الترابط النفسي والسلوكي بين الانطوائي والمتعاطف، فكما ذكرت في الجزء السابق، ليس من الضرورة أن يكون كل شخص انطوائي متعاطف والعكس صحيح ولكن هناك بعض الخصال الموجود في سلوكيات الانطوائي تحفز هذه الخصال الموجودة لدى الشخص المتعاطف.


تتثمل الصفات الرئيسية للشخص الانطوائي بتفضيله للابتعاد عن التفاعل البشري المباشر وذلك كون أن الشخص الانطوائي هو شخص عميق بتفكيره وإحساسه فمثلا رؤية ورقة شجر صفراء اللون تسقط على الأرض في فصل الخريف تنسج في مخيلته الرحلة التي قامت بها تلك الورقة منذ الولادة الى الممات، تماماً كرحلتنا في هذه الحياة، فما نحن الا ورقة على شجرة ننتظر بأن تسقط وتسقط معها حياتنا واحلامنا، وبهذا فأن النمط المتكرر هو بأن هذا الشخص الانطوائي لديه نظرة أخرى على الأشياء التي حتى لو كانت صغيرة وغير مهمة للبعض لها تأثير بشكل كبير على إحساسه وشعوره تجاه كل شيء في هذه الحياة، تماماً كالشخص المتعاطف، فهو يجذب كل الأحاسيس والمشاعر النابضة من حوله من الأشخاص ويتقمص كل ما يستطيع تحملها منها، وعليه وبحسب تجربتي الشخصية أعتقد بأن كل ما زادت الشخصية انطوائية انحاز هذا الشخص بشكل غير مباشر الى التعاطفية مما يجعله شخصية أكثر ندرة وعمق وتفكر في الحياة.


لا شك بأن هذه الانحيازيات السلوكية لها جانب سلبي وتأثر بشكل مباشر على الأشخاص نفسهم وعلى من هم حولهم، فكلما زادت هذه الانجرافات العاطفية والسلوكية كلما زاد انغلاق الشخص على نفسه وبناء عالم خاص به، وهذا ما يجعل الكثير من الناس بأن يحكم بأن الشخص الانطوائي او المتعاطف هو شخص سلبي او لديه مشكلة نفسية تتعلق في تعامله مع الأشخاص والمواقف ولكن ما لا يعرفه الأغلب بأن هذه السلبيات هي سلبيات غير متحكم بها، ولكن يستطيع الشخص بان يتعامل معها، يتقبلها ولا يحاربها، يتفهمها ويسخرها في مصلحته الشخصية.


وفقاً لما سبق من تحليل مختصر لواقع الحال، أود أن اشارككم بعض من الأشياء والعادات التي من خلالها استطعت التغلب على هذه السلبيات وحولتها الى إيجابيات ساعدتني في حياتي الشخصية والعملية ومنها:


تقبل نفسك، لا تحاربها، لا تنكر وجود مشكلة :


للأسف فأن اغلبنا لا يكفيه محاربة الجميع ليظهر لهم بانه شخص طبيعي وغير مريض ولكن الواقع أنه اننا ننسى الحرب الداخلية التي تجتاحنا وتستنزف كل طاقاتنا بدون أي وعي منا، وعليه يجب علينا أولاً ان نجد السلام الداخلي في أنفسنا ومن ثم إظهار ايجابيتنا للمشككين، بحيث لا يتطلب الموضوع أي مناقشة أو إثبات كل ما علينا فعله أن نكون أنفسنا، فتقلبنا لنفسنا وحقيقتنا هو الحل المثالي لهذه المشكلة.



حول القناة، حول السلبية الى إيجابية :


من الصعب أن تجد شخص كامل، شخص يستطيع ان يتفهمك بسهولة تامة فعلينا دائما المحاولة، بالنسبة لي كان الحل هو الكتابة، أكتب كل ما أشعر به بأسلوب محفز لي وللقارئ، فعقلي يدور به الكثير والكثير من المشاعر والرؤى المختلطة بالواقع والخيال وقد قررت أن اكتب لأن أريح هذا العقل، هذا المستودع الكبير من الأفكار والتساؤلات، فكان تحويل كل ما اشعر به من سلبية الى كلمات تساعد الآخرين على فهم أنفسهم هو اداتي لأن افهم نفسي أولاً واساعد الناس ثانياً.



انت لست الوحيد، ما يدور في رأسك ليس ضياع :


تخيل نفسك في عالم موازي، تقف أمام الكثير من الأبواب وكل باب يوجد عليه رقم، لا تيأس وتحاول ان تبحث عن المفاتيح فليس هناك غير مفتاح واحد، انظر جيداً وتمعن في عقلك فهو هناك، موجود من البداية ولكننا علينا أولاً ان نرتب هذه العقل مما يجعلنا نجد المفتاح بسهولة وفتح الباب الذي سوف يقودنا خارج هذا العالم.


نحن لسنا وحدنا، يوجد الكثير منا، يحاربون لوحدهم ولكن تعلم أن احتياجك لشخص بأن يساعدك ما هو الا ضعف، كل ما عليك فعله هو ان تساعد نفسك، تذكر أننا نعيش في هذا العالم الموازي لوحدنا ولا أحد يستطيع الدخول، أنت فقط من يستطيع الدخول وتحويل هذا العالم الى عالمك المثالي، فنحن قادرين على خلق عوالم داخل عوالم والتحكم بها بإرادتنا، نحن قادرين على العيش وحيداً ولكن كل ما علينا فعله هو الأيمان بذاتنا.


قد وصلني الكثير من الاستفسارات بخصوص كيفية التعامل مع الانطوائية وكيفية التخلص منها، وكانت إجابتي دائما "لماذا نريد التخلص من شيء جميل، شي فريد؟" تخيل أن في جيبك الآن ورقة تخولك لأن تكون اغنى شخص في العالم، وانتا لا تعلم بوجودها، تخيل لو علمت، ماذا ستفعل؟


هذا هو جوهرك، هذا هو كيانك، فنحن مختلفين نعم ولكننا مميزين، فنحن نرى ما لا يرى غيرنا، نشعر بما لا يشعر غيرنا، تخيل بأن يكون كل العالم مثلنا، متعاطفين، قادرين على الإحساس بالغير، فهل سيكون هناك حروب، قتل، أو عنف؟


الجواب بكل بساطة هو لا.


واخيراً اود ان اذكركم بشيء مهم، إن كنت انطوائي و/أو متعاطف او خليط من الاثنان، فأنتا قد ولدت بهذه الخصال لغاية وهي أنك أصل ومحور التغيير في هذا العالم، اعتنق نفسك وحول كل هذه السلبيات الي إيجابيات وارتقي بنفسك وبالنهاية سترتقي بهذا العالم.





عبدالله الهباهبة

إنطوائي خلف الشاشة

مؤسس موقع الحبّري | Inklicist


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات عبدالله الهباهبة

تدوينات ذات صلة