في الجزئين السابقين قد قمت بتعريف الانطوائية وماهيتها وخصائصها، وفي هذا الجزء سوف أقوم بتعريفكم بنوع آخر من الانطوائيين وهم " الانطوائيين المتعاطفين ".


الانطوائيين والمتعاطفين


في الجزئين السابقين قد قمت بتعريف الانطوائية وماهيتها وخصائصها، وفي هذا الجزء سوف أقوم بتعريفكم بنوع آخر من الانطوائيين وهم " الانطوائيين المتعاطفين " فليس كل شخص انطوائي هو شخص متعاطف وليس كل شخص متعاطف هو شخص انطوائي، فنحن حتى في خصائصنا البشرية متخلفين حتى وإن تشابهنا في الكثير، فالعقل البشري يتمتع في استقلالية تامة في اختيار طريقة التفكير وطريقة التعبير، بطريقة ما، نحن أسرى هذه العقول الغريبة في تركيبتها والجميلة في كينونتها.


تعريف المتعاطفين


هم أشخاص حساسون للغاية ولديهم القدرة والقابلية للإحساس بالأشخاص المتواجدون قربهم ويستطيعوا قراءة ما يفكر به الآخرون من "مشاعر وأحاسيس"، الأطباء النفسيين يستخدمون مصطلح "متعاطف" مع الأشخاص الذين يتعاملون مع عواطفهم وعواطف غيرهم من خلال جذب وامتصاص هذه المشاعر إليهم بدون قصد بغض النظر إن كانت سلبية أم إيجابية ومن ثم الإحساس بها وتقمصها.هذا لا يعني أن نحكم على هذه الميزة بنظرة إيجابية أو سلبية، فكل شخص يتمتع بهذه الصفة لديه طريقة خاصة للتعامل معها، وخلال هذا الجزء سوف أقوم بشرح بطريقة مختصرة كالعادة كيفية التعامل مع هذه الشخصية كشخص متعاطف و/أو كشخص يتعامل مع شخص متعاطف.


كيف تعرف أنك شخص متعاطف


لكل شخصية بشرية هناك صفات تميزها عن غيرها، وكأشخاص متعاطفين هناك صفات مميزة تميزنا عن غيرنا من البشر وهنا قد اختصرت هذه الصفات بعشرة صفات قد تكون كافية لتعريف نفسك كشخصية متعاطفة و/أو تعريف شخصية ممكن أن تكون متواجدة حولك ومن هذه الصفات المميزة:-


التعبير الإبداعي


المتعاطفين لديهم نزعة إبداعية جميلة فهم قادرون على التعبير الإبداعي بشتى الطرق، عن طريق الكتابة، الغناء، الرسم وحتى الرقص، ولهذا أغلب الأشخاص المبدعين هم متعاطفون، فهم قادرون على زرع مشاعرهم ومشاعر الآخرين في إبداعاتهم، فكم رأيت لوحة، قرأت كتاب وسمعت أغنية أو حتى شاهدت رقصة معبرة، تركت فيك أثر جميل، تخلخلت الى اعماقك وطرقت باب قلبك وزرعت فكرة وذكرى في عقلك.



قراءة مشاعر الآخرين


المتعاطفين لديهم القدرة على قراءة مشاعر الآخرين ودوافعهم في بعض الأحيان، يمكنهم أن يعرفوا بأنك تكذب عليهم و/أو أنك تخبئ حقيقة ما عنهم، فهم يلاحظون تفاصيلك، حركاتك، نبرة صوتك ويستطيعوا فك هذه الشيفرة الخاصة بك ومعرفة الحقيقة الكاملة مما يجعلهم قادرين على قراءتك ككتاب مفتوح.



محبين للسلام


المتعاطفين لا يتعاطون مع العنف بكافة طرقه وتبريراته وفي حال تعرضهم لأي موقف كهذا فهم يفضلون الانسحاب المباشر و/أو حل الموضوع بشكل مباشر وذلك ليس لأنهم ضعفاء و/أو لا يستطيعوا المواجهة ولكن كون أن "العنف" غير موجود في قاموسهم، فهم حساسون فأي خبر محزن على الأخبار او في وسائل التواصل الاجتماعي يأثر عليهم بشكل مباشر مما يدفعهم للشعور بالحزن الشديد.



العزلة المزاجية


أغلب المتعاطفين الذين لا يعلمون "بعاطفيتهم" يواجهون مشكلة الانقطاع عن العالم، فهم يتوقون للعزلة عن الباقي وذلك ليتلافوا غمر أنفسهم بمشاعر الآخرين، فهم عرضة لتعرضهم للكثير من تقلبات المزاج وذلك لتأثرهم المباشر بالأشخاص المتواجدون حولهم، وهنا يأتي الدور التثقيفي والتعريفي والهدف الرئيسي من هذه السلسلة التي من الممكن أن تساعد الكثير من معرفة ماهيتهم وكيفية التعامل معها وعدم الشعور بالوحدة، فنحن لسنا وحيدين في هذا العالم ويوجد الكثير من الأشخاص الذين يشعرون بنا ويتفهمونا ويتقبلونا كما نحن.



الانفصال عن الواقع في حال عدم وجود مرسى يثبتهم في الأرض


يواجه المتعاطفين صعوبة بالغة في عمل شيء ما لا يستمتعوا في عمله، إن كان هناك نشاط معين او حتى محادثة معينة خالية من اية تحفيز عقلي ستجد أن الشخص المتعاطف قد فقد الاهتمام وسرح في بعد آخر، وهذه مشكلة تتعمق أكثر في مقاعد الدراسة إن كانت في المدراس و/أو الجامعات فأن خلت المحاضرة من أي عمق إنساني و/او مشاعر فسيقوم المتعاطف بالهرب الى مخيلته والإبحار الى عالم آخر.



الحرية المطلقة


الحرية المطلقة، هذه ما يميز المتعاطفين عن غيرهم من الأشخاص فهم لا يتبعون القواعد ولا القوانين، يواجهون مشكلة في اللاحق في القطيع بدون معرفة ماهي الطريق والى أين، فهم أرواح خلقت لتكون حرة ولهذا لديهم القدرة على التعبير عن آرائهم بطريقة مختلفة عن الآخرين فهم يحبون المغامرة وكل ما هو جديد.



عقل مدبر قادر على حل المشاكل


كما أسردت سابقاً فأن المتعاطفين خلاقين ومبدعين ويكرهون ويتجنبون العنف وهذا يجعلهم قادرين على إيجاد حلول لمشاكل عديدة بل هذا يجعلهم الأفضل، فهم مثابرون فكيف بشخص بهذه الميزات لا يستطيع إيجاد الحلول، فهو يبحث، يقرا المشاعر ويعرف كل التفاصيل، في منظوره الخاص لا توجد مشكلة بدون حل وفي طبيعة الحال فأنه دائما يجد الحل.



جذابون بالفطرة


كالمغناطيس، يجذبون الجميع إليهم بدون أي إيحاءات و/أو تعب، فهم يفهمون البشر، يترجموا الأحاسيس ويعاملونك كما تود وأكثر من هذا، فهم أكثر الأشخاص متصلين بالواقع وبالأشخاص، تخيل بأن تكون في صحبة احد يستطيع أن يفهمك بدون حتى ان تقول أي كلمة ولا أن تطلب ولا حتى تبرر مواقفك، ما أجمل هذا الشعور ولكن لا شيء مستمر في هذه الحياة ففي حال شعورهم بأن هؤلاء الأشخاص يرمون بمشاعرهم واحاسيسهم بثقل عليهم فسيقومون بقطع هذا الانجذاب بسهولة.



ذوق موسيقي فريد


في حال سؤالك لشخص متعاطف ما هي الفئة الموسيقية المفضلة اليك ستجده ينظر اليك متعجب وبدون أي إجابة لأنه فعلياً لا يوجد فئة واحدة، فهناك موسيقى معينة لكل حالة نفسية و/أو عقلية، فذوقهم الموسيقي متنوع ويكاد يكون غريب متناسق للأغلب، فهم حساسون، يمكن للحن معين او كلمات أغنية معينة أن تضرب وتر حساس لديهم وتخلق مشاهد وأحاسيس عميقة بداخله لا يمكن لأحد ان يستوعبها، ولكن في بعض الأحيان ما يفضله المتعاطفين هي موسيقى تعبيرية خالية من أي كلمات ليتسنى لهم خلق عالم وحالة خاصة بها.



التفرد والاستقلالية


المتعاطفين هم في الأغلب ذئاب وحيدة لا تحب التبعية وتحبذ الاستقلالية، فهم قادرون على العيش بمفردهم بدون الحاجة الى الاعتماد على أحد وذلك كون أن في أغلب الاحيان وجود شخص معين في حياة المتعاطف تأثر بسلبية على طريقة عيشهم، تحقيق أحلامهم مما يجعلهم يحبذون الوحدة ولكن هذا لا يعني بان الوحدة هي شيء سلبي، فالمتعاطف يستمتع بالوحدة والاستقلالية ولكنه مهتم بمشاعر الآخرين بشكل كبير مما يجعله من أكثر الأشخاص قابلية للتضحية على حسابه الخاص.



في السلسلة القادمة سأقوم بشرح الترابط النفسي والسلوكي ما بين الانطوائي والمتعاطف وكيفية التعامل مع هذا النوع الفريد من الأشخاص مع نصائح منبثقة من تجربتي الشخصية كانطوائي متعاطف.


اخيراً أود ان أشاركم بمقولة لا طالما قالها صديقي لي :

المتعاطفين هم أملنا الوحيد في هذه الفوضى، في هذه الحياة


سلسلة تعريفية عن الإنطوائية - الجزء الثالث32647340546438120



عبدالله الهباهبة

إنطوائي خلف الشاشة

مؤسس موقع الحبّري | Inklicist


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

يفرحني قراءة التعلقيات الخاصة بالأشخاص الذين يتمتعون بصفات تشبهنا، فهم أقرب الينا بالتوافق الفكري والحسي، قدرتي على الكتابة نابعة من حروب داخلية وشخصية طويلة علمتني أن سلاحي الوحيد هو قلمي، وفكري هو شجاعتي وحافزي، فأنا أسطر الكلام بما عشت به من مشاعر وأحاسيس.

الهمتني ردة الفعل على ما أكتب، فأنا من الممكن أن اكون مُلهِم لبعض الناس ولكن الحقيقة انا مٌلهَم بكل شخص شجعني وآزرني لكتابة المزيد، شكراً لكم.

إقرأ المزيد من تدوينات عبدالله الهباهبة

تدوينات ذات صلة