سيدة مصرية عاشت في القرن الماضي ولازال أثرها الإيجابي يغمر المصريين حتى الآن
في الفترة الأخيرة ظهرت في مصر مشاكل فتيات التيك التوك اللواتي لايشبهن الصورة المعروفة عن تاريخ وعراقة وأصالة السيدة المصرية لذلك موضوع اليوم سيدة مصرية بسيطة وعظيمة بنفس الوقت عاشت بالقرن الماضي لكن تأثيرها الإيجابي مستمر حتى اليوم على النهضة الصحية والاقتصادية للمصريين من خلال قرار عظيم اتخذته ومهمة بسيطة قامت بها بمهارة وشجاعة بعام 1902 ضرب وباء غريب قرية بوشا (بالقرب من أسيوط) فقام مسؤولو الصحة بإرسال طبيب شاب عُرفَ عنه دقةُ بحثه وتفوقُه الدراسي ليكشف الداءَ واستنتج أن هذا الوباء هو الكوليرا الآسيوية ونجح بتحديد سببه وحصاره وإنقاذ الآلاف من المصريين بعدها ظهر وباءٌ غريب ثان في الريف المصري أصاب السيدات وسبّب وفاتَهن فانتُدب الطبيب نفسه لمتابعة المرض فاكتشف أن الجرثومة المسببة للمرض تعيش في روث الحيوانات وعرف أنها جرثومة الجمرة الخبيثة واستطاع حصر الوباء مرة ثانية بفضل التشخيص المبكر وأنقذ الآلاف .قبل هاتين الحادثتين بحوالي 25 عام وتحديدا بعام 1879... في كفر الشيخ بمدينة الاسكندرية تزوجت فلاحة مصرية بسيطة اسمها مبروكة خفاجي من فلاح ثمانيني يدعى ابراهيم عطا ثم حصل طلاق بعد وقت قصيروانتقلت إلى الاسكندرية ووضعت طفلها وأسمته علي و بدأت رحلة الكفاح المضنية فعملت قابلة وبائعة خضار؛ لكن في تموز يوليو سنة 1882 هربت الوالدة مع طفلها إلى المزارع خارج الإسكندرية بعد ضرب الاسطول البريطاني للمدينة وعاشوا بالعراء عدة أيام، وعندما أصبح عمر الإبن 8 سنوات أدخلته مدرسة رأس التين الابتدائية، ووواجهت صعوبات كبيرة لتأمين مصاريفه لكن تفكيرها كان سابق عصرها، و رغم أميتها رأت أن المستقبل للعلم والمتعلمين. وحقق ابنها أمنيتها وتفوق بدراسته ونجح بالابتدائية ولما عرف والدُه بنجاحه طالب بأخذه ليوظفه ويستفيد من راتبه لكن السيدة مبروكة رفضت واضطرت لتهريبه إلى القاهرة ليكمل حلمها بإتمام دراسته وبالقاهرة ساعدته عائلة السمالوطي للالتحاق بالقسم الداخلي بمدرسة الخديوية ، ونال شهادة الثانوية بتفوق عام 1897.بعدها التحق بمدرسة طب قصر العيني وكان طالب الطب حينها بيتقاضى 3 جنيهات شهريًا للتشجيع على الدراسة فكان علي ابراهيم يرسل الجنيهات لوالدته، وهو يكسب عيشه من قراءة القرآن على المقابر أيام الجمعة، وعلى نهج والدته بمحبة العلم أدرك أن التعليم الصحيح هو القائم على البحث العلمي والتجارب وأظهر نبوغًا وتفوقا، وبدأ ينافس أساتذته بعلومهم ومعارفهم+++الرابط بين هذه القصص الثلاثة أن الطبيب الذي كشف الكوليرا والجمرة الخبيثة في الريف المصري هو علي ابراهيم عطا ابن السيدة مبروكة خفاجة التي بفضل جهودها وإصرارها على تعليمه وصل لهذه المرحلة المتقدمة من العلم والخبرة وتمكن من إنقاذ المصريين من وبائين خطيرين ولم تتوقف إنجازاته عند هذا الحد، ففي عام 1912 نشبت حرب البلقان وكان الدكتور علي إبراهيم رئيس البعثة الثانية الطبية اللي توجهت لاسطنبول لعلاج جرحى الحرب وأنشأ مستشفى مركزيًا هناك أجرى فيه كبرى العمليات الجراحية وبعام 1918 صدر مرسوم بمنح علي بك إبراهيم لقب جراح استشاري للحضرة العلية السلطانية تقديرًا لمزاياه وقدراته الفائقة بفن الجراحة ولقب بعلي باشا وأسس مفهوم المشفى الخاص وطور مستوى الجراحة في مصر ولاحقا تقلد عدة مناصب منها أول عميد مصري لكلية طب القصر العيني ومدير الجامعة في مصر وانتخب لعضوية مجلس النواب، ثم أسس الجمعية الطبية المصرية التي أصدرت المجلة الطبية المصرية وفتح المجال للفتيات المصريات لدراسة الطب.وبعام 1940 عيّن علي باشا إبراهيم وزير للصحة وبعدها مدير لجامعة فؤاد الأول.ثم أسس نقابة أطباء مصر، وكان أول نقيب فيها، وأسس مستشفى الجمعية الخيرية بالعجوزة؛ وإنجازاته لم تنحصر في المجال الطبي . أيضا تولى مهمة الاشراف على مشروع القرش الذي كان يتم فيه جمع قرش واحد من كل مصري تصرف لبناء المصانع والمشاريع الإنمائية في كافة أنحاء البلد .ما حققه د.علي باشا ابراهيم عطا من إنجازات شخصية وعامة شمل خيرها الشعب المصري لسنوات عديدة كان بفضل إصرار والدته السيدة مبروكة خفاجة على تعليمه ومواجهتها للصعاب بسبيل تحقيق هذا الحلم .رحم الله الطبيب العظيم ووالدته وعساها قصة ملهمة لكل الفتيات والسيدات المصريات والعربيات لتحدي العقبات بالعقل والوعي ودفع أبناءهم للنجاح وتحقيق الانجازات العظيمة مهما قست الظروف .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات