أقدم هذا المقال كبداية لسلسلة من المقالات حول من هي درية شفيق؟ ستتعرفون خلالها على كل تفصيلة كبيرة وصغيرة عنها.. انتظروا القادم.

لطالما كان للبحث العلمي مكانا خاصا في قلبي، فهو ليس مجرد متطلب أكاديمي أو مرحلة دراسية أُجبر على اجتيازها، بل هو اختيار نابع من رغبة صادقة في المعرفة، وولع بطرح الأسئلة وفرض الفروض والبحث الدقيق للوصول لما لم يصل إليه أحد من قبل ..


لطالما شعرت أن وراء كل حقيقة ظاهرة رواية أعمق، وأن كل قصة في التاريخ تحمل ما بين سطورها حكايات لم تُروَ بعد!


وانطلاقا من اهتمامي بقضايا الإنسان على العموم، وقضايا المرأة على وجه الخصوص اتجه فكري نحو هذه القضايا لاختيار موضوع دراستي لنيل درجة الماجستير، ولأنني صحفية فقد دمجت بين اهتماماتي ومهنتي، وكانت النتيجة مجموعة من الصحفيات ذوات الأدوار المؤثرة ومن أحدثن نقطة تحول في التاريخ.


بعد الكثير من البحث حول كل واحدة منهن، وقع اختياري على الدكتورة درية شفيق، لا لكونهن أقل منها بذلا أو تأثيرا، ولكن لأنني وجدت أن تاريخها قد طُمس عمدا، وأن قصتها تستحق أن ترى النور ويعرفها الجميع.


وسط هذا الغياب، كان من الطبيعي أن تثير درية شفيق فضولي كباحثة. كل ما وجدته عنها كان ناقصا، مترددا، أو محاطا بالصمت، لم أجد إجابات بقدر ما وجدت أبوابا موصدة، وأسئلة معلقة.


ومن هنا لم يكن اختياري لها كمادة لرسالة الماجستير قرارا عابرا، بل محاولة لفهم، لكشف، وربما لإعادة طرح اسم من حقه أن يُقرأ من جديد… بهدوء، وإنصاف.

درية أحمد شفيق، حاصلة على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة السوربون في فرنسا، صحفية ومفكرة ومناضلة سياسية، واحدة من أوائل النساء المصريات اللاتي اخترن أن يكنّ في صلب المشهد العام، لا على هامشه!


إحدى الرائدات النسويات في مصر والعالم العربي، مؤسسة أول حزب نسائي سياسي مصري "حزب بنت النيل"، والذي بدأ كمجلة نسائية ثم اتحاد ثم أخيرا تحول إلى حزب بعد ثورة يوليو 1952، ألفت كتائب عسكرية نسائية شاركت في حركة التحرير على القنال، قادت مظاهرات لاقتحام البرلمان المصري والمطالبة بحق المرأة الدستوري في الانتخاب عام 1951، نفذت وفريقها حصار على بنك باركليز الانجليزي، اعتصمت وأضربت عن الطعام أكثر من مرة، قامت برحلات حول العالم لعرض قضيتها وطرح أفكارها...


كانت هناك، ثم لم تكن!


امرأة عبرت المشهد بصوت مرتفع، ثم سُحب الصوت من الهواء وكأن شيئا لم يكن!


لا صورة واضحة، ولا رواية مكتملة، فقط شذرات متفرقة، وأثر خافت في زوايا الذاكرة العامة.


قدمت الكثير وضحت بالكثير ودافعت عن معتقداتها لأخر لحظة للمطالبة بحقوق المرأة في مصر.


في سلسلة المقالات هذه لا أقول أنها كانت على صواب أو على خطأ، أنا أروي قصتها التي طُمست لسنوات طويلة، أنقل ما توصلت إليه خلال رحلتي البحثية، التي اخترتها بكامل وعيي، بدافع من شغف لا يطفئه الوقت، وفضول لا ينتهي!


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات نهلة الناقة

تدوينات ذات صلة