كل قصص النجاح حولنا تؤكد أن كل شخص قادر على تحقيق انجازات عظيمة حقيقية يقدمها أمام الله بعد عمر طويل
مهما كانت الصعوبات التي نعيشها، ومهما كان مستوانا التعليمي والمالي وحتى الاجتماعي، ذلك إذا انتهجنا نهج مبتكر لتطوير حياتنا، ولو ركزنا على البحث عن الحلول النوعية لتجاوز الصعاب. فمثلا قصة بطلنا اليوم هي لرجل أعمال عصامي بدأ حياته ب 40 قرش فقط، أخذ يكافح حتى أصبح من كبار رجال التجارة والصناعة والاقتصاد في مصر ورمزا من رموز الاقتصاد، وتبقى رحلة كفاحه وعصاميته قدوة للأجيال وتأكيدا لقيمة العمل والاجتهاد باعتبارهما الطريق الوحيد لتحقيق النجاح كما تبقى قصته تجسيدا لمقولة " الفرص لا تحدث وحدها لكنك عليك صنعها". فهو لم يشغل باله بالسياسة بالرغم من حلمه المستمر في تطوير بلده، لكنه كان مؤمن أن بلده لا تحتاج رجال سياسة لتنهض، إنما تحتاج رجال صناعة لتقوى، لذلك وبالرغم من قلة تعليمه استطاع بإصراره أن يشيد قلعة صناعية كبيرة بطموحه وعمله واجتهاده فقط.
ولد بطل قصتنا في أسرة ريفية فقيرة بقرية "أبو رقبة" بمركز "أشمون" في محافظة المنوفية، كان والده فلاح يقوم بزراعة الاراضي مقابل أموال، في سن الثالثة أدخله والده "الكُتّاب" ليتعلم القرآن الكريم. ونظرا لظروف الأسرة المادية حيث توفي الأب ومازال بطلنا في سن صغيرة، لم يستطيع بطلنا أن يكمل دراسته، بل اضطر للبحث عن عمل ليعول نفسه وأسرته -ولأنه طموح لا تهزمه الصعاب- انتقل إلى القاهرة ليعمل بائعا في متجر صغير لبيع الأدوات المكتبية وعمره لم يتجاوز العاشرة. بعد فتره قرر أن ينتقل للعمل بمتجر بحي الحسين وكان راتبه 120 قرشا في الشهر، واستمر في هذا المتجر حتى وصل راتبه إلى 320 قرشا، بعدها فضل العمل في متجر جملة لتنمية خبرته بالتجارة، وكان أول راتب يتقاضاه في المتجر الجديد 4 جنيهات وبقي فيه لمدة 15 عاما (الصبر لتحقيق اللبنة الأولى للنجاح)، ارتفع خلالها راتبه إلى 27 جنيها، وكان مبلغا كبيرا آنذاك حيث تمكن من دفع تكاليف زواجه. ولأنه شخص يعرف هدفه سعى أن ينشأ تجارته الخاصة، لكن لم يكن لديه ما يبدأ به، ففكر هو وزميل له، أن يتشاركان مع شخص ثري، على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما، بينما يساهم الطرف الثاني بأمواله، وكان رأس مال المشروع 5 آلاف جنيه، و لسوء الحظ بعد مرور 3 ايام فقط من بداية المتجر اصيب صاحبه بمرض أقعده عن العمل، وبالتالي وقع على بطلنا حمل الشغل كاملا، ولكن بإصراره وعدم ترك شريكه بالرغم من مرضه -لأنه يعرف معنى الشرف- استطاع ان يدير المحل بمفرده وبجدارة ونمت تجارته بشكل سريع جدا وحقق ارباح عالية (بركة الله لكل مجتهد وصادق وشريف)، وبعد عودة زميله المريض أصبح لديهم متجرين وليس متجر واحد! ولفكره المستنير الخيري جلب الى محلاته كل اقاربه واهالي قريته للعمل معه فبارك الله له وتوسعت تجارته، وبعد ذلك بدأ في إنشاء مصنع صغير للألوان والأحبار، وليطور عمله قرر تحويل عمله من مجال تجارة الأدوات المكتبية إلى تجارة الأجهزة الكهربائية، وعن طريق أحد اليابانيين الدارسين بالقاهرة والذي كان يعمل لدى شركة "توشيبا" اليابانية، حصل على توكيل توشيبا في مصر. وذهب الى اليابان ليرى مصانع الشركة التي حصل على توكيلها، ولانه طموح محب لوطنه، طلب من المسؤولين في توشيبا إنشاء مصنع لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% ورفع لاحقا إلى 60% حتى وصلت إلى 95%، ومع تطور الإنتاج أنشأ قلعة صناعية مصرية كبيرة. ولأنه انسان وطني رفض أكثر من مره التعامل مع أي تاجر إسرائيلي، مؤكدا أنه ما دامت مشكلة احتلال الأراضي الفلسطينية باقية، فإنه لن يتعامل مع أي تاجر إسرائيلي (صاحب مبدأ وقوي بالله في الحق).
أنه أفضل قدوة لكل من يريد ان ينجح النجاح الحقيقي الذي هم ليس المنصب ولا الاموال وإنها خدمة المجتمع والوطن وترك الأثر، إنه محمود العربي رئيس "اتحاد الغرف التجارية" السابق، وصاحب محلات ومصانع "توشيبا العربي"، وشاهبندر تجار مصر عن جدارة. الذي استطاع باجتهاده وعمله وأمانته أن يحصل على ارفع وسام ياباني” وسام الشمس المشرقة” الذي منحه له الامبراطور الياباني” أكيهيتو” عام 2009م. رحم الله هذا الفارس وجزاه خيرا عن كل الأعمال التي قام بها لخدمة الناس!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
ربي يرحمو ويجعل اعمالو نورا يستضيء به في قبره ويجعل الجنة مستقر مقامه
الله يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته