فالواثق بالله يعيش مرتاحًا واثق الخطى ويدرك أن أقدار الله كلها خير
(ظننتُ أنها النهاية لكنها كانت البداية)
هكذا كان عنوان المقال الذي استوقفني في إحدى المجلات التي كنت أتفحصها عشوائيًا من بين العديد من المجلات الملقاة أرضًا، بدأ فضولي يحثني للبدأ بقراءة هذه المقالة ذات العنوان الغريب، وفي تلك الأثناء كانت تتردد في بالي فكرة واحدة "يا ترى ما هي النهاية التي يقصدها الكاتب وكيف تحولت لبداية؟"
كانت القصة التي ذكرها الكاتب في مقالته تتمحور حول أحد معارفه تعرض لنكسات متكررة بأشكال متعددة لا يستطيع تحملها أيًّا كان بدءًا لفقدانه ماله بعد أن كان يُصنف من أغنياء بلده، ثم فقدانه صحته ثم عدم مقدرته لتدريس أبنائه والكثير الكثير، ولكنه لم يستسلم ولم يُسلّم نفسه لليأس والقنوط بل كان شعلة أمل واثقٌ بربه أنه لن يخذله، لكن لسوء حظه جاءت الضربة القاضية ذات يوم على هيئة مرض نادر أصاب أحد أبناءه ولا يوجد علاج لهذا المرض سوا ببلدٍ آخر غير البلد الذي يقطن فيه، والمشلكة الأكبر كانت تتجلى في المبلغ الذي تحتاجه تلك العملية والذي لا يملك هذا الوالد المسكين أي مبلغ منه..
توالت الأيام ولكنّه لم يفقد الأمل ولم تهتز ثقته بربه مثقال ذرة وكان دائمًا ما يردد قول الله تعالى "أنا عند حسن ظني عبدي بي" إلى أن جاءت لحظة مأساوية تفاقمت حالت ولده إلى أن وصل إلى مرحلة الخطورة..
ذهب هذا الرجل إلى المشفى وتم إدخال ولده الى قسم الطوارئ وأخبروه بضرورة نقله إلى البلد الاخر بالسرعة القصوى لإجراء العملية حتى لا يلقى حتفه !
كان يمشي هذا الوالد في أروقة المشفى وكأن فوق رأسه الطير من شدة حزنه، وفجأة جاء أحدهم راكضًا إليه يقول "يا أبا فلان كيف حالك أنا ابحث عنك منذ مدة طويلة فقد عاد ابني المهندس من السفر ورأى المنزل الذي بنيته لنا وقال أن هنالك فرق في التكلفة يجب أن نعطيك إياها ومنذ ذلك اليوم وأنا أجوب الأماكن باحثا عنك " صُدم الرجل من هذه المفاجأة السارة، وحين رأى المبلغ الذي أعطاه إياه الرجل امتلئت عيناه بالدموع ثم سجد شاكرًا لله وركض عائدًا للمشفى لبدء إجراءات نقل ولده إلى البلد الذي سيتم بها العلاج"
ثم أسفل القصة كتب الكاتب باللون الغامق * ظن أن ولده سيفراقه في ذلك اليوم وستكون هذه النهاية بالنسبة له، لكن أمله بخالقه جعل هذا اليوم هو بداية عمر جديد لقرة عينه*
أغلقت المجلة بعيونٍ دامعة من شدة التأثر وفي بالي ألف سؤال وفكرة، يا ترى كيف يمكن تحوّل المصير بلمح البصر، يا إلهي ما أعظم التقادير الإلهية ! كيف يمكن لثقتنا بالله تحويل أقدارنا إلى هذه الدرجة، كيف وكيف! ثم بدأت باستذكار مواقف كثيرة كانت الثقة بالله هي المنجى الوحيد فيها، إحدى هذه المواقف تجلت في إبراهيم عندما أُلقي في النار فقال بعزة الواثق بالله: حسبنا الله ونعم الوكيل فجاء الأمر الإلهي: يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم، وغيرها الكثير.
وعندما انتهيت من استذكار تلك المواقف أيقنت أن الثقة بالله هي المفتاح الوحيد لاستكمال الحياة بقلبٍ مطمئن ونفسٍ هادئة، وبدونها لن تكتمل حياتنا وسوف نضيع بين مُشتتات الحياة وعوائقها، فالواثق بالله يعيش مرتاحًا واثق الخطى ويدرك أن أقدار الله كلها خير، فهنيئًا لمن ملئ قلبه بثقته بالخالق 💚
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
أبدعت عزيزتي 💚