قصة واقعية عن ما حدث معى بسبب إستخدام مواقع التواصل الإجتماعي.
استيقظت في صباح ذلك اليوم علي صوت رنة الرسائل الخاصة بهاتفي ، إنها ليست رسالة نصية إنه إشعار (Notification ) من الفيسبوك يُذكرني بأنه يوم ميلاد إحدي صديقاتي ، وعندما وقعت عيناي نصف المفتوحة علي الإسم إتسعت ليس من الدهشة فقط بل من الصدمة أيضاً .وقعت ذاكرتي في الأسر بين لوم وعتاب - فدائرة أصدقائي محدودة - فكيف أنسي صديقة طفولتي لعام كامل ؟ ومهما كثُرت مشاغل الحياة كيف أنسي مثل هذا اليوم تحديداً !فتحت محادثة الفيسبوك الخاصة بيننا (الشات ) وخيمت علي عيني غيمة من الدموع حجبت عني الرؤية قليلاً عندما رأيت تاريخ أخر محادثة بيننا كان في مثل ذلك اليوم - يوم ميلادها من العام الماضي – وحزن قلبي لذلك ،
ولكن الحزن الحقيقي كان في أخر رسائلها ، في الإكتئاب الواضح بحديثها في معانتها من الوحدة - رغم حديثنا اليومي آنذاك - وعالمها الذي إنزوت فيه رغماً عنها ، في حماستها الباهتة تجاه كُل شئ ، في أحلامها المعتقلة بين منشورات العالم الأزرق تخشي ملامسة أرض الواقع فتتحول إلي كومة رماد تتلاشي ببساطة بفعل نسمة هواء رقيقة ، في عمرها الذي إنفرط منها كحبات المسبحة في عالم إفتراضي ظنت لوهلة أنه سيُغنيها عن عالمنا الحقيقي .. عبث الشيطان بعقلي قليلاً وانا أبحث لإجابة عن سؤالي تُري ما سبب إختفائها لعام كامل من علي مواقع التواصل الإجتماعي ؟ تفاجأت بنبرة صوتها تأتي علي الطرف الأخر من الهاتف بعد إتصالي بها ، أعرف نبرتها هذة جيداً كُنت أسمعها دوماً حين تتفوق في أصعب إمتحان بالصف ، تلك النبرة المُفعمة بالشغف والأمل والثقة والحياة ، وبعد محادثة هاتفية أستمرت أكثر من ساعة أستمع فقط لإنجازاتها خلال عامها الماضي ، تركتني وحيدة مع جملتها الأخيرة الذي قالتها وكأنها تحررت من أسر حقيقي وخرجت إلي فضاء الله ، قالت " لقد فعلتها وأصبحت حرة بعيداً عن ضجيج هذا العالم " .
ميز الله عز وجل بني الإنسان عن غيرهم من المخلوقات بالعقل أولاً ، ثّم سخر لهم الكون بأسره لخدمتهم ثانياً - بإستخدام العقل طبعاً – ولكن ما يحدث الآن هو عكس ما ينبغي أن يكون ، فمواقع التواصل الإجتماعي من فيسبوك ، وتويتر ، وإنستجرام ، وسناب شات وغيرهم من مواقع العالم الأزرق سخرت الإنسان بين لوحة مفاتيح وشاشة وصنعت الوهم بعقله أنها عالم بديل عن الواقع ، فسرقت من عُمر وحلم البعض ولمعت في أعين البعض الأخر وجعلتهم يلمعون معها كالنجوم الزائفة في السماء الخيال الكاذبة بقليل من الإعجابات والمتابعيين .
لن أنكر دور مواقع التواصل الإجتماعي في أنها سيطرت علي عرش الإعلام في سريعة إنتشار الأخبار وتأثيرها الفعال علي المجتمعات ، ولن أنكر كذلك دورها في تخطي حاجز الزمان والمكان في التواصل مع الآخرين في زمن إبتعاد الكثيرين – رغماً عنهم – عن أوطانهم وزويهم ، ولكنها في النهاية عبارة عن دقات لوحة مفاتيح وشاشة زرقاء لا يعلم أحد سوي الله ماذا يختفي ورائهم .لن أقول أني إبتعدت عن مواقع التواصل الإجتماعي للآبد كصديقتي ، ولن أنصحكم بفعل هذا بل ما أعنيه هنا أن نستخدمها كما يجب ، فيمكنك إستخدامها في تطوير ذاتك ، في متابعة قائمة اشخاصك المُلهمين ، في تعزيز شغفك وحلمك ، في أي شئ تراه يُفيدك ولا يُلهيك عن ترك رسالة طيبة علي جبين هذا الكون قبل رحيلك .فمع بداية العام وأنت تحدد أهدافك حدد أسبابك الحقيقية التي تدفعك لإستخدام مواقع التواصل الإجتماعي ، وإن وجدتها لا تعود عليك بنفع وفائدها لا تنزوي في عالمها الإفتراضي و اتركها واستمتع بحياتك التي منحها الله إياك كي تّحياها .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
جميل