المدونة إرشادية و هناك شخصية وهمية اسمها (عقل) وتوضح لنا مدى أهمية عقل الإنسان و أساليب تساعدنا على استغلاله بالطريقة الصحيحة.

- دليل عقل المرء فعله. – أرسطو.

مرحباً أنا اسمي عقل وأسكن في دماغك ولدي الكثير من المزايا ويقال عني العديد من الخرافات وهذه مواضيع ليست بمهمة الآن.ولكن المهم الآن أن أُعرفك عن نفسي وأقول لك المعلومات الصحيحة عني. بالإضافة إلى موضوعنا الأساسي اليوم الذي سنتطرق إليه بعد قليل، والذي يبدأ بسؤال نسأله لأنفسنا كل صباح ماذا لو؟.

بدايةً سأعرفك عن نفسي أنا عقل وأنا عبارة عن مجموعة من القوة الإدراكية التي تتضمن الوعي، المعرفة،التفكير. وأمتلك القدرة على التخيل، التمييز والتقدير. مسؤولاً عن معالجة المشاعر والانفعالات، ببساطة أنا الأشياء التي يستطيع العقل القيام بها. مثل التركيز، الإبداع، تخزين المعلومات و الذاكرة. كما أني انقسم إلى قسمين العقل

الواعي: وهو الجزء المتعلق بالعمليات الإدراكية في الدماغ، ويعمل في حالة اليقظة، ويدير من 5-10% فقط من وظائف العقل. العقل اللاواعي: وهو ذلك الجزء من العقل الذي يعمل بعيداً عن الإدراك، وفي أوقات معينة بالمنام ويدير من 90-95% من وظائف العقل، كما أنه لا يفرق بين الخيال والواقع.

أعلم أني تحدثت كثيراً ولو أستطيع أن أتحدث أكثر فيمكنني ذلك. ولكن أعتقد أن هذا القدر من التعريف عن نفسي كافٍ لهذه اللحظة. لنتطرق لموضوعنا الأساسي الذي ذكرناه في بداية حديثنا لِنُكمل ماذا لو توقفنا عن العمل لأي سبب كان؟ ماذا سيحصل لي أنا العقل الذي يمتلك قوة كبيرة لا يمكن قياسها. لنستثمرها نحن البشر في التعلم، الإنجاز والعمل ولنستخدمها كما حثنا ديننا الإسلامي والقرآن الكريم على استخدام عقلنا في الكثير من الأمور. وفضلنا الله تعالى على كثير من الخلق بالإدراك والتمييز كما ذُكر في الآية الكريمة (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).

فالعقل هبة إلهية لذلك يجب علينا استخدام بعض من هذه الأساليب المفيدة التي تساعد في تطوير واستثمار عقلنا بشكل صحيح. وأحد هذه الأساليب هو العمل ثم العمل ثم العمل ولو كان هناك عوائق فلا يمكننا أن نستسلم. سأحكي لكم آخر تجاربي أنا "عقل" كنت متواجد في عقل أحد الأصدقاء الذي كان يعمل بوظيفة دوامًا كاملًا. و كان سعيد جداً وفي أول ثلاثة أشهر له في العمل في قسم صناعة المحتوى أتت جائحة كورونا كالصاعقة على رأسه. لأنه كان دؤوب، مجتهد و محب لعمله. وهو من الأشخاص الذين يحبون العمل والخروج وأن يعيشوا أجواء العمل بكل تفاصيلها. فعندما أتت الجائحة وتم تطبيق الإجراءات الاحترازية كان أول إجراء تم اتخاذه هو تطبيق العمل عن ُبعد أو كما ُيطلق عليه باللغة الإنجليزية العمل من المنزل. بعد تطبيق الإجراء تم إعطاء كل موظف خمسة أيام إجازة رسمية لترتيب أمورهم والتأقلم مع الوضع الجديد. فكان صديقي في حالة من الذهول والصدمة ولا يعرف ماهي الطريقة الصحيحة للتعامل مع الوضع الحالي.

فتوقف كلياً عن العمل لمدة يومين فماذا حصل لي أنا "عقل" في هذه اليومين؟ بدأت بالشعور بالألم الشديد وارتفعت حرارتي وكدت أن أدخل في حالة من الاكتئاب ومع مرور الأيام بدأت بالضمور شيئاً فشيئاً. لأني لا أستطيع أن أتوقف عن العمل إلا لفترة محدودة،وهي غالباً ما تكون عند وقت النوم لأستعيد طاقتي من جديد. هذه الأعراض التي حصلت لي وكان من المؤكد أن تظهر نتائج هذه الأعراض التي أصابتني على صديقي أيضاً. فماذا حصل يا تُرى؟ صديقي استيقظ من النوم في اليوم الأول يشعر بتعب جسدي ولديه صداع شديد في رأسه ولم يستطع ممارسة يومه بنشاط كما يفعل كل يوم. وكان اليوم الأول يوم لا يمكننا أن نحسبه كيوم عادي لأنه كان مليء بلا شيء. وكل هذا حدث نتيجة يوم واحد فقط بلا عمل فماذا عن اليوم الثاني الذي كان أكثر سوءًا من اليوم الذي قبله. مع صباح اليوم التالي لم يهن عليَّ رؤية صديقي بهذه الحالة كما أنني ازداد سوءًا مضاعفاً يوماً بعد يوم. فقلت له: ياصديقي دعنا نتبع بعض الأساليب التي تساعدنا في التخلص من هذه الأزمة:

أولاً: يجب علينا تهيئة أنفُسنا والمحيط من حولِنا بتوفير البيئة المريحة لتطبيق نظام العمل عن ُبعد.

ثانياً: تجهيز كل الاحتياجات الضرورية مثل: الاحتياجات التقنية، مساحة للعمل مريحة ومجهزة بالجهاز الذي سنعمل عليه، المكتب الخاص بنا فيه جميع الأدوات التي نحتاجها أثناء العمل.

ثالثاً: تهيئة الغرفة بنفس أجواء العمل الذي كنت تعيشها من تحضير القهوة، لباس العمل المريح، إشعال الأنوار، بإمكانك التحدث مع الأصدقاء عبر التطبيقات أو المنصات المتاحة لعدم الشعور بالوحدة، أو التغيير المفاجئ وسهولة التعود عليه تدريجيًا.

رابعاً: وهو المهم جداً الجانب النفسي تهيئة نفسك أن هذا الوضع المؤقت سيمضي وجدولة يومك على هذا الروتين. مع إضافة بعض من الأنشطة والهوايات إلى الجدول.

خامساً: ممارسة الأنشطة مثل الرياضة المفضلة لديك أو المشي، أن تشغل وقت الفراغ بالجلوس مع العائلة، القراءة، ممارسة هواياتك وغيرها من النشاطات المفيدة لجسدك وعقلك.

ولله الحمد والشكر اتَبَعْ صديقي هذه الأساليب وقام بالتحسن يوماً بعد يوم. كما أنه تأقلم مع الوضع الحالي بشكل جيد واستمر في العمل عن ُبعد وزادت إنتاجيته بنسبة ٥٠٪. ويقوم بإنجاز مهامه اليومية في الوقت المحدد وبسرعة هائلة. يا لها من قصة رائعة ! هل أعجبتكم ؟ أخبروني برأيكم ولكن قبل أن تخبروني إذا نالت القصة إعجابكم فلنستوقف للحظات ونسترجع عنوان قصتنا وهو السؤال (ماذا لو؟ ). لاتدع هذا السؤال يسيطر عليك، يسبقك الوقت وتسرق منك أحلى لحظات حياتك، في التفكير من غير فعل. حاول أن تخرج من دائرة الراحة وتمارس عملك مهما كانت الظروف قاسية. لا تجعل هذا السؤال يشغل تفكيرك ويصبح هو الغاية الأساسية ومحور حياتك. فالفراغ أكبر نقمة والعمل أكبر نعمة ولنا أدلة كثيرة على العمل كما ذُكر في الآية الكريمة (وَقُلِ اعْمَلُوا) رسالة إلهية و سنة حياة. ودليل آخر على قيمة العمل ومدى تأثيرها الإيجابي على حياة الإنسان، مقولة سليمان عبدالعزيز الراجحي " العمل فيه أُنس للإنسان، واستثمار لطاقته ووقته. وعدم وجوده يجلب الفشل والمرض وضياع الأعمار". وفي ختام قصتنا نصيحتي لكم أصدقائي أينما كنتم خاصةً جيل الشباب لا تجعلوا حياتكم فارغة بلا هدف. استثمروا عقلكم وطاقاتكم في العمل والتطوع ساعدوا الغير أو

المحتاجين ابحثوا عن العمل بكل الطرق الممكنة. لا تجعلوا العمر يمضي في غفلة بلا إنجاز و تحقيقًا للأحلام فأنتم مستقبلنا الواعد.

وتذكروني دائمًا "ماذا لو؟" توقفتم عن العمل ما الذي سيحصل لي؟ كما ذكرت لكم سابقًا.سارعوا الآن و ابدأوا بالعمل قبل فوات الأوان :(.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

ماشاء الله عليك منيره من جد ملهمه الله يحفظك

إقرأ المزيد من تدوينات منيره الشريف

تدوينات ذات صلة